هل سعيت لنقل مقرّ وزارة البيئة المستأجر إلى أملاك الدولة لضبط الإنفاق من الخزينة العامة؟
تشغل وزارة البيئة إحدى طبقات مبنى اللعازارية في وسط بيروت المملوك من شركة إنترا. عند تعييني، تسلّمت مكاتب متضرّرة من انفجار مرفأ بيروت. وبرغم أنّي تلقيت عروضاً من القطاع الخاص لترميمها وإعادة تجهيزها، لكني رفضت منعاً لتضارب المصالح، وأصلحنا "من قريبو". ثم حاولت البحث عن مكان في الإدارات الرسمية لنقل المكاتب. تلقيت عرضاً من وزير الصناعة جورج بوشكيان لشغل طبقتين في مبنى الوزارة الذي تملكه الدولة. لكن بما أن شركة إنترا لم ترفع بدل الإيجار الذي لا يزال بالليرة اللبنانية على سعر الصرف الرسمي، جدّدت عقد الإيجار معها ولم أجد أولوية ملحّة الآن.
عند تسلّمك للوزارة، أطلقت وعوداً كبيرة لحلّ أزمة النفايات. لماذا تنتهي ولايتك، كما بدأت، بمعامل متعثّرة؟
أوّل الملفات التي بدأت العمل عليها تشكيل هيئة إدارة شؤون النفايات الصلبة. استعنت بـ15 خبيراً متطوّعاً عملوا مع رؤساء المصالح والموظفين في الوزارة، لوضع الخطة الإستراتيجية التي أقرّتها الحكومة في شباط الماضي بعدما نالت موافقة الوزارات المعنية. الخطة جاهزة لكن تحتاج إلى إقرار مراسيمها التطبيقية في الحكومة المقبلة، ولا سيما تلك المتعلقة بصلاحية البلديات للإدارة اللامركزية التي تسمح لها بفرض تعرفة خاصة بالفرز والمعالجة على المقيمين في نطاقها.
وبهدف تسيير الخطة، جمعنا من المانحين 40 مليون دولار (30 مليوناً كهبات و10 ملايين نقلناها من مشروع مكافحة تلوّث الليطاني) سوف تُنفق بشكل رئيسي على إعادة تأهيل معامل الفرز والمعالجة في بيروت (الخاصة ببيروت الكبرى والمتن) التي تضرّرت من انفجار المرفأ، واستحداث محارق للنفايات ومعالجة انبعاثاتها في صور و عكار.
متى سنلمس حلّ الأزمة؟
كل هذه المشاريع لن تُنجز قبل عام 2023. حتى ذلك الحين، منظومة النفايات الحالية ستبقى كما هي: تُجمع النفايات لتُنقل الى المكبّات. لكن من المفيد أن يبدأ المواطنون بالفرز من المصدر.
وماذا عن أزمة الصرف الصحي؟
ملف الصرف الصحي عند وزارة الطاقة والمياه. نحن ركّزنا على تلوّث الأنهر، ولا سيما الليطاني. حرّكنا تشغيل منظومات محطات التكرير وتوافقنا مع مصلحة الليطاني لتحويل الحوض الأدنى إلى موقع طبيعي. ما يسمح بحمايته من التعديات ومصادر التلوّث.
وقفتم في وجه إعادة تحريك مشروع سدّ بسري. هل تستطيعون وقف سياسة السدود؟
صلاحيتنا تقتصر على منح الأثر البيئي لمشروع أيّ سدّ. منذ تسلّمي، لم يُطرح أمر إنشاء سدّ جديد سوى موافقة الحكومة على الطلب من البنك الدولي استئناف مشروع سد بسري. عارضت في الحكومة سياسة السدود عموماً، خصوصاً سد بسري الذي لا جدوى له. اقترحنا تحويل المرج إلى محمية طبيعية وأعددنا في الوزارة دراسة لبدائل السدود التي لم تكن تجربتها في لبنان مشجّعة. لم تؤمّن المياه في مقابل الضرر البيئي الذي تسبّبت به. هناك بدائل أكثر كفاءة لتأمين المياه للناس منها استخدام الينابيع والآبار وبرك تجميع المياه وصيانة الشبكات.
بعيد تعيينك وزيراً للبيئة، استقبلتك حرائق الأحراج في صور وعكار. هل أوليتم خططَ الوقاية من الحرائق اهتماماً وسط توقّعات بصيف حار؟
أعددنا الخطة الوطنية للوقاية من حرائق الغابات، وسوف نطلقها يوم الأحد المقبل بمناسبة اليوم العالمي للبيئة في 5 حزيران. الخطة وُضعت عام 2009، لكننا طوّرناها وأقرّها مجلس الوزراء بصيغتها الجديدة. وسيكون الأسبوع الأول من حزيران، الأسبوع الوطني للوقاية من الحرائق. وتعتمد الوقاية على تفعيل الإنذار المبكر في الأحراج والغابات المنوط بالبلديات والجمعيات المحلية والمتطوعين إلى أن يتعيّن مأمورو الأحراج. وباكورة الخطة، إطلاق خطتين متكاملتين لإدارة الغابات في منطقتي عكار وجبيل بالتعاون مع وزارة الزراعة وإطلاق استراتيجية لبنان للسياحة المستدامة في الجبال بالتعاون مع وزارة السياحة.
تُطلق الخطة الوطنية للوقاية من حرائق الغابات في 5 حزيران
كثير من وزراء البيئة السابقين تواطؤوا ضد البيئة لصالح أصحاب المرامل والكسارات استغلالاً لكونهم يترأسون المجلس الوطني للمقالع والكسارات. هل تمكنتم من كسر تلك المنظومة؟
ملف الكسارات هو ملف شائك تاريخياً في البلد. أوّل ما قمت به هو تفعيل هيكلية المجلس الوطني للمقالع والكسارات الذي يبدو كأنه مؤلّف من وزير البيئة فقط، إنما هو مؤلف من تسعة مدراء عامين من وزارات عدة. فلماذا يتحمّل وزير البيئة وحده وزر منح تراخيص استثنائية لعمل المرامل والكسارات إلا إذا كان صاحب مصلحة أو منفعة؟ وبما أنّي لست كذلك، فعّلت الاجتماعات الشهرية للمجلس الذي بات يدرس كل طلب على حدة، حتى الطلبات الآتية من الدولة لإنشاءات عامة. هذا بالنسبة إلى التراخيص، أما بالنسبة إلى إيرادات هذا القطاع فهذا أكثر تعقيداً. طلبنا من الجيش اللبناني مسح المرامل والكسارات في جميع المناطق لاحتساب مستحقات الخزينة العامة منها. تبيّن وجود 750 موقعاً، جميع أصحابها لم يلتزموا بشرط إعادة التأهيل الطبيعي لها، فيما دفع عدد قليل منهم الرسوم الواجبة عليهم قبل البدء بالحفر والنقل. ولمعرفة المطلوب من كلّ مرملة وكسّارة، كلّفنا مستشاراً مالياً لتقييم الإيرادات الواجبة على كلّ منها من الرسوم إلى العطل والضرر وإعادة التأهيل. وتبيّن للمستشار بعد دراسة 20% من الملفات، وجوب دفع مبلغ مليار و200 مليون دولار عليها. فيما نتوقع بأنه يجب على الجميع دفع أكثر من سبعة مليارات دولار.
برزت كمتطوّع لإنقاذ الحيوانات الشاردة وحماية الطيور. كيف استفدت من صلاحياتك لاستصدار قرارات ملزمة؟
بالنسبة إلى تطبيق قانون الرفق بالحيوان فهو من اختصاص وزارة الزراعة وساهمت من موقعي الوزاري والإنساني بما يلزم. أما بالنسبة إلى الطيور، فقد استخدمت صلاحياتي بمنع الصيد. لا يحق لي أن أفتح الموسم من دون تشكيل المجلس الأعلى للصيد بعد المجلس الذي انتهت صلاحيته قبل عامين. منذ أيام، تعيّن مجلس جديد بقرار حكومي هو كفيل بفتح الموسم أو إقفاله.
تلقيتم مراجعات حول تمثّل تجار الخرطوش بعضو في مجلس الصيد. هل استجبتم لشكاوى التضارب في المصالح؟
هذا القانون الموضوع في التسعينيات يجب أن يُعدّل. هناك أمور إيجابية فيه وأخرى سلبية. حتى تعديله، أجرينا سبع ورش عمل وتدريب حول صيد الطيور ومحاذيرها.
جمعنا 40 مليون دولار ستُنفق على إعادة تأهيل معامل الفرز
أعددتم خطة لاستثمار تغيّر المناخ ضمن معادلة التمويل المناخي. كيف يمكن تطبيقها في لبنان؟
في عام 2001، صدر قرار تحديد مستوى الانبعاثات من القطاع الصناعي وقطاعَي الطاقة والنقل وغيرها. استطعنا تأمين تمويل من البنك الدولي لإعادة تشغيل شبكة رصد نوعية الهواء المتوقّفة منذ 2019. ولتطوير مواكبة التغير المناخي، نعمل على الترويج للاقتصاد الأخضر بتمويل من الصندوق الأخضر للمناخ في الأمم المتحدة.