قراءة التحوّلات في أسعار أسهم البورصة تنطلق من قياس قيمة الأسهم السوقيّة المتداولة للشركات – ومنها المصارف - نسبة إلى موجوداتها الصافية (أي قيمة الموجودات بعد حسم الديون والالتزامات منها). والهدف من دراسة هذا المؤشّر بالنسبة إلى المصارف، يكمن في تقييم ثقة الأسواق الماليّة في استدامة التوسّع الذي تحققه وخصوصاً أن زيادة حجم موجوداتها دفتريّاً لا يعني تلقائيّاً الثقة في متانتها أو مستقبلها.
منذ نهاية عام 2013 ولغاية شهر أيلول الماضي، ارتفعت موجودات المصارف من 164.43 مليار دولار إلى 262.2 مليار دولار، أي بزيادة نسبتها 59% خلال هذه الفترة. وقد نتج جزء كبير من هذه الزيادة من السيولة التي استقطبها النظام المصرفي اعتماداً على أسعار الفوائد المرتفعة الناجمة عن توظيف الأموال في هندسات مصرف لبنان. كذلك، كانت أرباح الهندسات تسهم خلال هذه الفترة في تضخيم ميزانيّات المصارف وأرباحها.
على أي حال، فإن انعدام الثقة باستدامة هذا النمط من النموّ يؤدّي إلى تراجع قيمة أسهم المصارف نسبة إلى موجوداتها. خلال الفترة الممتدة بين 2013 ونهاية أيلول 2019، تراجع مؤشّر أسهم المصارف المدرجة في بورصة من 0.98 لغاية 0.60، أي ما يوازي خسارة نسبتها 39%.
وهذا المسار لا يشمل الهبوط الحادّ الذي حصل في أسعار الأسهم منذ شهر تشرين الأوّل الماضي. منذ ذلك الوقت تراجعت أسعار أسهم المصارف المتداولة بنسب عالية وصلت إلى 80% في بعض الأحيان. عمليّاً، استثمرت المصارف هذا التراجع الحاد في محاولة إقناع بعض المودعين بتحويل ودائعهم أو قسم منها إلى أسهم في المصرف، من أجل تخفيف ضغط كبار المودعين، وفي الوقت نفسه الالتزام بتعميم المصرف لبنان الذي يقضي بزيادة رساميل المصارف بنسبة 20% قبل نهاية هذا الشهر.
تعكس هذه التحوّلات إدراك الأسوق الماليّة لحجم الضغوط المتزايدة التي كان يتعرّض لها القطاع المالي اللبناني منذ عام 2011، والتي كانت مشكلة التحويلات الخارجيّة أحد عوارضها. وبينما كانت الأسواق الماليّة تعكس القلق حيال مستقبل القطاع من خلال تراجع قيمة أسهم المصارف مقارنة مع موجوداتها، كانت التقارير المصرفيّة تحاول التركيز على المؤشّرات الدفتريّة لتأكيد صلابة القطاع. وفي النتيجة، وعند أوّل اهتزاز انفجرت التراكمات التي ولّدتها الأزمة على شكل انهيار كبير.