قال «بنك عوده سرادار» في بيان أمس إن أرباحه الصافية لعام 2013 تراجعت بنسبة 15.6% لتبلغ 305 ملايين دولار. يعزو البيان سبب التراجع إلى «تكاليف تتصل بافتتاح فرعه للمعاملات المصرفية في تركيا (أوديا بنك)»، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تزامنت مع «تضرّر السوق اللبنانية بالركود الاقتصادي». إذاً، يتحدث «عوده» عن ترابط نسبي بين نتائج فروعه في لبنان وفروع مصرفه التابع في تركيا.
معالم الارتباط واضحة نظراً إلى كون موجودات الفروع التركية التي تأسست خلال 2013 توازي أكثر من 22% من موجودات «عوده» المؤسسة على مدى أكثر من عقدين. «رغم ذلك تبقى الخسارة في تركيا مبرّرة، لأننا مصرف ناشئ، ومن الطبيعي والمنطقي أن تكون نتائج أعمالنا هناك سلبية». يقول المدير المالي والتخطيط الاستراتيجي لبنك «عودة سرادار» فريدي باز. يفضّل الرجل ألا يستعمل توصيف «خسارة»، بل «نتائج سلبية». وفي رأيه إن الخسارة تنتج من سوء الإدارة «وهذا لا ينطبق على حالنا في تركيا». أياً يكن توصيفها، فإن كلفتها بلغت في نهاية 2013 نحو 44 مليون دولار. هذا المبلغ هو «الكلفة التأسيسية للاستثمار. فمن الصفر إلى 31 فرعاً، والإدارة العامة إضافة إلى برامج المعلوماتية... لا شكّ في أن المردود سيأتي مع الوقت، وسنقطف ثمار الارباح لاحقاً» يؤكد باز.
هل يبرّر هذا التفسير كل التراجع في أرباح عوده؟ قطعاً لا. فالأزمة النقدية في تركيا ستنثر آثارها على كل القطاعات والمؤسسات العاملة في تركيا. نشأت هذه الأزمة بسبب «الصراع على السلطة ضمن العائلة الحاكمة» يشير باز. لاحقاً، تحوّلت إلى أزمة فساد تركت هامشاً واسعاً «لحيتان المضاربات» على حدّ وصف باز. باختصار، أصبح الوضع «محموماً» في تركيا وانخفضت قيمة الليرة التركية خلال أربعة أشهر بنسبة 27% مقابل الدولار الأميركي. في مطلع عام 2013 كان سعر صرف الليرة مقابل الدولار يبلغ 1.78 لكنه بلغ اليوم 2.29.
بالنسبة إلى «أوديا بنك»، لا يتردّد باز في القول إن «رأس المال في لبنان بالدولار، لكن القوانين المرعية في تركيا توجب علينا تحويله إلى الليرة التركية». وبالتالي، فإن تدهور أسعار الصرف أدّى إلى «انخفاض في قيمة رأس المال عند تدوينه في الميزانية المجمّعة في لبنان، لكنه انخفاض محاسبي ولا يمكن اعتماده كمعيار للوقائع والمعطيات المالية عن وجودنا في تركيا». يذهب باز سريعاً نحو بعض المؤشرات: «نسبة الملاءة المطلوبة في تركيا تبلغ 15% على سعر الصرف الحالي، وهي أعلى من معدل الملاءة المطلوبة في لبنان والبالغ 12%، أما أوديا بنك فلديه ملاءة تبلغ 15.4%. نحن في المرتبة 14 بين 33 مصرفاً عاملاً في السوق التركية».
في الواقع، إن تدني قيمة رأس مال «أوديا بنك» بنسبة 27% توازي 216 مليون دولار. مبلغ يعادل 8% من رأس المال المجمّع لـ«بنك عوده سرادار» البالغ 2.7 مليار دولار، وهو يوازي 11.36% من رأس مال فروع المجموعة من دون احتساب «أوديا بنك» البالغ 1.9 مليار دولار. الضربة موجعة، لكن باز ينتظر نتائج مختلفة بعد أن تمرّ الازمة التركية الناتجة من «3 استحقاقات سياسية خلال 18 شهراً». يقول إن «نحو20% من تذبذبات أسعار الصرف ناتجة من أزمة عالمية في الأسواق الناشئة تتعلق بتوقف أميركا عن ضخّ النقد في هذه الأسواق، و80% سببها الصراع السياسي على السلطة. ليس هناك أي مبرّر اقتصادي للمضاربات الرائجة في السوق».




اقتصاد صناعي

المشهد الاقتصادي في تركيا مختلف عن التطورات الحالية. وصف المدير المالي والتخطيط الاستراتيجي لبنك «عوده سرادار» فريدي باز لاقتصاد تركيا مختلف أيضاً.
يعدّد باز بعض المؤشرات التي تميّز جدوى الدخول إلى السوق التركية. في عام 2013 بلغت قيمة الناتج المحلي التركي 852 مليار دولار، وهو يساوي ثلث الناتج المجّمع لكل العالم العربي. أما عدد سكان تركيا فيبلغ 76 مليون نسمة، أي ما يوازي 23% من سكان العالم العربي.
عجز تركيا التجاري سببه استيراد النفط بقيمة تتراوح بين 50 مليار دولار و60 مليار دولار، «أما سبب هذا الاستيراد كلّه، فهو استهلاك الصناعات التركية. اقتصاد تركيا ليس قائماً على النفط، بل هو اقتصاد صناعي» وفق باز.