في واجهة الشام من الناحية الجنوبية أيّ عند الطريق الواصل إلى درعا، يقبع شارع «خالد ابن الوليد»، ليكون بمثابة مفتاح المدينة العريقة لواحدة من بواباتها السبع أيّ «باب سريجة». هناك، يواظب تاجر سوري سابق، على دوامه اليومي في التسلية في صالون حلاقة قديم مع جيرانه وأبناء الحيّ. «أبو شادي» كان صاحب أشهر محلاّت شارع الحمراء الدمشقي، قبل أن يعتزل الدنيا ويعتكف، مرواحاً بين المنزل والمسجد. ولن يقصد مكاناً أبعد من صالون الحلاقة ذاك.في أوّل حوار مع «أبو شادي» حول ماذا يشاهد من دراما تلفزيونية، سيفاجئنا بأنّ خياره ذهب نحو مسلسل «الكندوش» (حسام تحسين بيك وسمير حسين). لكنّ السبب الذي جعله يتعلّق بالمسلسل وينتظر حلقاته، هو دور مصطفى الذي جسّده خالد شباط. من هذا المثال يمكن استكشاف خصوصية الممثل السوري الذي صعد سلّم الشهرة بسرعة صاروخية.
بالفعل، يمكن وضع مسلسل مثل «الكندوش» كلّه في كفّة، وأداء شباط لوحده في كفّة مختلفة، لأنه أجاد صوغ مقترح أدائي متفرّد لشاب بسيط إلى حدود متقدّمة. الكاركتير الذي بناه شباط باجتهاد ذاتي والعرض المتكرّر للعمل رغم ما رافقه من انتقادات حادّة، ربما لفت النظر إلى الشاب الذي تعلّم المهنة على أصولها في استديوات ومسارح «المعهد العالي للفنون المسرحية» وعلى أيدي أساتذته. ثم انطلق للعمل في التلفزيون. رغم مشاركاته الواضحة في أعمال بعضها إشكالي مثل «شارع شيكاغو» (محمد عبد العزيز)، إلا أنه اقتنص حصّته من الضوء في عمل عادي بدور مركّب ومشغول بعناية. لاحقاً راح نحو الشهرة الطائلة متكئاً على الدراما التركية المعرّبة، بدوريه في مسلسلي «كريستال» و «الخائن».
رغم حصده جائزة عن «كريستال» بعدما جسّد فيه ببراعة دور مصاب بمتلازمة مرضية نادرة وأدّاه بلهجة لبنانية، إلا أنّ شباط يُدرك بأنّ القيمة الفنية والمجد التجسيدي سيظلّان ناقصين إن لم يكن العمل وازناً يشتبك مع قضايا جوهرية في الحياة. ومهما حصد التلفزيون من شهرة، سيشوبه عيب اغترابه عن القضايا الصغرى والكبرى للمشاهد.
هكذا، ظلّت الجهود متقدة والقدمان متشبّثتين بالأرض من دون أن يُؤخذ بوهم الشهرة السريعة، أو تطاله لوثة النجومية، لأنه يعرف بأنّ سنوات عمله الفعلية لم تتجاوز حتى اليوم أصابع اليدين، والمشوار ما زال طويلاً.
على هذه الهيئة سيكون رمضان المقبل خطوة جديدة في درب خالد شباط، باستحقاق مدهش لشاب في مطلع مشوراه المهني. إذ يتوّج تعبه في هذا العام ببطولتين في مصر، أوّلاهما مع نجم مصري مخضرم بحجم يحيى الفخراني من خلال مسلسل «عتبات البهجة» (كتابة مدحت العدل اقتباساً عن رواية إبراهيم عبد المجيد وإخراج مجدي أبو عميرة). في العمل سنتقفى أثر صانع محتوى على اليوتيوب، يقدّم برنامجاً يُعيد تدوير لحظات السعادة في الحياة، وكيف يتم صوغها. ثم تواجهه ظروف عاصفة يفنّدها المسلسل في بناء قصّته. أما التجربة الثانية للممثل السوري في «المحروسة» لموسم 2024، فستكون في مسلسل «إنتر فيو» (كتابة أمينة مصطفى وإخراج أحمد أمين بطولة رنا رئيس وديانا هشام وآخرين). يحكي العمل عن نادين التي تعمل محللّة بيانات تذهب لإجراء مقابلة فتنقلب حياتها رأساَ على عقب.