تسيطر الصين على سوق السلع الأولية للأدوية، إذ تنتج 80% من الوسائط المستخدمة في جميع أنحاء العالم لتصنيع ما يُسمّى المكوّنات الفعّالة في الأدوية «API». عملياً، لا يمكن إنتاج الأدوية مثل الحبوب والكبسولات بلا المكوّنات الفعّالة التي تستلزم صناعتها وسائط تملكها الصين. يُطلق على عملية الإنتاج هذه "التخليق"، وهي تبدأ بالجمع بين مواد خام مختلفة كيميائياً (تسمى وسائط Intermediates) لإنشاء المكوّن الفعّال «API» اختصاراً من (Active pharmaceutical ingredients). ثم يتم خلط المكوّنات الفعّالة مع مكوّنات أخرى، لإنشاء المنتج النهائي على شكل أقراص أو تعبئته في كبسولات. وهذا النمط في الإنتاج يختلف لجهة عن إنتاج الأدوية ذات الجزيئات الكبيرة، مثل البروتينات والأجسام المضادة التي يتم تصنيعها من خلال "التصنيع الحيوي" الذي يتضمن استخدام الخلايا الحية، مثل البكتيريا أو الخميرة، لإنتاج المادة الفعّالة.
أنقر على الرسم البياني لتكبيره

إذاً الوسائط هي مكوّن أساسي لإنتاج غالبية المكوّنات الدوائية الفعّالة التي بدورها يتم جمعها لخلق المنتج النهائي. وتحتوي الوسائط على خصائص مختلفة عن المكوّنات الدوائية الفعّالة وتحتاج إلى التعامل معها وتخزينها بعناية. ومن الضروري التعامل معها بحذر لمنع التلوث أو التعرض غير المقصود أثناء عملية التصنيع.
ومنذ انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية، شهدت صناعة الأدوية في الصين تقدماً سريعاً، إذ إنها استحوذت، ابتداءً من عام 2021، على 12% من سوق الأدوية العالمية بقيمة تصل بحسب وكالة «شينخوا» إلى 502 مليار دولار أميركي. وهي تأتي ثانياً بعد الولايات المتحدة التي تصل حصتها إلى 40% بحسب «ستاتيستا».
لكنّ الصين لم تتوقف عند هذا الحدّ. فبحسب مجلة «نايتشر» العلمية، سجّلت الصين تحوّلاً على مدى العقد الماضي، من التصنيع نحو الابتكار. وهو الأمر الذي أثار قلق صنّاع الأدوية حول العالم الذين اندفعوا أيضاً في اتجاه تصنيف الابتكار في مجال صناعة الأدوية ليكون أولوية. ورغم أن الصين تُعدّ حالياً ثاني أكبر سوق للأدوية في العالم، إلا أن غالبية شركات الأدوية الصينية لا تزال في المراحل الأولى من البحث والتطوير المبتكر للعقاقير. لكن بحسب «ماكنزي»، يشهد مجال صناعة الأدوية في الصين تحولاً هائلاً، لجهة التحوّل من التركيز على صناعة أدوية الجينيريك، إلى نظام يغذّي الابتكار، وهذا ستكون له آثار كبرى على المرضى وشركات الأدوية الأخرى في الصناعة.
بالنسبة إلى بعض المضادات الحيوية يمكن أن تصل حصة الصين من سوق API العالمية إلى 90% و95%


ووفقاً لتحليل «رابطة الأدوية الكيميائية العامة»، فإنه بالنسبة إلى بعض المضادات الحيوية، مثل «سيفالوسبورين» و«أزيثروميسين» و«البنسلين»، يمكن أن تصل حصة الصين من سوق API العالمية إلى 90% و95%. الصين هي المورد الرئيسي للوسطاء إلى أسواق الدول المتقدمة، مثل الولايات المتحدة وأوروبا، وأيضاً مورد رئيسي للوسطاء إلى الهند.