149;دراسة تبيّن أن معظم المساكن قانونية... وتؤكّد سوء الوضع الاقتصادي والاجتماعي
تعدّ منطقة حي السلم من أكثر المناطق فقراً في بيروت، وخصوصاً في الضاحية الجنوبية، وتشهد هذه المنطقة عدة مؤشرات اقتصادية واجتماعية سلبية، فيما التدخل الحكومي غائب عن المنطقة لتصبح التنمية الضئيلة ممسوكة من الأحزاب المسيطرة
أعدّت مجموعة من الناشطين الاجتماعيين دراسة أخيراً عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي في حي السلم، وبيّنت أن أكثر من 98 في المئة من سكان هذا التجمّع هم من الجنسية اللبنانية، كما تتكوّن غالبية مجتمع حي السلم من الشباب الذين تراوح أعمارهم ما بين 16 و35 سنة. وأظهرت الدراسة أن العمران في منطقة حي السلّم في غالبيته قانوني ومرخّص باستثناء المساكن التي شيّدت على ضفاف نهر الغدير. وفيما تغيب المؤسسات الحكومية عموماً عن منطقة حي السلم، يبرز عمل الجمعيات ذات الطابع السياسي، ويعدّ وضع البنى التحتية في منطقة حيّ السلّم سيئاً جداً، وذلك على مختلف الأصعدة: طرقات حي السلّم العامّة والداخلية سيئة جداً، وهي غير صالحة في غالبيتها للسير ولا لاستخدام السيارات. كما أن أغلبية شوارع حي السلّم ضيّقة وجميعها بدون أرصفة ومليئة بالحفر الكبيرة على مدار السنة...

عدد السكان

تقدّر مساحة حي السلّم بنحو 2.7 كلم مربّع. أمّا شوارع حي السلم الداخلية، فهي متعددة ومتشابكة، وسمّي معظمها نسبةً لأسماء العائلات، أو حتى نسبة للمنشآت العمرانية المحيطة. وتتفاوت الأرقام المتعلقة بعدد سكان حي السلم بسبب غياب أي دراسة إحصائية تعطي أرقاماً دقيقة عن هذه المسألة، فقد راوحت التقديرات لدى البعض بين 120 و150 ألف نسمة، لتصل لدى البعض الآخر إلى 250 ألف نسمة. وهناك أكثر من 98 في المئة من سكان التجمّع من الجنسية اللبنانية، إذ يزيد عدد الأجانب من السوريين والعراقيين والمصريين والتابعية السريلنكية عن 1000 شخص. تتكوّن غالبية مجتمع حي السلم من الشباب الذين تراوح أعمارهم ما بين 16 و35 سنة. كما يقدّر حجم الأسرة ما بين 5 إلى 6 أشخاص كمعدّل وسطي للأسرة الواحدة.

التعديات قليلة

قد يخيّل للكثيرين أن العمران في منطقة حي السلّم في غالبيته غير قانوني وغير مرخّص ومخالف لقانون التنظيم المدني، لكن عملياً ليس هناك من تعدّيات تُذكر، باستثناء المساكن التي شيّدت على ضفاف نهر الغدير. فمعظم الأهالي اشتروا العقارات من أصحابها، وهي مسجّلة لدى الدوائر وموزّعة بطريقة الأسهم على الملّاكين.
وتُعاني غالبية المباني في الحي سوء نوعية مواد البناء المستخدمة في معظم المنشآت القائمة، التي بُنيت من دون رقابة أو متابعة من جانب متخصصين، ومن دون الالتزام في كثير من الأحيان بالمواصفات والمعايير المُفترضة في عملية البناء. في حي السلّم نسبة قليلة فقط من المساكن الشاغرة، وخاصة في فصل الشتاء. وتسجّل نسبة ضئيلة من السكان الذين يملكون أكثر من مسكن في منطقة حي السلم (بين 5 و10% فقط من المالكين)، فيما نجد أنّ غالبية القاطنين هم من المستأجرين، تقدّر نسبتهم بنحو 80% من مجموع سكان الحيّ، وغالباً ما تشغر العائلة الواحدة مسكناً خاصاً بها في الشقة الواحدة.

غياب المؤسسات الحكومية

يقتصر وجود المؤسسات الحكومية على مركز الخدمات الإنمائية التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية ويطال إطار عمله المريجة والليلكي وجزءاً من تحويطة الغدير وحيّ السلم وصولاً إلى مثلث خلدة. فيما تغيب المؤسسات الحكومية عموماً عن منطقة حي السلم، أما الجمعيات الأهلية التي لديها مراكز ضمن الحي، فأغلبها جمعيات ذات طابع سياسي، ونادراً ما تقوم جمعيات من خارج الحي بتنفيذ نشاطات إنمائية. كما أن دور البلدية محدود مقارنةً باحتياجات المنطقة.
من جهة أخرى، فإن وضع البنى التحتية في منطقة حيّ السلّم سيّء جداً، وذلك على مختلف الأصعدة: طرقات حي السلّم العامّة والداخلية سيئة جداً، وهي غير صالحة في غالبيتها للسير ولا لاستخدام السيارات. أغلبية شوارع حي السلّم ضيّقة وجميعها بدون أرصفة ومليئة بالحفر الكبيرة على مدار السنةوقد أنشئت في منطقة حي السلّم منذ الخمسينات شبكة مياه رئيسية شملت في حينها 15 اشتراكاً رسمياً وهي اليوم تقدّر بحوالى 500 مشترك. لكن هذه الشبكة قديمة لا تفي حاجات المنطقة الحالية. يعتمد الكثير من أهالي الحي على تأمين حاجتهم من المياه من الآبار التي يحفرها سكان المنطقة. ولم يُنظّم هذا القطاع عن طريق الدولة وإداراتها، إذ يعتمد حوالى 90% من منازل حيّ السلّم على الآبار الارتوازية المشتركة كما على الآبار الخاصّة، بحيث لا يخلو أي تجمّع سكني من وجود بئر مياه خاصة بتأمين مياه الخدمة لساكني الحي. يفوق عدد الآبار الـ500 بئر رئيسية مرتبطة بالشبكة الرئيسية المهترئة. وعلى الرغم من ذلك، يُعاني سكان حي السلّم عموماً مشكلة في تأمين المياه الخاصّة بالاستخدام المنزلي، بسبب شحّ معظم هذه الآبار في فصل الصيف. إضافةً إلى ذلك، تختلط مياه الآبار مع شبكة الصرف الصحي مما يؤدي إلى تلوّثها.
ويقدّم حزب الله المياه إلى السكان عبر مدّه شبكة مياه خاصة، كما يلجأ آخرون إلى تأمين مياه الآبار إلى بعض المنازل لقاء مبالغ بسيطة من المال بحيث تراوح قيمة البدل الشهري ما بين 5000 ليرة و15000 ليرة بحسب كمية المياه التي تستهلكها الأسرة. فيما تتفاقم في بعض الأحياء مشكلة الحصول على المياه طوال أيام السنة، وذلك لعدم وصلها بأي شبكة للمياه مثل حي الزهراء وجزء من حي الجامعة قرب مدرسة الجنان لجهة الجنوب.

الصرف الصحي والكهرباء

تعود شبكة الصرف الصحي الموجودة في حي السلم إلى بداية الستينات من القرن الماضي، حيث أنشئت على الحساب الخاص لأهالي حي عبد الساتر وآل حيدر. لذلك، فإنّ معظم مباني حي السلم موصولة بالشبكة الأساسية التي أصابها الاهتراء بسبب القدم وانعدام الصيانة. ويصل المجرى الرئيسي لشبكة الصرف الصحي إلى نفق المطار ويصب في البحر، من دون أي عملية تكرير. ومع توسّع الحي الكبير بطريقة عشوائية عبر السنين، عمدت نسبة ضئيلة من المباني إلى التخلّص من المياه المبتذلة عبر حفر الجور الصحية.
أمّا الوضع الصحي في المنطقة، فهو جيّد عموماً، ويتمثّل بوجود حوالى 10 مستوصفات ومراكز صحية، فضلاً عن وجود مستشفى الهادي وعدد لا بأس به من الصيدليات والعيادات الخاصة، وتقدّر نسبة المضمونين بحوالى 60%، يتمّ تأمينها إما من خلال طبيعة الوظيفة (وخاصة السلك العسكري من أمن وجيش)، أو من خلال برامج الضمان التي تؤسسها الجمعيات الأهلية والأحزاب وتكون متعاقدة مع مراكز صحية ومستشفيات.

30% سائقون عموميون

وتختلف مهن العاملين في منطقة حي السلّم، إذ فيما ينخرط الكثير من أبناء المنطقة في السلك العسكري من جيش وقوى أمن داخلي (40%)، نجد أن 30% من السكان يعملون سائقين عموميين لسيارات الأجرة والفانات التي تمثّل ظاهرة في حي السلّم. وتتنوّع مهن الآخرين لتشمل قطاع التجارة وخاصّة الألبسة منها. كما يعمل البعض في الزراعة والمهن الحرّة، وهناك موظفون في شركات أمن خاصّة، وفي المعامل المجاورة للمنطقة بشكل مياوم، وهناك نسبة قليلة نسبياً من الإناث في الحي، اللواتي يعملن في مجالات مختلفة (في المعامل والمحالّ التجارية تصفيف الشعر والمكياج...) يشهد حي السلّم نسبة من البطالة المقنّعة قد تصل إلى 50%. وتكثر هذه الظاهرة بين الشباب، ويقدّر المستوى الاقتصادي لمعظم المقيمين في حي السلّم من المستوى المتوسط وما دون. أمّا مستوى دخل الأسرة، فهو يتفاوت بين الحدّ الأدنى للعمال (وخاصة العاملين في المعامل والزراعة) إلى ما يزيد على 1000 دولار شهرياً لبعض العاملين في الحقل التجاري.

شبكة الهاتف والمدارس

قلة من المقيمين في حي السلم مشتركون في شبكة الهاتف (حوالى 50 مشتركاً) وذلك بسبب عدم وجود شبكة تلبّي الحاجة المحلية الكبيرة. نتيجةً لذلك، يستخدم ما لا يقلّ عن 75% من السكان الأجهزة الخلوية، وهناك نسبة أقلّ من المقيمين المشتركين في سنترال هاتفي ضمن أحياء حي السلم، ويقدر رسم الاشتراك الشهري بـ10 آلاف ليرة.
(الأخبار)



لا كهرباء ولا مياه

تطال أزمة الكهرباء والتقنين التي يعانيها لبنان عموماً منطقة حي السلم. ويمكن تلخيص المشاكل المرتبطة بالكهرباء بمسألتين أساسيتين، هما النقص في عدد المحوّلات الكهربائية العائدة إلى شركة كهرباء لبنان التي تعمل على تغذية الحي بالطاقة وهي لا تسد الحاجة الفعلية المطلوبة، إضافة الى التعديات المختلفة على شبكة الإنارة وعلى المحولات الخاصة.
وليس في حي السلّم مياه للشفة، لذا يعمل السكان على تلبية حاجتهم تلك عبر شراء المياه من السيارات المخصّصة لهذا الغرض والمتجوّلة في المنطقة، وتباع العشرة ليترات من المياه بـ500 ليرة، كما أن هناك 14 خزاناً وضعتها جمعية جهاد البناء بتصرف السكان، كما تتوافر محالّ بيع المياه الموزّعة في الحي.