خلال اليومين الماضيين، عكف المسؤولون الأميركيون على رسم الصورة القاتمة التي ستطغى على الولايات المتحدة، في الأيام المقبلة، فبدوا كأنهم يواجهون الحقيقة التي كانوا يتعامون عنها، وهذه المرة من دون أي مواربة أو تعمية، الأمر الذي تجسّد في إحاطة الرئيس دونالد ترامب بتطوّرات فيروس «كورونا»، أول من أمس، وفي تصريح نائبه مايك بنس، أمس، الذي وصف الولايات المتحدة بأنها تسير على طريق إيطاليا.بنس أصدر تنبؤاً شديد السواداوية. وفي مقابلة مع شبكة «سي ان ان»، قال: «نعتقد بأنّ إيطاليا قد تكون المنطقة الأكثر مقارنة بالولايات المتحدة في هذه المرحلة». ودافع بنس عن ردّ إدارة ترامب، في الأيام الأولى للوباء، وسط انتقادات متزايدة بأنّ الحكومة الأميركية كانت بطيئة في التصرف. إلّا أنه وجد في ذلك فرصة لاتهام الصين من دون أساس واضح، فقال: «حسناً، أنظر، الحقيقة هي أنه كان بإمكاننا أن نكون أفضل حالاً لو كانت الصين أكثر شفافية».
تصريح بنس، جاء غداة تحذير ترامب من الأسابيع القاسية التي ستأتي، وذلك تعقيباً على النماذج التي طرحها كبار أعضاء فرقة الطوارئ العاملة معه، والتي تفيد بأنّ ما بين 100 ألف و240 ألف أميركي قد يواجهون الموت في الأسابيع المقبلة.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي يضع فيها كبار مسؤولي الصحة العامة هذه التوقعات. لكنّ سلوك ترامب الجدي بشكل غير اعتيادي، معطوفاً على الأرقام المذكورة أعلاه، أعطت إنذاراً لم تحمله إحاطات ترامب السابقة. ففي مشهد صارخ للرئيس ـــــ الذي أمضى أسابيع يخفّف من خطر الوباء ـــــ حذّر من النهاية الوشيكة للكثير من الأميركيين. وقال، خلال مؤتمره الصحافي اليومي بشأن التطورات المتعلقة بـ«كوفيد ــــ 19»: «أريد أن يكون كل أميركي مستعداً للأيام الصعبة التي تنتظرنا. سنمر بأسبوعين صعبين للغاية».
وما يعكس حجم الأزمة، أنّ هذه الإحاطة هي الأولى لترامب، منذ تفشّي الوباء، التي تفتقر إلى عناصر التهنئة الذاتية والأمل الكاذب الذي ميّز قيادته، والتي تتعرّض بدورها لانتقادات كثيرة بسبب تعاملها السيئ مع الواقع الذي فرضه فيروس «كورونا». وقال ترامب إنّ «الأمر سيكون مؤلماً جداً، سنجتاز أسبوعين مؤلمين جداً جداً»، واصفاً جائحة «كوفيد ــــ 19» بأنها «بلاء»، ومعرباً عن أمله في أن تتمكّن بلاده في نهاية هذه الفترة من «رؤية ضوء حقيقي في نهاية النفق».
ولا تنفك وتيرة الوفيات تتسارع في الولايات المتحدة، ولا سيّما في ولاية نيويورك، بؤرة الوباء والتي سجّلت 84 ألف إصابة، من أصل 200,289 إصابة في كل البلاد، فيما وصل عدد الوفيات فيها إلى 1900، من أصل 4,394 وفاة سُجّلت في الولايات المتحدة (بزيادة 341 وفاة في 24 ساعة).
أحصت أوروبا 32 ألف وفاة من أصل 45,408 حول العالم


في هذه الأثناء، شُخصت رسمياً إصابة 906,764 شخصاً في 186 بلداً منذ بدء تفشي الوباء، ما يعني اقتراب العدد الإجمالي من مليون إصابة في غضون أيام أو ساعات. إلا أنّ هذا العدد لا يعكس الصورة كاملة لأن عدداً كبيراً من الدول تكتفي بفحص الأفراد الذين تستدعي إصابتهم نقلهم إلى المستشفى. ومن بين هذه الحالات، يُعتبر اليوم ما لا يقلّ عن 190,901 شخص متعافين في العالم.
ولا تزال إيطاليا، التي سجّلت أول وفاة بكورونا المستجدّ على أراضيها، في أواخر شباط / فبراير، الأكثر تضرراً من المرض، بتسجيلها 727 حالة وفاة خلال 24 ساعة، ليصل عدد الوفيات إلى 13,155 من أصل 110,574 إصابة.
أما الدول الأوروبية الأكثر تأثراً بالمرض بعد إيطاليا، فهي إسبانيا مع 9053 وفاة (بزيادة 864 خلال 24 ساعة) من أصل 102136 إصابة، وفرنسا التي أبلغت عن 3523 وفاة من أصل 52128 إصابة. لكنّ هذه الأرقام لم تمنع وزارة الصحة الإسبانية من إعلان أنّ وتيرة الإصابات الجديدة مستمرّة في التراجع، من أكثر من 20 في المئة، قبل أسبوع، إلى أكثر من 8,2 في المئة. ويواصل معدّل الزيادة في الوفيات التراجع، أيضاً، من أكثر من 27 في المئة، قبل أسبوع، إلى أكثر من 10,6 في المئة، خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية. كذلك، يزداد عدد الشفاءات ليبلغ 22647، أي حوالى 20 في المئة من مجموع الإصابات. والأهم أنّ عدد الأشخاص الذين يتلقون العلاج في المستشفى والموجودين في وحدات العناية المركزة ينخفض، ما يشير إلى أنّ الوباء وصل إلى ذروته، بحسب فرناندو سايمون، رئيس وحدة تنسيق الطوارئ في وزارة الصحة. وتبقى مدريد المنطقة الأكثر تأثراً، حيث سجّلت 42,7 في المئة من الإصابات، و29,2 في المئة من الوفيات، علماً بأن الوباء يتفشى بسرعة أكبر في كاتالونيا (شمال شرق)، حيث يوجد عدد أكبر من المرضى في أقسام العناية المركزة.
بدورها، سجّلت بريطانيا 563 وفاة بفيروس «كورونا»، وهي المرة الأولى التي تتخطّى فيها الحصيلة اليومية للوفيات في البلاد عتبة الـ 500، ما يرفع إلى 2,352 الحصيلة الإجمالية للمتوفين بالوباء على الأراضي البريطانية. وأعلنت وزارة الصحة على موقع «تويتر»، أن حصيلة الإصابات المؤكدة بفيروس «كورونا» المستجد بلغت 29,474 شخصاً، أي بزيادة 4,324 إصابة، في غضون 24 ساعة.
وبذلك، تكون أوروبا قد أحصت 32 ألف وفاة من أصل 45,408 حول العالم.