القاهرة | بعد غموض دام أكثر من شهرين، أعلن وزير الإسكان المصري، مصطفى مدبولي، قرار الحكومة سحب تنفيذ عملية بناء العاصمة الإدارية الجديدة من رجل الأعمال الإماراتي محمد العبار، بناء على مذكرة التفاهم التي وقعها مع الحكومة على هامش المؤتمر الاقتصادي، الذي أقيم في مدينة شرم الشيخ في آذار الماضي.
جاء إعلان الحكومة رسمياً بعد شهرين على انتهاء مدة مذكرة التفاهم التي وقعت مع العبار، وذلك بسبب الاختلاف في وجهات النظر بشأن مصادر تمويل المشروع وأولويات التنفيذ ومدته؛ فقد كانت الحكومة تسعى إلى إنهاء البنية التحتية وبداية العمل في المشروع أوائل 2018 على أقصى تقدير، بينما وضع العبار خطة عمل من سبع إلى عشر سنوات لإنجاز ما ترغب القاهرة في تنفيذه خلال ثلاثة أعوام.
أما البديل، فهو أن الحكومة «رضخت» للتمويل المحلي وقد خصصت 10 مليارات جنيه (100 دولار = 773 جنيها) من موازنة العام الحالي بصورة مبدئية لتوصيل المرافق والبنية التحتية إلى موقع المشروع على طريق القاهرة ــ السويس، فيما ستتكفل القوات المسلحة بتحمل خسائر نقل قواتها المتمركزة في الصحراء ــ خصصت للمشروع ــ إلى أماكن أخرى بديلة، علماً بأن أرض المشروع كانت تضم عدة أماكن مخصصة لوحدات الجيش.

ستتولى «الهيئة الهندسية للقوات المسلحة» الإشراف
على المشروع

ويأتي تخصيص ميزانية المشروع من الموازنة العامة للدولة ليؤكد أن وجهة نظر الحكومة لم تكن سليمة من البداية، في التعامل مع المشروع الذي أعلنت اعتمادها فيه على مصادر تمويل خارجية له، كما لا تزال الدراسات جارية للاستقرار على مخطط العاصمة الجديدة، الذي سيبدأ بإنشاء مقر للقصر الجمهوري وحي للسفارات، ينوى نقلها من وسط القاهرة إلى المواقع الجديدة التي سيسهل تأمينها، إضافة إلى بناء وحدات سكنية متفاوتة الأسعار والمساحات لتناسب شرائح اجتماعية مختلفة.
وستتولى «الهيئة الهندسية للقوات المسلحة»، التي أشرفت على تنفيذ مشروع قناة السويس الجديدة، الإشراف على هذا المشروع أيضاً، بل تنفيذ بعض أجزائه، وأيضاً ستكون المسؤول الأول عن متابعة نتائج تنفيذ باقي الأجزاء التي سيجري إسنادها إلى شركات مصرية وعربية خاصة، من بينها مساحة سيعمل على تنفيذها الإماراتي محمد العبار ذاته بتمويل عربي.
وقلصت الحكومة مدة إنشاء المرافق الأساسية في العاصمة الجديدة مقابل مد مدة تنفيذ العمل بالمشروع ككل ليكون على 40 عاماً، حتى لا يثقل ميزانية الدولة بأعباء إضافية، ولكن لم يُعتمد الجدول الزمني للانتهاء من المشروع كاملاً حتى الآن، بانتظار المراجعات بين الهيئة الهندسية ووزارة الإسكان.
كذلك ستدخل شركات مصرية خاصة في مجال تنفيذ عمليات البناء، من بينها شركات رجل الأعمال حسن صبور، الذي عرض إقامة تحالف مصري لبناء المشروع بالكامل، لكن طلبه قوبل بالرفض تجنباً لتكرار أزمة العبار.
في المقابل، يواجه مشروع العاصمة الإدارية الجديدة اعتراضات من خبراء التخطيط الذين يرون فيه إنفاقاً لأموال في غير محله، في ظل دولة تعاني أزمة اقتصادية طاحنة، فضلاً عن معاناة كبيرة سيتكبدها الموظفون نتيجة نقل مقارّ أعمالهم إلى مدينة تبعد نحو 50 كلم عن وسط القاهرة، مع انخفاض العائد من بناء العاصمة الجديدة أصلاً.