سُئل الشاعر الأميركي أرتشي راندولف آمونز ذات مرّة عن الصورة الشعرية الأقوى في حياته، فقال: «حين توفي أخي الذي يصغرني بعامين ونصف العام، ولم يكن عمره قد تجاوز الـ 18 شهراً، وجدت أمي بعد أيام قليلة آثار قدميه في الباحة، فحاولت بناء حاجزٍ حولها لتقيها من هبوب الريح».يكفي أن تسرد هذه القصّة أمام النجم السوري الشاب إيهاب شعبان وتسأله عن اللحظة الموازية في حياته كممثّل، لتدرك رهافته. تتغيّر ملامح وجهه ويوغل النظر في الفراغ، وكأنّه يرى المشهد يتجسّد أمامه. ثم يجيب من دون تردّد: «أمي! عندما فقدتها جثم حزن العالم كلّه على صدري. في تلك اللحظة، كنت ممثّلاً، لكنّني لم أشعر بما هو أعمق من ذلك. لكن بعدها، وصل بي الأمر إلى درجة أنّني صرت أهدي روحها كلّ ما أنجزه في حياتي». لا تكتمل جمل نجم مسلسل «تاج» (عمر أبو سعدة وسامر البرقاوي) من دون أن تتعثّر بالدموع.
نعود بالحديث معه إلى اللحظات الأولى التي ربّما كانت مغزولة على نول الحنين والشغف. ونستوضح عن المرّة الأولى الأكثر تأثيراً في حياته على المستوى المهني، فيجيب: «أتذكّر المرّة الأولى التي تقدّمتُ بها إلى «المعهد العالي للفنون المسرحية» في عمر الـ 19. رُفضت لخمس سنوات متتالية، فقرّرت التقدّم للمرّة الأخيرة: إمّا تخيب أو تصيب. وبالفعل، نجحتُ في الامتحان...كان ذلك في عام 2011. وفي السنة الثالثة، قدّمنا عرض «زواج فيغارو» (إخراج سمير عثمان ــ 2014) الذي كان من أجمل اللحظات، كونها كانت المرّة الأولى التي أقف فيها أمام الجمهور».
أما بالنسبة إلى الوقوف الأوّل أمام الكاميرا، فكانت في مسلسل «يوميات مدير عام 2» (2011): «أتذكر حينها كم كان دوري صغيراً وكم تناقشت مع المخرج زهير قنوع لصياغته بطريقة مميزة».
وفي إطار الحديث عن شخصية «كابتن زكريا» التي حقّقت إجماعاً نقدياً وجماهيرياً في «تاج» في رمضان 2024، نسأله عن خصوصية العمل مع النجم تيم حسن، فيؤكّد: «تيم شخصية مُلهمة لكثيرين من جيلي، ولا سيّما أنّنا كنّا نشاهد أعماله الرائجة في بداية مسيرتنا. كان العمل معه رائعاً وحضوره لافتاً والتزامه عالياً ناهيك عن بديهيته الحاضرة وبراعته القصوى في حثّكَ على التفاعل معه كممثّل وإخراج أفضل ما لديك».
وردّاً عن سؤال حول حرمان دفعة عام 2024 من مشروع التخرّج في «المعهد العالي للفنون المسرحية»، يوضح: «لا أملك سوى التعاطف المطلق، وأفضّل الإجابة بسرد موقف شخصي حدث معي في السنة الرابعة. أثناء عرض «زواج فيغارو»، جسّدتُ شخصية «فيغارو». يومها، رأت الإدارة أنّ الأمر مجحف! لذلك، وأثناء توزيع الأدوار ضمن المشروع الذي سنقدّمه، اختار الأستاذ المشرف منحي شخصية ليس لها أي أثر على الخشبة ولا تطمح إلى المستوى المتوقّع في مشروع التخرّج. تعرّضتُ للظلم وما زالت حسرة ترافقني حتى اليوم. أتمنى أن يجد كلّ طالب منفذاً لتحقيق حلمه».
وحين طلبنا من الممثل الذي سبق أن قدّم شخصية المطران والمناضل هيلاريون كابوجي في مسلسل «حارس القدس» الحديث عن موقفه مما يحدث في فلسطين المحتلة، أجاب: «حين وافقت على أداء الدور في العمل الدرامي الذي أخرجه باسل الخطيب، كان الأمر بالنسبة إليّ حالة وطنية ومحاولة لإيصال رسالة ورواية قصّة شخصية تاريخية. أمّا بالنسبة إلى القضية الفلسطينية، فلا نملك في الواقع حلولاً فردية لحماية أنفسنا من كلّ هذا الأذى الذي نتعرّض له».