عطية أكّد لـ«الأخبار» أنه لا يمكنه تفسير ما حصل قبل انتهاء التحقيقات، لافتاً إلى أنه استحصل في ضوء التقرير على «معلومات جديدة قد تكون خطيرة ويفترض التأكد من صحتها، ما يتطلب التوسع في التحقيق». فيما أشار المكتب الإعلامي للمدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان إلى أن «دائرة الرقابة العامة حقّقت بالأمر استناداً إلى كتاب التفتيش، ولا يمكن الإفصاح عن النتائج قبل أن تُحوّل إلى التفتيش».
إلا أن كتاباً رفعه المهندس علي شرف الدين، من دائرة متابعة الأداء في معمل الجية، إلى رئيس المعمل، لفت إلى أسباب أخطر، ملمّحاً ضمناً إلى سرقة الفيول وهدر المال العام. إذ يشير الكتاب إلى «حركة نقل فيول أويل مريبة وغير اعتيادية من الخزان رقم 1 إلى الخزان رقم 3 (370 طناً) بتاريخ 27/1 ومن الخزان رقم 3 إلى الخزان رقم 1 (600 طن) بتاريخ 20/2». وأوضح أنه بتاريخ 26/1/2019 (يوم توقف المجموعتين الرابعة والخامسة) لم يجرِ ربط المجموعتين على الشبكة إلا بعد نقل تلك الكميات من الخزان رقم 1 إلى الخزان رقم 3، ما يعني أن معظم هذه الكمية كانت من المياه.
رئيس التفتيش المركزي يتحدث عن «معلومات قد تكون خطيرة»
مصادر مؤسسة الكهرباء أكّدت لـ«الأخبار» صعوبة حصول سرقة لمادة الفيول أويل، ناهيك عن صعوبة تصريف هذه المادة، لكونها لا تستخدم إلا في المعامل الكبيرة كمعامل الإسمنت مثلاً. ولفتت إلى «تضخيم» و«استغلال العطل التقني لمصالح معينة». وعزت وجود المياه في الخزان إلى أن الفيول يحتوي على نسبة قليلة من المياه تصرّفها الخزانات عبر فلتر خاص. لكن تجمّع الرواسب النفطية في قعر الخزان منع انسياب المياه طبيعياً عبر الفلتر، ما أدّى إلى وصول المياه إلى الأنبوب الذي يضخ في الخزان اليومي، ما أدى إلى توقف الحرّاقات وانفصال المجموعتين عن الشبكة الرئيسية».
ولكن، ألا يُعَدّ ذلك إهمالاً؟ تؤكد المصادر أن «تفريغ الخزان يحصل بإشراف 7 شركات مراقبة وتختم بعدها الجمارك السكر بواسطة رصاصة، ما ينفي أي إمكانية للسرقة أو الإهمال». وتوضح أن «المعمل عمره 47 عاماً، وأصبحت آلاته قديمة، ما يؤدي إلى مثل هذه الأعطال». مصادر في المؤسسة تلمّح إلى «أسباب شخصية» وراء كتاب شرف الدين الذي «يريد إطاحة رئيس معمل الجية ليحلّ مكانه، وهي ليست المرة الأولى التي يقدم فيها تقارير توحي بحصول أعمال سرقة وهدر». إلا أن مصادر أخرى تؤكد أن شرف الدين «وثّق كلامه بصور ومستندات رسمية». «الأخبار» اتصلت بشرف الدين الذي امتنع عن التعليق، إذ لا يمكنه التصريح من دون إذن رسمي. واكتفى بالقول إن «التحقيق كفيل بتبيان من على حق. إما نُحاسب أو يُحاسبوا».
حتى كتابة هذه السطور، لم يكن تقرير التفتيش النهائي قد صدر بعد، علماً أن التحقيق يعود إلى نهاية الشهر الأول من العام الجاري، أي منذ نحو شهرين ونصف شهر، وهذا ما يثير، بدوره، تساؤلات عن التأخير في كشف ملابسات حادثة من هذا النوع في واحد من أكبر معامل إنتاج الكهرباء في لبنان!