شهداء فوج إطفاء بيروت العشرة، الذين قضوا أثناء محاولتهم إطفاء الحريق الذي سبق انفجار المرفأ في 4 آب، افتدوا بمظلوميتهم 348 شهيداً حياً من زملائهم في الفوج الذين تأخر قرار تثبيتهم عاماً وثمانية وأشهر. أمس، أصدر محافظ بيروت مروان عبود قراراً بتثبيت الـ354 إطفائياً ومهنياً ومسعفاً متمرناً، من ضمنهم ستة من الشهداء العشرة. واللافت أن تاريخ التثبيت الوارد بجوار كل اسم هو 2 كانون الثاني 2019، أي الموعد الاعتيادي لتثبيت المتطوعين الملتحقين بالفوج. فلماذا تأخر التثبيت في عهد محافظ بيروت السابق زياد شبيب؟رواية مصدر مسؤول في الفوج تقول إن الشهداء الستة كانوا من ضمن الـ359 عنصراً الذين تطوعوا في الفوج بداية العام 2018، بصفة إطفائي متمرن، من ضمنهم مسعفون ومسعفات. ويقضي النظام الداخلي للفوج بأن يخضع المتطوعون للتجربة لسنة كاملة لدى فوج التدخل الثالث في الجيش، قبل أن يقيّم أداؤهم من قبل قيادتهم لناحية الكفاءة والصحة والمهنية والانتظام. ويقرر التقييم مصيرهم، سواء بالتسريح أم بالتثبيت. الشهداء، الرتباء والإطفائيون والمسعفة (سحر فارس)، كانوا من ضمن من أشادت القيادة بأدائهم، فأوصت في كتابها إلى محافظ وبلدية بيروت بتثبيتهم مطلع العام 2019. عَلِق الكتاب على مكتب شبيب الذي ماطل في التوقيع والموافقة على كتاب قائد الفوج السابق العقيد محمد الحلبي»، وفق المصدر. غادر الأخير الفوج ليخلفه العقيد نبيل خنكرلي (في أيار 2019) الذي تلقّى بداية العام 2020 (أي بتأخير عام كامل) من شبيب كتاباً يعيد تحريك ملف المتطوعين ويطلب بتّ تثبيتهم. خنكرلي أجاب شبيب بأنهم «لم يطوّعوا في عهده». بدوره، شبيب طالب خنكرلي بإعادة امتحانهم من جديد! اقتراح رفضه خنكرلي «قبل مرور عام على توليه مسؤوليته». الأخذ والرد بينهما لم يصل إلى نتيجة، ليبقى أمر تثبيتهم معلقاً حتى استشهادهم، بحسب رواية الفوج.
لشبيب رواية مختلفة. يوضح لـ«الأخبار» أنه «بعد انتهاء سنة التمرن، ظهرت إشكاليات على بعض المتطوعين، فكلفنا ضابطاً لإجراء تحقيق في الشبهات المنسوبة إليهم»، علماً بأن الشبهات وردت في إطار قضية شخصية ارتبطت بأحد قادة الفوج واتهم بها بعض الأفراد المتطوعين، ما أدى إلى تجميد بتّ تثبيت المتطوعين كافة. يتابع شبيب: «خلال إجراء التحقيق، انتقلت قيادة الفوج من العقيد محمد الحلبي إلى العقيد نبيل خنكرلي. وتبادلنا عدة مراسلات للتنسيق. وعندما رفعت اقتراح التثبيت، لم يوافق المراقب العام في بلدية بيروت على التثبيت لأسباب إدارية، منها أن التحقيق لم يكتمل، وأن المسعفات الثلاثين المتطوعات لم يخضعن لتقييم في نهاية سنة التمرين. وهذا الأمر اكتشفته لاحقاً». وكيف انتهت أشهر المراسلات والأخذ والرد؟ «أحلت إلى القيادة كتاباً لإجراء التقييم، لكنه لم يتم».
بالنسبة إلى شبيب ليس هناك «أي عائق قانوني أمام تثبيت الشهداء». أما بالنسبة إلى عبود، فإن «شهداء الواجب سوف يعاملون كما يعامل الجيش شهداءه»، كما قال لـ«الأخبار». أكد أنه وعد عائلاتهم بتكريم أبنائهم مادياً ومعنوياً «حتى الحد الأقصى الذي يسمح فيه القانون». كان جلياً أن كارثة المرفأ أضاءت على الإهمال اللاحق بالفوج. ولولا استشهاد العشرة، لما تحرك ملف التثبيت العالق بهذه السرعة! وبعد أن ارتقى العشرة إلى مرتبة الشهادة في 4 آب، ارتقى أمس الإطفائيون والمسعفة إلى رتبة عريف، والرتباء ارتقوا من من عريف إلى عريف أول.
إشارة إلى أن المثبتين يتوزعون بين 53 مسعفة و301 إطفائي وإطفائي مهني وسائق. أولئك انضموا إلى ملاك الفوج البالغ 834 عنصراً. وكان خمسة من زملائهم في دورة التمرن علق أمر تثبيتهم لأسباب إدارية.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا