منذ بدء الحرب في 12 تموز 2006، كانت مهمة أربعة مقاومين التصدّي لأي تقدّم متوقّع من المدخل الجنوبي ــ الشرقي لبلدة حولا الحدودية. هناك، قرب موقع «العبّاد» الإسرائيلي المحصّن، وعلى بُعد عشرات الأمتار من الحدود، توقّع رجال المقاومة دخولاً عسكرياً ينطلق من الموقع باتجاه البلدة وصولاً إلى وادي السلوقي.

اختار المقاومون نقطة عسكرية، كان يستخدمها العدو قبل تحرير الجنوب في عام 2000، تمكّنه من كشف عمق الوادي. مرّت أيام على الحرب والشباب يترقّبون، «كنا نعتمد في طعامنا على ما تركه لنا صاحب المنزل الذي سلّمنا مفاتيحه وطلب منا استخدامه في كلّ ما يمكن الاستفادة منه». كان القصف الإسرائيلي متقطعاً، لكنه أصاب خزّان المياه «فقدنا مياه الشرب لمدة أربعة أيام إلى أن وجدنا خزاناً للمياه الآسنة».
في منتصف ليل الثالث من آب، اليوم الـ21 من الحرب، بدأ القصف المركّز على محيط المنزل. علم الشباب الأربعة أن تقدّماً سوف يحصل. يقول أحدهم، المعروف بأبي علي «قرّرنا البقاء داخل المنزل، ومراقبة ما يجري. عندما سمعنا أصوات أقدام وجرّافة ومعدّات، علمنا أنهم متّجهون صوب المنزل، فانقسمنا إلى مجموعتين: اثنان خارج المنزل، أحدهما اتخذ مكاناً قريباً من المدخل الأمامي، والثاني اختفى قرب المدخل الخلفي. أما أنا ورفيقي فالتزمنا غرفة داخلية في المنزل». ما هي إلا دقائق، حتى بدأ الجنود يدخلون المنزل من بابه الرئيسي، «لم نفعل شيئاً، كانت الخطة أن نسمح بدخول أكبر عدد ممكن منهم، لكننا فوجئنا أن عددهم كان يزيد على الأربعين». جهّز الشابان في الداخل نفسيهما جيداً للالتحام بالجنود، وبدخول أول جندي إلى الغرفة «قرّر رفيقي ضربه بكعب السلاح ثم ركله بقوة في قدمه، قبل أن يطلق النار عليه ويسقطه أرضاً». لكن الجندي، قبل موته، أطلق النار فأصاب أبو علي في رجله. رغم ذلك استمر في القتال، وحيداً، بعدما تبيّن أن بندقية زميله قد تعطلت. «توجهتُ إلى المطبخ، أطلقت النار على عدد منهم، فسقط أربعة. عدت أدراجي إلى الغرفة، في الوقت الذي كان فيه زميلاي في الخارج يطلقان النيران على الجنود من النوافذ».
في اليوم الـ21 حاول الإسرائيليّون دخول حولا قاصدين السلوقي


قرّر زميل أبو علي في الغرفة استخدام قذيفة الـ«ب 7» فخرج وضرب بها أحد الجنود ليتبين لاحقاً أنه ضابط المجموعة. أما باقي الجنود فقد انقسموا إلى قسمين، قسم في الطابق الأعلى وقسم في المطبخ، «لكن عبورنا من أمامهم جعلهم يطلقون النار باتجاه بعضهم البعض». ما يؤكده أبو علي هو سقوط 12 جندياً بينهم ضابط المجموعة، بينما لم يسقط أي شهيد من المقاومين الأربعة. أما هو، فتبين لاحقاً أنه أصيب بأربع إصابات في أماكن مختلفة من جسمه، وبقي مستمرّاً في القتال.
لم تطل المعركة طويلاً، عندما توقّف الرصاص من أماكن تواجد العدو، التزم أبو علي وزميله الصمت. ليتبين أن الجنود استطاعوا سحب قتلاهم، والفرار من حيث أتوا. خرج أبو علي من المنزل وسقط أرضاً، فحمله زميله إلى الوادي القريب. اعتقد أنه سيُفارق الحياة، فطلب تركه في مكان مخفي، وهذا ما حصل. بقي أبو علي حتى العاشرة صباحاً يصارع الموت، إلى أن حضرت فرقة أسعفته وأوصلته إلى مكان آمن.
تمكّن المقاومون الأربعة من قتل أكثر من 12 جندياً، في منزل واحد، كما تمكنوا من إيقاف التقدّم الإسرائيلي، باتجاه البلدة ووادي السلوقي. «لم نكن نعلم أننا نحن الأربعة قادرون على إيقاف فصيل من الجنود المدجّجين بالأسلحة والمعدات الثقيلة، لكننا كنا على يقين بأن الالتحام معهم سيجعلهم كالدمى، عاجزين عن المواجهة».