رحل الفنان المصري جمعة فرحات (1941-2021)، أحد أبرز أعمدة فن الكاريكاتور في مصر، بعد صراع مع المرض، مخلّفاً إرثاً فنياً عظيماً. عن عمر 80 عاماً، غادرنا فرحات الذي يعتبر آخر فنان من جيل فترة الستينيات والسبعينيات التي شهدت ازدهار فن الكاريكاتور المصري.
بدأ فرحات رحلته مع مؤسسة «روز اليوسف» في ستينيات القرن الماضي، عندما تعرّف هناك على أسماء لامعة في عالم الكاريكاتور أمثال أحمد ابراهيم حجازي وصلاح جاهين وبهجت عثمان وغيرهم. كان وقتها أصغرهم سناً، لكنّه استطاع التفرّد بأسلوب خاص بين هؤلاء الكبار.
استمر عمله في هذه المؤسسة لأكثر من ثلاثين عاماً، لينتقل بعدها إلى «الأهرام». اتسمت أعمال الفنان المصري بالالتزام السياسي والإجتماعي وبانحيازها للفقراء ومحاربتها للظلم والإستغلال، كما كانت ريشته وفية للقضية الفلسطينية، إذ أصدر عام 2017 كتاباً توثيقياً يجمع فيه رسوماته عن فلسطين تحت عنوان «سلام الدم ــ 60 عاماً من الصراع العربي والإسرائيلي».
في 1983، قرّر الراحل الاتجاه صوب الكاريكاتور السياسي بعد زيارته للولايات المتحدة الأميركية، ولقائه بفناني الكاريكاتور هناك.
تولّى رئاسة «الجمعية المصرية للكاريكاتور» في حزيران (يونيو) عام 2015 حتى وفاته. كما نُشرت رسومه في صحف أجنبية مهمة على غرار «هيرالد تريبيون» الأميركية و«يوميوري» اليابانية وغيرهما.
على خطٍ موازٍ، عُرضت أعماله في «المتحف الألماني» في بون وفي «المتحف الدولي للكاريكاتور» في فلوريدا وفي العديد من الصروح الأوروبية.
دخل فرحات أيضاً عالم التلفزيون من خلال برنامج أسبوعي حمل اسم «مع جمعة كل جمعة». كان يعرض من خلاله أبرز رسوم الكاريكاتور المنشورة في الصحف العالمية ومحاكاتها للأحداث الجارية، متناولاً إيّاها عبر الشرح والتحليل.
يُعَدّ فرحات من أكثر فناني الكاريكاتور انتقاداً لنظام حسني مبارك، وكان يرسم في كل الصحف المعارضة، وينتقد العديد من الوزراء. ورغم توجيه تعليمات إليه بعدم الاقتراب من مبارك إلا أنه كان يتحايل على القرار بشكل غير مباشر.
بعد ثورة 25 يناير 2011، كانت رسومات الفنان تصوّب انتقادها على عدم تحقيق أهداف الحراك الثوري الشعبي كالحرية والعدالة والعيش الكريم.
تجدر الإشارة إلى أنّ وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبد الدايم نعت الراحل ولفتت إلى أنّه «يعدّ أحد أبرز فناني الكاريكاتور في مصر والوطن العربي». وأضافت أنه «نجح برسوماته الساخرة في تناول الكثير من القضايا الاجتماعية المهمة».