9500 ليرة لبنانية، هي كلفة وجبة «الفتوش» لأسرة مؤلّفة من أربعة أشخاص، خلال شهر رمضان. هذه الكلفة ارتفعت بنسبة 24% في غضون أيام قليلة، مقارنةً بما كانت عليه قبل بداية الصيام، وبنسبة 237% عمّا كانت عليه منذ عشر سنوات. «جاط الفتوش» ليس إلا مؤشراً على غلاء الأسعار واستغلال التجّار للطلب الاستثنائي على الخُضَر والأطعمة في هذا الشهر، وفي أي مناسبة، فيما تقتصر إجراءات الأجهزة الرقابية على الدوريات وتسطير محاضر للدكاكين الصغيرة.
تصميم: رامي عليّان | المصدر: جمعية حماية المستهلك - جمعية المزارعين

تبلغ كلفة الخُضَر التي تُستخدَم في إعداد «جاط الفتوش» لأسرة لبنانية مؤلّفة من أربعة أشخاص، خلال رمضان، نحو 9576 ليرة لبنانية. ترتفع هذه الكلفة بنسبة 24% عمّا كانت عليه قبل حلول هذا الشهر، إذ كانت تبلغ نحو 7750 ليرة لبنانية. هذا ما تبيّنه أسعار الخُضَر التي رصدتها «جمعية حماية المستهلك»، في مناطق عدّة في بيروت وضواحيها، في 15 و16 أيار الحالي، أي قبل يوم من بدء شهر رمضان وفي اليوم الذي يليه، علماً أن هذه الأسعار زادت بنسبة 167% خلال عشر سنوات وفق أسعار السوق قبل رمضان، وبنسبة 237% وفق أسعار السوق خلال رمضان.
يعدُّ «جاط الفتوش» مؤشراً على ارتفاع الأسعار خلال رمضان، وأيضاً على تضخّمها خلال السنوات، إلا أن وزير الاقتصاد رائد خوري قال لـ«الاخبار» أن «الأسواق مضبوطة وبنسبة كبيرة. إذ من الطبيعي أن تزيد أسعار الخضار في الأيام الأولى من رمضان بسبب الطلب المتزايد عليها، ولكنها في العادة تعود إلى سعرها الأساسي بعد أسبوع في حدّ أقصى، وسنقوم بجولات مطلع الأسبوع المقبل للتأكّد من ذلك». وعن مدى فعالية هذه الطريقة في حماية المستهلكين، يشير خوري إلى أن هناك «نحو 100 مراقب في وزارة الاقتصاد، يجرون نحو 250 جولة يومياً، وتبيّن النتائج المُجمّعة أن عدد المحاضر يراوح بين 3 إلى 5%، أي بين 8 و13 مخالفة يومياً. هذه العيّنة لا تغطي الأسواق كافة، ولكنها عيّنة مقبولة لنربّي المخالفين ونردعهم. ويبقى على المستهلكين أن يكونوا شركاء في مكافحة هذه الظاهرة والتبليغ عن أي حالة تصادفهم».
التسليم بقاعدة العرض والطلب وتحكّم التجّار بالأسعار هو سمة تغلب، منذ عقود، على الأسواق التجارية اللبنانية كافة، بحيث بات دور الأجهزة الرقابية مُقتصراً على الدوريات دون وجود أي قدرة على تحديد هوامش الأرباح أو وضع سياسات تصحّح ميزان القوة بين التجّار والمستهلكين. يقول رئيس جمعية المزارعين أنطوان الحويك إن «هناك سببين أساسيين لارتفاع الأسعار، فبعض أنواع الخُضَر يرتفع سعرها بحكم المواسم وأحوال الطقس، مثلاً إنتاج الحامض المحلي لم يكن جيّداً هذا العام، ما اضطر إلى استيراده، وأدّى إلى رفع سعره من 500 إلى 1250 ليرة للكيلوغرام. أمّا السبب الثاني والرئيسي، فهو الأرباح التي يسعى التجّار إلى تحقيقها، بحيث يبيعون المستهلكين بأسعار مضاعفة عن السعر الذي اشتروا به الخُضَر من المزارعين».
تصل أرباح التجّار التراكمية المُحقّقة إلى 226%


تشير الأرقام التي وفّرتها جمعية المزارعين إلى أن سعر مقادير الخُضَر المُستخدمة في إعداد «جاط الفتوش»، وفق سعر مبيع المزارعين، يبلغ 3535 ليرة لبنانية قبل رمضان، و4752 ليرة لبنانية في اليوم الأوّل منه، أي بزيادة تقدّر بنحو 34%، فيما يبيعها التاجر للمُستهلك بزيادة تبلغ 214% (7550 ليرة) قبل رمضان، و202% (9576) خلال اليوم الأول منه، ما يجعل أرباح التجّار التراكمية المُحقّقة تصل إلى 226%. يشرح رئيس جمعية المستهلك زهير برو، حلقة تحقيق الأرباح بأن «المزارع يبيع منتجه مباشرة للمتاجر الكبرى التي تعيد بيعها للمستهلك مُحقّقة كامل الأرباح، أو يبيعها لتجّار الجملة في مراكز التوزيع الكبرى (سوق الخُضَر) الذين بدورهم يبيعونها لتجّار المفرق، أي الدكاكين، قبل أن تصل إلى المستهلك النهائي، فتتوزّع الأرباح بين التجّار الذين يحصلون بداية على عمولة تراوح بين 7 و11% من المزارع لقاء بيع منتجاته، تُضاف إليها أرباح البيع لتجّار المفرق، وأخيراً أرباح البيع للمستهلك». ويتابع برو: «في المحصلة المستفيد الأكبر هو التاجر، وتحديداً المحال الكبرى أو كبار التجّار وتجّار المفرق، أمّا الحلّ فهو بافتتاح أسواق شعبية تتيح للمزارع بيع منتجه للمستهلك مباشرة، ما يضمن له أرباحاً أعلى، فيما يتكبّد المستهلك تكاليف أقل بكثير».



24%
هي نسبة ارتفاع أسعار الخُضر خلال رمضان، وتشكّل الربح الإضافي الذي يجنيه التجّار

237%
هي نسبة تضخّم أسعار الخُضَر المُستعملة في إعداد الفتوش بين عامي 2008 و2018

201%
هي الزيادة التي يفرضها التاجر على أسعار الخُضر التي يبيعها للمستهلك، إذا ما قورنت بالسعر الذي يشتري به التاجر الخُضر من المزارع

34%
هو الربح الإضافي الذي حقّقه المزارع لقاء بيع منتجاته في رمضان