لا يزال عدد من مزارعي التبغ ممتنعين عن تسليم محاصيلهم إلى «الريجي». في ظلّ غياب أفق حلول يلبّي مطالبهم برفع التسعيرة، يئس البعض واستخدم محصوله كوقود، بدلاً من الغاز والحطب، «اللّذَين بتنا غير قادرين على دفع ثمنهما»، بحسب المزارع بهيج مهدي من عيترون، الذي بدأ يستخدم محصوله من التبغ كوقود للطبخ.
مهدي الذي زرع 18 دونماً من التبغ مع أسرته وأصهرته، أنتج اليوم 80 طرداً، لكنه أصرّ على رفض تسليم المحصول، «لأن تسليمه بالثمن المحدّد من الريجي لن يُعيد إليه بدل الأموال التي أنفقها على الزراعة، وبالتالي، لن يستطيع زراعة موسم جديد. لذا، فإن استخدام المحصول كبديل عن الغاز والمازوت قد يكون أكثر فائدة بالنسبة له». وهو يعتبر أن «الذين عمدوا إلى تسليم محصولهم من خارج المنطقة، قاموا بذلك إمّا بسبب الجوع، أو لأنهم من التجار الذين اشتروا بالرخص، علماً أنهم ليسوا مزارعين».



في سياق متصل، لفت المزارع طنوس مخول، من رميش، إلى أن «استغلال الفقراء الذين ما عادوا يمتلكون قوت يومهم، لجعلهم يسلّمون محاصيلهم بأسعار أقل من الكلفة، هو عمل مؤسف»، مؤكداً أن «المزارعين الذين تحمّلوا كل التعب والمشقّة باتوا يبحثون عن الخبز لإطعام أولادهم».

من جهته، اتّهم المزارع حسن مواسي، الموظفين في شركة الـ«ريجي» بأنهم «هم من بادَروا إلى تسليم ما حصلوا عليه من المحاصيل، كونهم يملكون رُخَصاً زراعية، بهدف تشجيع المزارعين الفقراء على التسليم»، لافتاً إلى أن «جميع المزارعين في قضاء بنت جبيل لن يسلّموا محاصيلهم، وأن الخروقات قد حصلت في بعض القرى من خارج المنطقة».

كما ذكّر بأن لقاءً لمزارعي التبغ كان مقرراً، اليوم، مع نقيب مزارعي التبغ، حسن فقيه، إلا أنه أُلغي «بسبب عدم ثقة المزارعين بالنقابة، التي لا تعمل لمصلحة المزارعين، بل بما تمليه عليها الريجي». وكان لافتاً، بحسب المزارعين، «عدم لجوء نواب المنطقة إلى متابعة أوضاع المزاعين عن قرب، أو الحضور إلى أماكن الاعتصامات، علماً أن أكثر من 16 ألف عائلة في الجنوب تعتاش من زراعة التبغ». وقد علمت «الأخبار» أن النائب حسن فضل الله دعا المزارعين إلى لقاء في مكتبه السبت المقبل.