تحدّث بعض المعلّقين عن احتمال فشل تدخّلات المصارف المركزية وتأثيرها الضئيل على الأسواق المالية رغم أنها كانت مفيدة سابقاً وأثناء أزمة 2008. الأسواق المالية تعدّ جهة مموِّلة بديلة للمصارف، لكنها الآن تحتاج إلى التمويل بعد انسحاب المستثمرين منها بكثرة، فيما الحكومات مطالبة بتقديم الدعم المالي للاقتصاد ولمواطنيها. يمكن تأمين مداخيل إضافية لهم من مصادر لديها الكثير من المال. اقتراح ضريبة «كورونا» على الثروة. يجب ألا تسمح ظروف السوق الحالية واحتياجات التمويل بتحقيق أرباح من إجراءات غير نافعة اجتماعياً؛ كل الأموال المتاحة يجب أن تُستثمر في مجال الرعاية الصحية والأشخاص الذين أصابهم «كورونا» والمؤسسات الصغيرة والمستدامة.ما هي ضريبة «كورونا» التي تصيب الثروة، أو ما يمكن تسميته ضريبة البقاء؟
توفير المعلومات عن أولئك الذين يجب أن يخضعوا للضريبة ضروري. هذه الخلفية توضح مصادر المال؛ مصارف الاستثمار العالمية، مديرو الثروات، مديرو صناديق الاستثمار (مديرو الأصول)، يحقّقون أرباحاً ضخمة عبر المشاركة أو تسهيل شروط الاستثمار القصير الأمد. ففي الوقت نفسه، كان لديهم معدل ضرائب منخفض ودفعوا مبالغ كبيرة لشراء أسهمهم.
هناك أمثلة على ذلك:
- حققت Goldman Sachs Group أرباحاً صافية بلغت 8.47 مليارات دولار في 2019. في تلك السنة استعادت الشركة 6.88 مليارات دولار من رأسمالها إلى المساهمين العاديين من ضمنها 5.34 مليارات دولار من الأسهم التي استعيدت عبر عمليات إعادة شراء الأسهم، و1.54 مليار دولار من مخزون أرباح الأسهم العادية. وأعلنت المجموعة توزيع أنصبة أرباح بقيمة 1.25 دولار لكل سهم عادي ستُدفع في 30 آذار 2020. معدل الضريبة الفعلي لعام 2019 بلغ 20% مقارنة مع 16.2% لعام 2018.
- JP Morgan Chase سجّل أعلى مستويات للربحية بين المصارف الاستثمارية في عام 2019. حقّق أرباحاً صافية قيمتها 36.4 مليار دولار، أي بزيادة 12%. كان لديه برنامج بقيمة 29.4 مليار دولار لإعادة شراء أسهمه من بين توزيعات أخرى على مديريه. حصل الرئيس التنفيذي جيمي ديمون على مخصصات بقيمة 31.5 مليون دولار.
- BlackRock الذي يدير أصولاً بقيمة 7.43 تريليونات دولار ومصدر العديد من مؤشرات الصناديق الاستثمارية القصيرة الأجل، حقق أرباحاً صافية بقيمة 4.48 مليارات دولار في نهاية 2019. بلغ معدّل الضريبة الفعلية 22% في 2019 مقابل 20% في 2018. وبلغت مكافآت المديرين والموظفين 4.47 مليارات دولار، فيما بلغت أنصبة الأرباح الموزّعة 13.2 دولاراً لكل سهم. في 23 آذار 2020 وزّع BlackRock أرباحاً بقيمة 3.63 دولارات لكل سهم مقابل أرباح بقيمة 1.92 مليار دولار حقّقها في الربع الأخير من 2019.
ــ UBS المصرف السويسري الذي يركّز على إدارة ثروة الأغنياء، حقق أرباح صافية بقيمة 4.3 مليارات دولار وأعاد شراء أسهمه بقيمة 0.8 مليار دولار، فيما بلغ معدل الضريبة الفعلية عليه في 2019 نحو 22.7%.
- Flow Traders، التاجر الهولندي صانع سوق، حقق أرباحاً بقيمة 53.1 مليون يورو في 2019 مقارنة مع 160.9 مليون يورو في 2018. كان معدل الضريبة على هذه الأرباح 18.7% في 2019، إلا أنه في منتصف آذار 2020، ارتفع سعر سهمه بينما كانت معظم أسعار الأسهم الأخرى تنخفض كما لم يحدث من قبل.
في هذا الإطار، يمكن أن ترفع ضريبة «كورونا» للبقاء على قيد الحياة متوسط معدل الضريبة الفعلي إلى 35% بدلاً من متوسط فعلي مقدّر حالياً بما بين 20% و22%. يجب أن تُفرض الضريبة على أرباح 2019. يجب فرض الضريبة قبل توزيع أنصبة الأرباح للمساهمين عن الربع الرابع من 2019 أو الربع الأول من 2020، علماً بأن بعض الشركات المالية قد وزّعت الأرباح عن الربع الرابع.
يمكن أن تشمل هذه الضريبة:
- المصارف العالمية الضخمة التي يتعذّر إخفاقها (too big to fail) والمصارف المحليّة.
- مديري الأصول مثل BlackRock وVanguard وState Street وPimco وAmundi، الذين يحققون أرباحاً تزيد على 500 مليون دولار.
- صناديق التحوّط وتجّار الأسهم الذين يعملون بتقنيات عالية (HFTs)، وتجار الخوارزميات الآلية، وصناديق الأسهم الخاصة، والجهات المضاربة الأخرى.
- أسواق الأسهم التي تحصل على عمولات ورسوم مقابل السماح للمضاربين من تجار التقنيات العالية والخوارزميات بالوجود قرب خوادم الكمبيوتر الخاصة بسوق الأوراق المالية.
حصول المصارف على إعفاء من ضريبة «كورونا» مشروط بإثبات الاحتفاظ بالأرباح والامتناع عن توزيعها بهدف إقراضها للشركات الصغيرة والمتوسطة بفائدة صفر في المئة من أجل: إلغاء القروض المتعثّرة للشركات الصغيرة والمتوسطة، والعاملين لحسابهم الخاص الذين أصيبوا بالتداعيات الاقتصادية للفايروس، وإعادة هيكلة أو إقراض النشاطات الاجتماعية والبيئية.
يمكن أن يخضع أيضاً لهذه الضريبة الشركات المنتجة للنفط (الوقود الأحفوري) فضلاً عن مساهمي وتجار الأسهم وصناديق الاستثمار وباقي المستثمرين الذين يسعون لزيادة أرباحهم من خلال تجاهل أو التصويت ضدّ الأنشطة الاجتماعية والمسؤولة بيئياً.
يضاف إلى ذلك، تدابير عاجلة أخرى ضدّ تقلبات السوق المالية والإجراءات غير المفيدة اجتماعياً. فمن أجل تجنّب الأرباح الناتجة من المضاربات، هناك معايير يمكن فرضها عالمياً بطريقة منسّقة، وهي:
- فرض حظر عالمي على البيع على المكشوف (Short Selling). العديد من السلطات المالية (مثل دول مجموعة العشرين مثل إندونيسيا وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا والهند) فرضت بالفعل حظراً جزئياً على هذا النوع من المضاربات. إن المراهنة على انخفاض الأسعار، هي استراتيجية نموذجية وأداة لصناديق التحوط، تعزّز الانهيار والتقلّب المفرط للسوق والمشاكل المرتبطة به. الشقوق تظهر بالفعل في الأجزاء الأقل وضوحاً من النظام المالي.
- حظر شامل عالمي على المعاملات تجاه الملاذات الضريبية (بما في ذلك تلك الموجودة في الاتحاد الأوروبي). قد تكون هناك ضريبة على الأموال التي تأتي من هذه الملاذات الضريبية.
- ضريبة المعاملات المالية (FTT) التي تفرض على كل العمليات المالية المتدنية الضريبة بما يخفف من شهية التجار. يمكن استخدام مداخيل هذه الضريبة لتعزيز الميزانيات الحكومية على الصحة وتمويل الأنشطة المستدامة اجتماعياً وبيئياً (بما في ذلك دعم الأكثر فقراً في المجتمعات، ورواتب أعلى لأولئك الذين لديهم «أدوار أساسية» في مجتمعات مثل الممرضات والبلدان النامية وتخفيف آثار تغير المناخ).

* إقتراح ميريام فاندر ستيتشيل في منظمة العدالة الاجتماعية