ليست التحوّلات الحاصلة منذ فترة في السياسة الخارجية السعودية، بسيطة أو محدودة الدلالات. هي تنمّ عن مراجعة شاملة تقوم بها المملكة لجملة الملفّات المتورّطة فيها في الإقليم والعالم. صحيح أن الهدف الرئيس، المتمثّل في وراثة محمد بن سلمان عرش أبيه، لم يتغيّر، لكن أدوات الوصول إلى ذلك لم تَعُد هي نفسها التي لجأ إليها الأمير الجامح، منذ بداية صعود نجمه عام 2015، وصولاً إلى سلسلة الانتكاسات المتلاحقة التي تُوجّت بخسارة دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأميركية. هذه الخسارة جعلت ابن سلمان يدخل سريعاً "ورشة طوارئ" على عدّة مستويات وفي غير اتّجاه؛ أوّلاً من أجل كسب الرضى الأميركي الذي يهدّد افتقاده بضياع سنوات من جهود احتكار السلطة وضرب المنافسين عليها، وثانياً في سبيل الخروج من المعارك الفاشلة التي كبّدته كثيراً من أمواله ورصيده وسمعته ونفوذ بلاده من دون أن يجني منها شيئاً.