عن الإنتاجات الجديدة، تعلّق عويضة بأنّ ما يجمع الأفلام المشاركة في المهرجان هو تناولها للواقع الذي تعيش فيه، ومحاولتها أن تعكس كلّ المتغيرات التي حدثت في السنوات الأخيرة في لبنان بشكل خاص، وفي العالم ككل بشكل عام. «هنا تأتي أهمية الفيلم الوثائقي الذي يقدّم وثيقة يُفترض أن تكون حقيقية عن الواقع والمجتمع، ويطرح علاقة السينما الخاصة مع الواقع بعرضه كما هو، وطبعاً مع حفظ خصوصية كل فيلم على حدة، وإصرار إدارة المهرجان على عرض عدة وجهات نظر وأنواع فنية مختلفة».
تحدثنا عويضة عن خصوصية الفيلم الوثائقي اليوم وتنوّع وتطور صناعته، إذ حرص المهرجان على أن يضم أفلاماً عدة ذات رؤى وأساليب إخراجية مختلفة، فالمتغيرات الاجتماعية والسياسية في الواقع، لم تؤثر على موضوعات وثيمات الأفلام فقط، بل أيضاً على أدوات التعبير وآليات الصناعة، التي تخلق باستمرار أساليب تلقٍّ جديدة تعبر عن علاقة ورؤية مختلفة للإنسان مع واقعه، من خلال طرح هذا الواقع ضمن وثيقة بصرية تحمل رؤية فنية. وهنا تحكي عويضة عن جدلية علاقة المتلقي بالسينما، وعما يبحث عنه في الفيلم: هل يريد مواجهة واقعه أم الهرب منه؟ تجيب: «عملية التلقي اليوم أوسع من ثنائية الهرب والمواجهة، بل يجب أن تنتقل آلية تلقي الفيلم إلى منحى تأملي نقدي للواقع المعاش يومياً، وهذه مهمة السينما، وخصوصاً الوثائقية. بخلاف أنواع الأخرى، تقدّم هذه السينما رؤية حقيقية موجودة مجردة من البُعد الخيالي الذي يمكن أن يخلق فصلاً بشكل ما عند المتلقي. بل إنّ الوثائقي يربط الجمهور مع واقعه بشكل مباشر عن طريق تصوير هذا الواقع، وليس إعادة إنتاجه عبر قصة خيالية».
أفلام ذات رؤى وأساليب إخراجية مختلفة متأثرة بالمتغيرات الاجتماعية والسياسية
وعند سؤالها عن أهمية إقامة المهرجان اليوم، تعلّق عويضة: «أهمية المهرجان تتجلّى في كونه الحدث الوحيد في لبنان المتخصّص في الفيلم الوثائقي. وفي ظلّ الحركة السينمائية اللبنانية القوية التي يشهدها البلد أخيراً، يجب أن تُخلق مساحات لعرض هذه الأفلام وطرح هذه الرؤى. وبالرغم من الصعوبات اللوجستية المستمرة التي يواجهها فريق إدارة المهرجان، إلا أنّه من الضروري جداً الإصرار على خلق مساحات تفتح حوارات تمكّن صنّاع الأفلام من الاتصال بجمهورهم من جهة، كما تمكّن الجمهور من الاتصال بواقعه السينمائي المعاصر من جهة أخرى. مساحات تقدّم له رؤى تأملية نقدية فنية، تحقّق علاقة وثيقة ما بين السينما والواقع، وهذا ما يسعى إليه مهرجان «شاشات الواقع»».
* مهرجان «شاشات الواقع»: بدءاً من اليوم حتى 14 نيسان (أبريل) ــــ «غراند سينما غالاكسي»، و«مركز بيروت للفن»، و«سينما مونتاني» (المعهد الفرنسي)، و«مسرح بيريت»، وThe Ballroom Blitz، و«ورشة 13» (طرابلس)، و«بيت الفنان» (حمّانا)، و«مركز العمل للأمل» (البقاع) ــــــ الدخول مجاني والحجز ضروري على موقع metropoliscinema.net للعروض المقامة في بيروت