مع دخول الحرب على اليمن عامها الرابع، قرّرت «أنصار الله» خرق الجمود الذي يحيط بالعملية السياسية التي حاول الأميركيون العمل عليها في وقت سابق. أواخر العام الماضي، أعلن مساعد وزير الخارجية الأميركي، تيم ليندر كينغ، عن تسوية سياسية تطمح إليها واشنطن، عندما قال إن «الولايات المتحدة ترحّب بانخراط الحوثيين في المسار السياسي، شرط التوقف عن استهداف السعودية بالصواريخ». التمنيات الأميركية، لم تبدِ لها «أنصار الله» حماسة واضحة. صالح الصماد، رئيس المجلس السياسي الأعلى في اليمن، قال مختصراً الموقف اليمني، العام الماضي: «مستعدّون لوقف الضربات الصاروخية خارج حدود الجمهورية اليمنية، مقابل وقف الغارات الجوية». ليل أمس، وبلغة الصواريخ، أكّدت «أنصار الله» رفضها «الحل» الأميركي للحرب في اليمن.
ليل أمس، قصفت «أنصار الله» مطارات عسكرية سعودية في الرياض وعسير، بالإضافة إلى نجران وجيزان. وأعلنت القوة الصاروخية التابعة للحركة أن «العملية الباليستية» الواسعة التي أُطلق عليها اسم عملية «الشهيد أبو عقيل»، جاءت تدشيناً «للعام الرابع من الصمود اليماني»، وذلك «وفاءً لوعد القائد... وتأكيداً على الصمود والقدرة على مواجهة العدو والنيل منه وانتقاماً للجرائم التي يرتكبها العدوان بحق المدنيين في اليمن». واستهدفت القوة الصاروخية بصاروخ «بركان تو إتش» مطار الملك خالد الدولي في الرياض، كما استهدفت مطار أبها الإقليمي في عسير بصاروخ «قاهر تو إم»، وقصفت بدفعة من صواريخ «بدر» الباليستية مطار نجران. في المقابل، بدا لافتاً فشل منظومة الدفاع الجوي السعودية في التصدي للصواريخ اليمينة، فضلاً عن المعلومات التي تحدثت عن تسبب فشل منظومة الدفاع الجوي في سقوط الصواريخ المضادة للأهداف الجوية على أراضي الرياض، وتسبّبها في مقتل مقيم مصري وإصابة آخرين.
جيفري لويس، مدير برنامج منع انتشار الأسلحة في شرق آسيا في معهد ميدلبوري للدراسات الدولية في مونتيري، قال في تغريدة إنه «من خلال لقطات الفيديو، التي تم التقاطها للصواريخ، فقد بدا أن أحد أنظمة الدفاع فشل، بينما أخفق آخر وانفجر فوق الرياض». وأضاف: «من المحتمل أن تكون الصواريخ الاعتراضية السعودية قد تسبّبت بالإصابات، وليست الصواريخ الحوثية. سيكون علينا أن نرى أين سقط الحطام، ونقاط التأثير، وحيث قتل/ جرح الناس، قبل أن نتمكّن من إجراء تخمينات مدروسة». في السياق ذاته، علّق سعود السبعاني، وهو كاتب سعودي معارض مشهور، ساخراً من صواريخ منظومة الدفاع الجوي السعودية، «باتريوت»، معتبراً أنها «فاسدة تنطلق ثم تنفجر أو ترتد، وكذلك جهل القائمين على شبكة الباتريوت أدى إلى هذه الإخفاقات والفوضى، فقد أطلقوا عشرات من صواريخ الباتريوت دون هدف محدد».
ردود الفعل المختلفة، برز منها تغريدات أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، إذ رأى أن «رسالة صواريخ الحوثي الإيرانية واضحة؛ لا تعايش مع مليشيا إرهابية تستهدف استقرار منطقتنا وتكون مطيّة لطهران، ومصيرنا في المعركة مرتبط بالرياض، وهدفنا مستقبل أمن المنطقة ويَمَنُ عربي متجانس مع محيطه». ودعا الإعلامي السعودي، عبد العزيز الخميس، إلى «حرق صعدة»، دون التفكير بحقوق الإنسان، متسائلاً: «هل فكر الحلفاء بحقوق الإنسان في درسدن الألمانية». من جهته، رأى رئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري، أن «ان إطلاق صواريخ باليستية على المملكة العربية السعودية، محل إدانة كل العاملين على وقف الحرب في اليمن. وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته في هذا الشأن».



السعودية: نحتفظ بحق الردّ!
من جهتها، حمّلت السلطات السعودية إيران مسؤولية إطلاق الصواريخ، إذ عبّر رئيس مجلس الشورى السعودي، عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ، عن «استنكاره الشديد لهذه الأعمال العدائية من قبل الجماعة الحوثية المدعومة من إيران التي تثبت استمرار تورط النظام الإيراني بدعم الجماعة الحوثية المسلّحة بقدرات عسكرية وصاروخية وتشكل خرقاً صريحاً للقرار الأممي (2216) والقرار (2231)»، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء السعودية. وفي السياق، قال المتحدث باسم «التحالف العربي» تركي المالكي، اليوم، إن «السعودية تحتفظ بحق الرد على إيران في الوقت والشكل المناسبين». وشدّد المالكي على أن «لدول التحالف حق الدفاع المشروع عن أراضيها بموجب المواثيق الدولية»، كما دعا تركي المالكي إلى «محاسبة النظام الإيراني لتهريبه السلاح إلى الحوثيين»، مضيفاً أن امتلاك أنصار الله لصواريخ باليستية يمثل تطوراً «خطيراً جداً». وعقد المتحدث باسم التحالف مؤتمراً صحافياً، عرض فيه «بقايا الصواريخ الإيرانية التي استهدفت السعودية»، وقال في السياق إن «الصاروخ الذي استهدف الرياض يوم الأحد، هو إيراني الصنع من طراز قيام». إلى ذلك، قال المالكي إنه «تم ضبط صواريخ من نوع صياد إيرانية الصنع قبل وصولها للحوثيين، كما عرض صاروخاً مهرّباً من إيران تم ضبطه في اليمن».