في 10 كانون الثاني 2019، نشرت «الأخبار» كلاماً لوزير المال في حينه، علي حسن خليل، يشير فيه إلى إعداد خطّة لإعادة هيكلة الدين العام. تصريح كانت له مفاعيل واسعة في اليوم التالي. ففيما تراجع خليل عن كلامه، تداعى أطراف السلطة إلى اجتماع عُقد في قصر بعبدا حضره رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، وزيرا المالية علي حسن خليل، والاقتصاد والتجارة رائد خوري، رئيس لجنة المال والموازنة النيابية النائب ابراهيم كنعان، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي قطع زيارته لباريس، ورئيس جمعية المصارف جوزيف طربيه. وفي نهاية الاجتماع تلا خليل بياناً قصيراً، يتبرّأ فيه، باسمه وباسم المجتمعين من كلامه، ومن وجود خطّة للتصحيح الطوعي. يومها جاء في البيان:- موضوع إعادة هيكلة الدين العام غير مطروح على الإطلاق. فالدولة اللبنانية ملتزمة تاريخياً وحاضراً ومستقبلاً بالمحافظة على حقوق المودعين والمصارف وحاملي مختلف سندات الدين السيادية، وذلك تقيّداً بتسديد الاستحقاقات والفوائد في التواريخ المحددة لذلك من دون أي إجراء آخر.
- إن ما هو مطروح حالياً هو تنفيذ الإصلاحات التي اقترنت بها موازنة 2018 من جهة، ومن جهة أخرى ما التزمت به الدولة اللبنانية في مؤتمر سيدر وأبرزها: تحقيق الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ضبط الإنفاق العام وترشيده وخفض عجز الموازنة واستطراداً تأمين التوازن المالي، تعزيز وتنويع القطاعات المنتجة في لبنان.

16.1

مليار دولار هي قيمة الحاجات التمويلية بالدولار في عام 2019 بحسب ما ورد في خطة التصحيح الطوعي مقابل فجوة في التمويل بلغت 10.9 مليارات دولار


عملياً، لم يجرؤ خليل ولا أيّ من شركائه في السلطة على الاعتراف بأن الانهيار آتٍ رغم أن الخطّة أُعدّت «تفادياً للانهيار المالي والنقدي» ولحظت بوضوح أن انهياراً كهذا «يمكن أن يحدث في أي لحظة وهو مسألة وقت فقط». قوى السلطة رفضت الإقرار بوجود احتمال للانهيار يمكن تفاديه بمجموعة إجراءات وتدابير ملحوظة في الخطّة أو خارجها.
في الواقع، كان واضحاً لفريق وزارة المال برئاسة طلال فيصل سلمان الذي أعدّ الخطّة، أن الانهيار حاصل ما يحتّم الانطلاق بعملية تصحيح طوعي بدلاً من الانزلاق نحو مخاطر التصحيح القسري الكارثية. ربما لم تكن تفاصيل الخطّة مثالية، إنما اعترافها بالواقع الذي لا يمكن تفاديه وتحذيرها من الكارثة الآتية، يعكسان حقيقة أن السلطة أخذت قراراً إرادياً بتجاهل هذه المخاطر، واختارت الاستمرار في شراء الوقت حتى لو أدّى ذلك إلى تعظيم الخسائر.
خطّة سلمان للتصحيح الطوعي، تحدّثت مباشرة عن كلفة الهندسات المالية الهائلة التي لم تُجدِ نفعاً، وضُمّنت سيناريو واضحاً عن نتيجة المسار القائم على شراء الوقت. فقد قُدّرت كلفة الهندسات المالية بنحو مليارَي دولار سنوياً، علماً بأن هذه الكلفة باتت اليوم تزيد على 4 مليارات دولار سنوياً (وفق سعر الصرف النظامي). أما فجوة الأصول السلبية (الخسائر) في موازنة مصرف لبنان، فكانت تُقدّر في حينها بنحو 24 مليار دولار، بينما بلغت اليوم أكثر من 60 مليار دولار.
معظم ما تنبّأت به الخطة عن مخاطر التصحيح القسري، حصل. من إعلان إفلاس الدولة واحتمالات إفلاس بعض المصارف، وانفلات سعر الصرف، والهيركات على الودائع، إلى جانب احتمالات بيع أصول الدولة، وفرض وصاية صندوق النقد الدولي في حال الحاجة إلى تدخله لإنقاذ ميزان المدفوعات لتأمين الحاجات الأساسية كالغذاء والأدوية والوقود.


فبعد أسابيع من لحظة وضع الخطة على طاولة خليل، بدأ انهيار سعر صرف الليرة، وبعد سنة وثلاثة أشهر أعلن لبنان إفلاسه، وتوقفت المصارف عن سداد الودائع، كما بدأ التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وطالبت المصارف بالاستحواذ على أصول الدولة مقابل الخسائر في موازناتها. الخطّة افترضت أنه سيكون هناك «كابيتال كونترول» أسوة بما يحصل في دول العالم المفلسة، لكن فاتها أن «حزب المصرف» أقوى، إذ رفضت قوى السلطة تقييد حركة الأموال، وتركت المصارف تطبّق قيوداً استنسابية وغير قانونية. أما مصرف لبنان، فقد عمد إلى استنزاف احتياطاته بالعملات الأجنبية على دعم استيراد السلع الأساسية، وخلق أسعار صرف متعدّدة في السوق من أجل استعمالها كقنوات لإرساء «هيركات» سوقي غير نظامي مقابل طبع كميات كبيرة من النقد الوطني لإطفاء خسائر القطاع المالي. هكذا خسرت الرواتب والأجور في القطاعين العام والخاص أكثر من 80% من قوّتها الشرائية، وتضخّمت أسعار السلع والخدمات بشكل غير مسبوق، وازدادت معدلات الفقر لتشمل نحو نصف المقيمين في لبنان، وتُقدر معدلات البطالة بنحو 40%. ومع استنزاف احتياطات مصرف لبنان، تقلّصت قدرة مصرف لبنان على تمويل استيراد السلع الأساسية، وحان وقت وقف الدعم بما يعنيه ذلك من احتمالات الدخول في تضخم مفرط للأسعار.
اختارت السلطة التصحيح القسري بكل فوضويته وعبثيته وهي عالمة بأنه مسار يعظّم الخسائر ويحمّلها للطبقات الوسطى والفقيرة. اختارت أن تفاقم مفاعيل الانهيار بدلاً من تلطيفها. اختارت الانهيار على التصحيح. قامت بذلك على حساب مصالح المجتمع لأنها كانت تمارس الإنكار، ثم استترت بالعجز. قامت بذلك من دون عدالة أو هدف. السلطة غَدَرَت بنا.
«الأخبار» تنشر القسم الأكبر من هذه الخطّة التي كان عنوانها «الخطة الإنقاذية للنظام المالي والنقدي والاقتصادي تفادياً للانهيار».
الخطّة التي أنكرها وزير المال واجتماع بعبدا

الخطة الإنقاذية للنظام المالي والنقدي والاقتصادي تفادياً للانهيار
تصحيح مالي طوعي وإصلاحات فورية وإنماء اقتصادي
النزيف المالي في موازنة الدولة مع نزيف الدولار من احتياطي مصرف لبنان بسبب العجز التجاري، وازدياد حاجات الدولة والاقتصاد إلى الدولار، وفقدان الثقة، مع اقتصاد معدوم، كلّ ذلك فرض واقعاً على النظام المالي والنقدي لا يمكن عكسه.
حاجات الموازنة من جراء الفاتورة النفطية والتزامات المعاشات بما فيها التقاعدية، وضعف القاعدة الضريبية من جراء اقتصاد متقلّص وغير منتج، أدّت إلى خدمة دين يُستحال إيفاؤها، إذ أصبحت أعلى من قدرة النظام المالي بأكمله على تمويلها. بالإضافة إلى ذلك، قطاع العقارات الذي يُعتبر محرّكاً للاقتصاد اللبناني بدأ بالتدهور رغم كل التحفيزات على قروض الإسكان. إن كل المؤشرات تشير إلى أن الأزمة قد بدأت فعلياً.
الخطّة التي أعدّها فريق في وزارة المال برئاسة طلال فيصل سلمان في مطلع 2019 أشارت إلى أن الانهيار «مسألة وقت»


التصحيح المالي القسري سيقرّ بإعلان إفلاس الدولة اللبنانية وإعادة هيكلة الدين العام وسيفرض معه احتمال إفلاس قاسٍ لبعض المصارف المحليّة، وإضعاف الليرة اللبنانية لتخفيف الطلب على الدولار، وفرض قيود على حركة الأموال لعدم هروب الودائع، بالإضافة إلى خصم من الودائع الكبيرة، وتعليق سلسلة الرتب والرواتب، وبيع أصول الدولة، وفرض وصاية صندوق النقد الدولي في حال الحاجة إلى تدخله لإنقاذ ميزان المدفوعات لتأمين الحاجات الأساسية كالغذاء والأدوية والوقود.
لتفادي الانهيار يجب خفض كلفة الدين بنحو 70% خلال السنوات الخمس المقبلة، تحقيق فائض في الميزان الأولي يصل إلى 3 مليارات دولار سنوياً في عام 2022، وتحقيق نمو اقتصادي يتصاعد نحو 5% في عام 2022.
لذا يجب إطلاق عملية تصحيح مالي طوعي مع إصلاحات فورية وإنماء اقتصادي لتفادي النتائج المؤلمة، أهم بنودها:
(1) إعادة هيكلة للدين العام بالاتفاق مع المصارف المحلية ومصرف لبنان.
(2) وبالتوازي تلتزم الحكومة بخطّة إصلاحية جدية وواضحة تتضمن إصلاح قطاع الكهرباء ونظام التقاعد، كما إدخال خطوط تقشفية جدية على موازنة الـ 2019.
(3) زيادة بعض الرسوم الجمركية لحماية وتشجيع بعض الصناعات الوطنية وتخفيف الأعباء على ميزان المدفوعات ريثما تُطبق خطة اقتصادية فعّالة.
(4) إطلاق عجلة سيدر (CEDRE) مع تعديلات في طريقة التمويل وأولوية القطاعات.
تشكيل الحكومة يعطي بعض الثقة المؤقّتة، إذ أن انخفاض احتياطات الدولار وتزايد حاجة الدولة التمويلية والحاجة الاستيرادية للقطاعين الخاص والعام يفوقان قدرة القطاع المالي. هذا يعني أن الانهيار المالي والنقدي يمكن أن يحدث في أي لحظة وهو مسألة وقت فقط يمكن تسارعه من خلال تغيّر صغير في أسواق اليوروبوند اللبنانية، أو تغيّر التصنيف الائتماني للبنان، أو تناقل خبر شحّ الدولارات بين المودعين في لبنان.


هيكلة الدين العام
(1) – إعادة هيكلة للدين العام بالاتفاق مع المصارف المحلية ومصرف لبنان من خلال إعادة إصدار سندات الخزينة بالليرة اللبنانية كما سندات اليوروبوند ما سيستهلك جميع أرباح المصارف في السنوات الخمس القادمة من دون الاستغناء عن أي موظف.
أ – إعادة إصدار سندات الخزينة بالليرة اللبنانية
لانتظام المالية العامة ووقف تدهور أرقام الدين العام بسبب تراكم خدمته نقترح إعادة إصدار جميع سندات الخزينة بالليرة اللبنانية، باستثناء المحمولة من الضمان الاجتماعي، بفائدة 3% مع إصدار سندات جديدة للتمويل التي تستحق ولتمويل العجز ريثما الإصلاحات التي تلتزم بها الدولة تُؤتي ثمارها، وذلك بفائدة 6% على أن يؤمّن مصرف لبنان أي فرق لضمان حقوق المودعين من خلال الاستمرار بالهندسات المالية التوسعية ريثما يصوّب مسار الدين العام. ذلك يخفّض خدمة الدين بالليرة اللبنانية من 20 مليار دولار إلى 7.8 مليارات دولار بين عام 2019 وعام 2023 ما يخوّل استعمال الفائض في الميزان الأوّلي الناتج عن الخطوات في الجزء الثاني أدناه نحو خفض أصل الدين.
الخطوات اللاحقة: الاتفاق مع مصرف لبنان والمصارف المحلية على إصدار السندات الجديدة.
أأ – إعادة إصدار سندات اليوروبوند
إعادة هيكلة سندات اليوروبوند تتضمن إصدارات سندات جديدة بـ 30% خصم (haircut) فيصبح إجمالي أصول السندات 21.67 مليار دولار بدلاً من 30.9 مليار دولار، وبفائدة معدلها 6.65% (new weighted average coupon) مقارنة مع معدل الفائدة الأساسية للسندات 6.8% (original weighted average coupon) ومعدل العائد الحالي 11% (weighted average yield) وبآجال أطول. ذلك يخفض خدمة الدين بالدولار من 16.4 ملياراً إلى 10.26 مليارات دولار بين عام 2019 وعام 2023 و25.8 مليار دولار على فترة استحقاق السندات، على أن تكون هنالك خطة جديدة في عام 2023 فصاعداً لإدارة الدين.
إعادة هيكلة اليوروبوند تتطلب مفاوضات مع المصارف والمستثمرين الأجانب ومصرف لبنان بشكل أن نضمن مشاركة 70% من المستثمرين لكي لا يضع أي مستثمر أجنبي الفيتو على الاستبدال.
تتطلب هذه الهيكلة تعيين بنك استشاري وممثل قانوني على غرار الإصدارات العادية ولكن من ذوي الخبرة في إعادة الهيكلة.
الخطوات اللاحقة: تتطلب من جميع المصارف المحليّة أن تصرّح عن تفاصيل مقتنياتها من اليوروبوندز لتنفيذ إعادة الهيكلية وتفادي المحاكم.

نحو إلغاء العجز
(2)- التزام الحكومة بخطّة إصلاحية جديّة وواضحة ينتج عنها فائض في الميزان الأولي بنحو 3 مليارات دولار سنوياً عند اكتمالها.
أ – خفض النفقات في موازنة 2019 بنحو مليار دولار:
على الحكومة خفض نفقاتها فوراً من أجل استدامة الموازنة والتحوّل الجذري من عجز في الموازنة إلى فائض والحدّ من زيادة الدين العام. يمكننا تحقيق وفر إجمالي يصل إلى مليار دولار في حال استهداف بنود الإنفاق غير الملحّة والتي يمكن تأجيلها أو التي يمكن الاستغناء عنها واتباع سياسة تقشّفية في المالية العامة كالتالي:
على الحكومة تنفيذ جميع المواد الإصلاحية المدرجة في قانون موازنة 2018 والتي تنصّ على:
- إلغاء المؤسّسات العامّة التي يرى انتفاء الجدوى الاقتصادية والخدماتية من استمرارها، ودمج المؤسسات التي تتشابه في المهام والخدمات التي تقدمها. ويقدر المبلغ الذي سيوفَّر بنحو 150 مليون دولار.
- تشييد أبنية للإدارات العامة في سبيل استغناء الدولة وإداراتها الرسمية عن أعباء كلفة استئجار المباني والإنشاءات التي تشغلها كمراكز ومكاتب لها بحلول عام 2022 وهذا التدبير سيوفر نحو 140 مليون دولار على خزينة الدولة من إيجارات وصيانة سنوية. حالياً تستطيع الحكومة دفع هذه المتوجبات من خلال سندات (contractor bonds) للسنوات الأربع المقبلة ريثما يتمّ التوصل إلى الحل المستدام أعلاه.

2

سيناريو تضمّنت خطّة التصحيح الطوعي سيناريوهيْن لنتائج إعادة هيكلة الدين العام. السيناريو الأول يفترض بلوغ نسبة الدين إلى الناتج 140% في عام 2023 إذا كان النموّ الاقتصادي بمعدل 1%، والسيناريو الثاني يفترض بلوغ النسبة 125% إذا كان النموّ الاقتصادي 5%


الخطوات اللاحقة: إعادة النظر في موازنة 2019.
أأ – إصلاح قطاع الكهرباء وقطاع التقاعد والتوظيف لتوفير نحو مليارَي دولار
أ – على الحكومة تحديد المسار الصحيح لإصلاح قطاع الكهرباء من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص والذي سيخوّل الخزينة توفير نحو 1.6 مليار دولار سنوياً. يجب البدء ببناء محطات توليد طاقة كهربائية فوراً (وليس استئجار بواخر لإنتاج الكهرباء) وذلك عبر تحويل التمويل الميسّر المقدّم من مؤتمر «سيدر» إلى القطاع الخاص وعدم تحميله للدولة بشكل يضمن الفعالية الاقتصادية والمالية والتشغيلية. أما بالنسبة إلى أمر الاستغناء عن الوقود الثقيل واستبداله بالغاز لتوليد الكهرباء، فيجب محاولة استيراد الغاز المصري سنوياً إذا استطعنا تأمينه بدلاً من محطات التغويز، وذلك سيحقق وفراً فورياً إضافياً قد يصل إلى نحو 300 مليون دولار في أول مرحلة.
الخطوات اللاحقة: اعتماد خطة البنك الدولي للكهرباء من خلال آخر دراسة.
ب – من الملحّ البدء بالإصلاح التدريجي لنظام التقاعد في القطاع العام قبل ارتفاع الالتزامات لنفقات التقاعد بشكل كبير يصعب السيطرة عليه، خصوصاً بعد إقرار سلسلة الرتب والرواتب في القطاع العام التي تضع ضغوطات كبيرة على المالية العامة.
نقترح بعض الإجراءات الحكومية ومنها إعادة النظر في: من سنّ التقاعد الحالي، فصل الرواتب التقاعدية عن أجور القطاع العام وربطها بالتضخم، خفض معدل الاستبدال (replacement ratio) الذي هو مرتفع وغالباً ما يقترب من 85%، الضرائب على رواتب المتقاعدين، مساهمة المتقاعدين في نظام التقاعد، المخصّصات والرواتب لورثة المتقاعدين، المخصصات والمبالغ المقطوعة للأفراد الذين يختارون الرواتب التقاعدية، وإنشاء صندوق تقاعد مستدام يقدر على تمويل رواتب التقاعد والمنافع في القطاع العام.
هذه الإجراءات يمكن أن تخفض الكلفة من 1.8 مليار دولار إلى 1.4 مليار دولار كبداية وثم إلى صفر، إذ أن ذلك يحقّق الاكتفاء الذاتي.
ت – تعليق مؤقت للتدبير الرقم 3 للسلك العسكري إلى حين تنفيذ الإصلاحات في النظام التقاعدي (احتساب الأكلاف والوفر الناتج عن تعليقه مع مديرتي الصرفيات والموازنة).
ث – على الحكومة إنجاز مسح شامل لوظائف الملاكات وتحديد أعداد الموظفين والمتعاقدين والمعاملين بأي صفة كانت، والحصول على التوصيف الوظيفي لموظفي القطاع العام وفقاً للتكليف الصادر بموجب المادة 21 من القانون الرقم 46. أيضاً، يجب تعديل القانون لوقف فوري للتوظيف.


الخطوات اللاحقة: اعتماد خطة البنك الدولي للتقاعد من خلال آخر دراسة.
تقييد الواردات
(3) – فرض قيوض تجارية على السلع المستوردة
استورد لبنان في عام 2017 بضائع بلغت قيمتها 19.6 مليار دولار أميركي ومنها 8.7 مليارات دولار أميركي (اي نسبة 44.6%) من أوروبا. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يسجل ميزان المدفوعات لعام 2018 عجزاً إضافياً سوف يتوسع ليتخطى 4 مليارات دولار أميركي، وذلك رغم اتخاذ مصرف لبنان العديد من الإجراءات كالهندسة المالية مع المصارف وعمليات الاستبدال مع وزارة المالية. بالتالي، إن القيود التجارية ضرورية للبنان من أجل حماية وضع ميزان المدفوعات وتطوير القطاعات المحلية التي تؤثّر على الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط والمحدود، مع الالتزام بأحكام اتفاقية الشراكة المبرمة بين لبنان والاتحاد الأوروبي واتفاقية التجارة الحرة بين لبنان ودول رابطة التجارة الحرة الأوروبية (EFTA).
هذه الإجراءات لا تطاول التبادل التجاري مع GAFTA التي هي اتفاقية عربية لا يجب المس بها لأن غالبية صادرات لبنان تُرسل إلى البلدان العربية…
على الحكومة خفض نفقاتها فوراً من أجل استدامة الموازنة


الإستفادة من سيدر
(4) – إطلاق عجلة «سيدر» مع تعديلات في طريقة التمويل وأولوية القطاعات
التمويل الميسر الذي يوفّره مؤتمر «سيدر» هو فرصة ذهبية للنهوض بالبنى التحتية كأرضية أساسية للنموّ الاقتصادي وزيادة الاستثمارات. لكن لا يجب أن يسبّب هذا النموّ نمواً بالدين العام كما يجب أن يرتكز أكثر على قطاعي الزراعة والصناعة لكي يكون مستداماً وليس فقط نمواً مؤقتاً يدفعه على استيراد المواد الأولية لتنفيذ مشاريع البنى التحتية.

الخطوات التعديلية على سيدر
أ – تحويل جميع التمويل الميسّر المتوفر للدولة نحو الموازنة العمومية للمشاريع، حيث يكون المشروع منفذاً من قبل القطاع الخاص بعد عملية مناقصات شفافة، بشكل أن تستفيد الدولة من الفائدة المنخفضة على قروض «سيدر» لخفض كلفة الخدمات العامة على المواطن كجزء من هيكلة المشروع في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بالمقابل، كل مشروع يجب أن يكون مستقلاً ومربحاً مادياً من خلال تنظيم ماليةِ البلديات (لتغطية مشاريع مياه الصرف، النقل، وإدارة النفايات) وتحسين الخدمة بالتزامن مع تعديل التعرفة وتطوير الجباية (لتغطية مشاريع الاتصالات والكهرباء والمياه).
ب – إعادة النظر في أولوية المشاريع المطروحة، بالاستعانة بوثيقة التقييم الاستراتيجية لسيدر التي نشرها البنك الدولي في نيسان 2018.
ت – توسيع نطاق الاستثمار في قطاع الصناعة ليتخطى المدن الصناعية. البنى التحتية منصّة مهمّة لتشجيع الاستثمارات في قطاع الصناعة ولكن هذا يتطلب وقتاً طويلاً. يجب أن يتضمن «سيدر» اتفاقيات مع شركات من جنسيات الدولة المانحة على أن تُبنى معامل في لبنان لخدمة المنطقة وهذا يشكل عاملاً أساسياً في زيادة الصادرات، نقل الخبرات، خلق فرص عمل وجذب المزيد من المستثمرين.
ث – توسيع نطاق «سيدر» ليشمل قطاع الزراعة والصناعة الغذائية. يجب أن تكون هناك خطة زراعية هدفها رفع مستوى الاكتفاء الغذائي الذاتي وزيادة الصادرات الغذائية. هذا يتطلب دعماً من الدول المانحة على صعيدين: الأول، نقل الخبرات لزيادة العائد الزراعي كما للتعاون في الصناعات الغذائية. ثانياً، تسهيل دخول البضائع اللبنانية إلى أسواق الدول المانحة.
الخطوات اللاحقة: مناقشة مقررات «سيدر» مع رئيس الحكومة.



تقييد الواردات متاح في الاتفاقيات الخارجية
تشير الخطّة إلى أن الطريق مفتوح للتعامل مع مسألة تقييد الواردات. فالمادة 34 من اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي والمادة 23 من اتفاقية التجارة الحرة بين لبنان ودول رابطة التجارة الحرة الأوروبية (EFTA)، تتيحان للبنان إمكانية فرض قيود تجارية عند ازدياد العجز في ميزان المدفوعات كما لتشجيع قطاعات مهمة اقتصادياً واجتماعياً، بشكل مشروط ومدروس لحماية الوضع المالي والاقتصادي. أما النظام الأساسي لصندوق النقد الدولي، فلا يمانع من اتخاذ هذه الإجراءات طالما أن ليس هنالك أي تعديل في سعر صرف عملة معينة.
إضافة إلى ذلك، تنص المادة 11 من اتفاقية التجارة مع الاتحاد الأوروبي والمادة 19 من اتفاقية التجارة مع دول رابطة التجارة الحرة الأوروبية على أنه يمكن للبنان اتخاذ إجراءات استثنائية لمدة محدودة، إما بزيادة الرسوم الجمركية أو بإعادة فرضها على أن تقتصر على القطاعات التي تخضع لعملية إعادة الهيكلية أو التي تواجه صعوبات جدية، وخاصة عندما تتسبب هذه الصعوبات بمشاكل اجتماعية رئيسية. لا يمكن أن تتجاوز الرسوم الجمركية المطبقة على المنتجات المستوردة 25% من القيمة. على أن تحافظ على هامش تفصيلي للمنتجات التي يكون منشؤها أوروبا. ولا يجوز أن يتعدى إجمالي قيمة الواردات من المنتجات الخاضعة لهذه الإجراءات 20% من المعدل الإجمالي السنوي لقيمة الواردات الصناعية والتي منشؤها المجموعة.
وتجدر الإشارة إلى أن المادة 19 من اتفاقية التجارة مع دول رابطة التجارة الحرة الأوروبية تنص زيادةً على ذلك على أنه لا يجوز لهذه الإجراءات الاستثنائية أن تتجاوز الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات إلى لبنان من السلع الممثلة من أي بلد آخر.
في هذا الإطار، نقترح زيادة التعرفة الجمركية على بعض البضائع التي لديها بديل محلي مثل (لحوم حيوانات الأبقار من دون عظمها، جميع أنواع السمك، المياه المعدنية والمياه الغازية، مواد نسيجية وألبسة، زجاج ومصنوعاته، مجوهرات مقلّدة، معدن ثمين) لتشجيع الصناعة المحلية وزيادة العائدات لخزينة الدولة، كما على بعض الكماليات مثل (ماس، سبائك (ذهب)، قضبان من حديد، آلات وأجهزة ومعدات كهربائية، سيارات سياحية ومستعملة، يخوت ومراكب أخرى) من أجل خفض العجز التجاري. بالإضافة إلى ذلك نقترح إعادة الضريبة على القيمة المضافة على المازوت مع انخفاض أسعار النفط. هذه الإجراءات ينتج عنها 778 مليون دولار لخزينة الدولة وخفض العجز التجاري بـ 413 مليون دولار، بالإضافة إلى تشجيع قطاعات إنتاجية عديدة. أما في حال عدم زيادة الضريبة المذكورة أعلاه فسوف تتدنى الإيرادات من هذه الإجراءات لتصبح 558 مليون دولار لخزينة الدولة وخفض العجز التجاري بـ 368 مليون دولار.



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا

تابع «رأس المال» على إنستاغرام