عكار ـــ خالد سليمانلم يكن عمار موسى قادراً على الكلام من شدة صدمته ومشاهدته لما جرى في ساحة منفذية عكار، حيث وقعت مجزرة كان «من المفترض» أن يكون إحدى ضحاياها بعدما تأكد المهاجمون من وفاته وسلّموا «جثته» مع جثة رفيقه الشهيد خالد دياب الخالد إلى الجيش اللبناني.
موسى الذي ينحدر من عائلة قومية في وادي خالد، لم يمض على التحاقه بالحزب السوري القومي الاجتماعي سوى أشهر قليلة. أصيب برصاصة في قدمه وبعض الجروح المتوسطة في رأسه.
يروي موسى لـ«الأخبار» (التي تتحفظ عن نشر صورته لأسباب تتعلق بسلامته) تفاصيل معركة السبت «حيث بدأ التحضير للمجزرة واحتلال مكتب الحزب من قبل تيار المستقبل، رداً على ما حصل في بيروت، تحت شعار الاعتصام السلمي في ساحة حلبا التي تبعد 200 متر عن مركز القومي». ويوضح: «التاسعة من صباح السبت، وقبل ساعتين من موعد الاعتصام، بدأت عمليات الاستفزاز من قبل مناصري المستقبل من خلال استعراض للقوة أمام مكتب القومي وتشفيط بالسيارات وسباب وشتائم.
وبعد نحو ساعة هاجم مناصرو المستقبل مركز القومي فتصدى لهم المحازبون الذين لم تكن لديهم تعليمات بإطلاق الرصاص على المتظاهرين الذين تراجعوا بعض الشيء لتنطلق شرارة المعركة بعدها». ويضيف: «كنا نحو عشرة أشخاص في المكتب، مزودين بأسلحة خفيفة للدفاع عن النفس. كان في الدشمة معي الشهيد خالد الخالد، ابن بلدتي الذي يكبرني ببضع سنوات، وكان مدرباً أكثر مني على القتال، لأنه خدم في الجيش اللبناني. أما بقية الرفقاء فكانوا داخل المكتب. رفض مسؤول الحزب الشهيد مخايل سليمان تسليم المكتب إلى المهاجمين، لأن الحياة وقفة عز في اعتقادنا، وفي حال الاستسلام ستكون النتيجة واحدة: الموت. لذا قررنا الدفاع عن كرامتنا إلى آخر طلقة، وهذا ما حصل».
وزاد موسى: «تمكنّا من ردّ المهاجمين الذين حاصرونا من كل الجهات، وعند الساعة الثانية بعد الظهر ازداد الضغط علينا بعد قصف المكتب بقذائف ب 7، فتشاورت مع الشهيد خالد بالأمر بعدما انقطع الاتصال مع مسؤولنا الحزبي، وقررنا أن نسلّم أنفسنا بعد نفاد الذخيرة».
وعن هوية المهاجمين، أجاب: «كانوا رجالاً كباراً في السن، وبعضهم ملثمون من تيار المستقبل، وآخرون يتحدثون بلهجة غير لبنانية. كانوا مدربين على القتال كما يظهر على وجوههم وأجسامهم، وأعتقد جازماً أنهم من تنظيم فتح الإسلام، إذ كانوا يرددون عبارات «الله أكبر يا كفار». وما أكد اعتقادي أنهم من فتح الإسلام أنهم استقدموا في نصف المعركة لحسمها، كما أن عملية تشويه جثث الشهداء ليست من قيم أبناء عكار».
ويقول موسى: «بعدما سلّمت نفسي مع الرفيق خالد إلى المهاجمين سألونا: من أية طائفة ومن أي منطقة أنتم؟ فقلنا: من الطائفة السنية من وادي خالد، فصرخوا فينا: أنتم أهل وادي خالد سوريون كفار. وأطلقوا النار علينا من مسافة قريبة، فأصبت برصاصة في قدمي وأصيب رفيقي برصاصتين في رأسه وصدره. تظاهرت بأنني ميت فركلونا وضربونا بأعقاب البنادق، وسحلونا على الطريق مرددين عبارات: الله أكبر يا كفار. غبت لبعض الوقت عن الوعي لأجد نفسي في أحد مستشفيات عكار. اعتقدت أنني أصبحت في أمان وأنني نجوت من الموت، لكن صوت الرصاص خارج المستشفى أقلقني بعدما طاردني مناصرو المستقبل إلى المستشفى، حيث صفّوا رفيقي وليد حموضة. ومن الصدف أن الدكتور مصطفى إسماعيل (شقيق النائب السابق جمال إسماعيل)، وهو من بلدتي وادي خالد، كان موجوداً حيث عمل على إخفائي عن المهاجمين».
واتهم موسى «أطباء وممرضين داخل المستشفى ينتمون إلى تيار المستقبل» بالإبلاغ أنه ما زال على قيد الحياة، «لا بل إن بعض الممرضات لم يعتنين بي بعدما عرفن أنني من الحزب القومي». وأضاف: «حضر عنصران من الدرك إلى المستشفى لحمايتي، وقالا لي: حياتك وحياتنا واحدة فلا تخف، وعندها فقط شعرت بأن حياتي لم تعد في خطر. كان المسلحون لا يزالون في بهو المستشفى وساحتها عندما حضر عناصر من الجيش والدرك ونقلوني إلى مركز مخابرات الجيش اللبناني في حلبا، حيث أجرى الضابط تحقيقاً قصيراً معي قبل تسليمي إلى والدي عند الثانية فجراً».
وحمّل موسى مفتي عكار أسامة الرفاعي والنائب سعد الحريري مسؤولية «مجزرة حلبا ودماء المسلمين السنّة». وختم بالقول: «لقد زادت قناعتي أكثر، في أقرب فرصة سأنتمي رسمياً إلى الحزب بحلف اليمين للدفاع عن وطني وقضيتي المحقة، ولن أسامح أبداً المعتدين وما فعلوه من بشاعة وقتل».