ما كان ممكناً إتمام هذه الصفقة لولا قطر، التي يبدو أن ابن سلمان صار يلجأ إليها كلّما استعصى عليه أمر
الرفض هذا يشي بأن عملية التلميع لن تكون سهلة، خصوصاً في ظلّ توسّع حالة الرفض البريطاني للصفقة. إذ شكّكت الصحافة في دوافع السماح بإتمامها، ورَثَت الحال التي وصلت إليها السلطات الإنكليزية، اللاهثة للحصول على المال. وأطلقت الأندية الإنكليزية، التي أغاظها اللعب السعودي غير النظيف والذي سيلوّث بلا أدنى شكّ واحداً من أقوى دوريات كرة القدم في العالم كلّه، بدورها، حملة معارضة للصفقة. وعلى رغم أنها لن تستطيع إبطالها، إلّا أن تلك الحملة ستؤثّر بالتأكيد على عقد الصفقات مع «نيوكاسل»، لناحية إمكانية رفض عدد من اللاعبين والمدرّبين الانضمام إليه. وعليه، قد لا يستطيع ابن سلمان الصعود بالنادي من الوضع المزري الذي هو فيه، حيث لم يَفُز بأيّ لقب منذ عام 1955. وإذا فشل الأمر، سيبقى كلّ من طرفَي الصفقة في حضيضه، فلا تتلمّع صورة ابن سلمان ولا يُنتشل النادي من أزمته.
المفارقة أنه ما كان ممكناً لابن سلمان إتمام هذه الصفقة لولا قطر، التي يبدو أن ولي العهد السعودي صار يلجأ إليها كلّما استعصى عليه أمر. إذ كان يَلزم، للاستحواذ على «نيوكاسل»، إسقاط قطر دعوى ضدّ السعودية لقرصنتها قنوات «بي إن سبورت» التي تملك حق حصريّة البثّ للدوري الإنكليزي، أثناء سنوات الخلاف الخليجي، وهو مشروع أشرف عليه سعود القحطاني، ويقول معارضون سعوديون إن الرياض دفعت مليار دولار للدوحة لتسويته. لكن الأمر يتجاوز ذلك، إلى نمط جديد في العلاقات، حيث باتت السعودية تعتمد على قطر في أمور كثيرة، والأخيرة تستجيب لها. وكان حضور الرئيس التنفيذي لقنوات «بي إن سبورت»، رئيس نادي «باري سان جيرمان» ناصر الخليفي، مباراة السعودية واليابان قبل أيام، إيذاناً بالغبطة القطرية بهذا الدور الجديد. وهو ما تدلّ عليه أيضاً موافقة الخليفي على تنظيم مباراة بين نجوم ناديَي «الهلال» و«النصر» السعوديَين، و«باريس سان جيرمان»، في 20 كانون الثاني المقبل، في إطار فعاليات موسم الرياض، التي يشرف على تنظيمها تركي آل الشيخ، بدعم من «سموّ سيدي» كما يحلو له القول عند الإشارة إلى ابن سلمان. وفي إشارة ثالثة، اختير مدرّب «آرسنال» السابق والمحلّل الدائم على قنوات «بي إن سبورت»، الفرنسي آرسين فينغر، مدرّباً لنجوم «الهلال» و«النصر» خلال هذه المباراة.
كذلك، كان للمعارضة السعودية في المنفى اللندني دور في تأخير الصفقة. وفي هذا الإطار، يقول رئيس حزب «التجمع الوطني السعودي» المعارض، يحيى عسيري، على «تويتر»: «حاولنا إيقاف الصفقة لأنها غير أخلاقية، ونجحنا في تأخيرها كثيراً، وفي إرهاق السلطة السعودية والنادي، وكانت السلطة تقاوم بأموال الشعب المسروقة ونحن بالأخلاق والقيم، لكن النادي ومَن خلفه أغراه المال، وتحتفل السلطة الآن بالصفقة وبعارها، ونحن نفخر بمقاومتنا ودفاعنا عن الحقوق والشعب». من جهتها، أشارت المعارِضة مضاوي الرشيد إلى أن الدوري الإنكليزي لا يمانع، على ما يبدو، أن يصبح ساحة نزال بين الديكتاتوريين، إذ سيكون «نيوكاسل» بعد الصفقة منافساً لنادي «مانشستر سيتي» الذي يملكه منصور بن زايد آل نهيان. والجدير ذكره، هنا، أن منظِّمة صفقة «نيوكاسل»، أماندا ستيفلي، هي نفسها التي نظّمت صفقة شراء ابن زايد لـ«مانشستر سيتي» في عام 2008، وأنها بدأت التحضير للعقْد السعودي في عام 2017، قبل أن تنهار جهودها في 2018 إثر اغتيال جمال خاشقجي.