تطمح الشعوب، على اختلاف ألوانها وعقائدها وأعراقها، إلى أوطان آمنة تَمنحها حقّها في الحياة وتقرير المصير والتعبير وحقوقها المشروعة الأخرى وفق القوانين الدولية والدساتير المحلّية. على أن شعب البحرين هو أحد الشعوب المُصادَرة حقوقها، بموجب استراتيجية قمْع وتنكيل، يتصدّرها الاعتقال التعسّفي والإعدام، في قضايا لا أساس لها، واستناداً إلى اعترافات منتزَعة تحت التعذيب الوحشي. في التقرير الصادر بعنوان «عقوبة الإعدام في البحرين: نظام مبنيّ على التعذيب»، عن «منظّمة سلام للديموقراطية وحقوق الإنسان» في تشرين الأول 2021، يَجري رصْد التوسّع في عمليات الإعدام منذ عام 2011، بما يتناقض مع وعود حكومة البحرين بالإصلاح الحقوقي، استجابةً لتوصيات «اللجنة المستقلّة لتقصّي الحقائق»، التي شُكّلت بأمرٍ من ملك البلاد، وأكد رئيسها الراحل، محمود بسيوني، في مرحلة لاحقة، عدم تنفيذ تلك التوصيات. وشهدت البحرين، مذّاك، صدور حُكم الإعدام بحقّ أكثر من 34 شخصاً بينهم سجناء سياسيون، فيما تمّ تنفيذ الحُكم نفسه ضدّ خمسة أشخاص، وهم عباس السميع، سامي مشيمع، علي السنكيس، أحمد الملالي، وعلي العرب، في ما سمّته المقرّرة الأممية، أغنيس كالامارد، «قتلاً خارج إطار القانون». كذلك، ثمّة 27 شخصاً وصلوا إلى آخر مراحل الطعن، وباتـت أحكامهم قابلة للتنفيذ في أيّ لحظة، بينهم 12 سجيناً على خلفية قضايا سياسية، أكّدت أحكامَهم محكمة النقض، وهي أعلى محكمة في البحرين، ولا يمكن استئناف القرار الصادر عنها، والذي يُحال إلى الملك للتصديق عليه. وعلى رغم أن بعض الضغوطات الدولية أفرزت ما يسمّى «الخطّة الوطنية لحقوق الإنسان» الصادرة منتصف آب 2022، إلّا أن هذه الخطّة لا تزال حبراً على ورق، فيما تظلّ الرؤية ضبابية بالنسبة إلى الإصلاح الحقوقي.
ولم تكن المرأة البحرينية مستثناةً من الانتقام السياسي المتواصل؛ إذ خضعت أكثر من 1600 امرأة للتحقيق منذ 2011، واعتُقلت أكثر من 300 أخريات تعسّفياً، ليتعرّضن للتعذيب الوحشيّ جسدياً ونفسياً، فيما سُجّلت حالات تحرّش جنسي بهنّ. كذلك، يَجري تدفيع النساء ثمن اعتقال أزواجهنّ أو أيّ فردٍ من عوائلهنّ، كما جرى مثلاً في محاكمة المواطِنة فضيلة عبد الرسول (53 عاماً)، فيما يُحرَّضن على الطلاق القسري من أزواجهنّ المعتقَلين، ويُحرمن من رواتبهم التقاعدية والخدمات الإسكانيّة. أمّا بالنسبة إلى شريحة الأطفال، فلا يزال هناك قرابة 70 سجيناً سياسياً دون سنّ الثامنة عشرة، يتمّ التحقيق معهم وإصدار الأحكام بحقّهم كالبالغين، فضلاً عن تعرّضهم للتهديد والتعذيب الوحشيّ لانتزاع الاعترافات منهم بالإكراه، على رغم صدور «قانون العدالة الإصلاحية للأطفال» في كانون الأوّل 2021. وبينما يجلس عشرات الأطفال على مقاعد المحاكم بدلاً من المقاعد الدراسية، تُحرَم مجموعة أخرى من الجنسية البحرينية على خلفية إسقاط جنسيّات آبائها.
يُضاف إلى ما تَقدّم أن عشرات البحرينيين واجهوا الملاحقة الأمنية لتعبيرهم عن رفْض التطبيع مع الكيان الصهيوني، وتغلغُل الأخير في مفاصل البلاد الحسّاسة، وهو ما قابله الشارع بمزيد من التمسّك بموقفه، واستهزاء بالشعارات التي يتمّ ترويجها لتبرير التطبيع من قَبيل التسامح بين الأديان والتعايش السلمي، في الوقت الذي تستهدف فيه الأجهزة الأمنية المُواطنين لممارستهم شعائرهم الدينية.

* مسؤولة الرصد في «منظّمة سلام للديموقراطية وحقوق الإنسان»