أربيل | مع انسداد أفق حل مشكلة الانتخابات الرئاسية في إقليم كردستان العراق، بعد الأجواء الإيجابية التي سادت مؤخراً بشأن «تسوية» تم تمريرها تضمن بقاء الرئيس الحالي مسعود البرزاني عامين إضافيين مقابل جعل النظام برلمانياً عبر تمرير قانون الرئاسة، قدّم حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» مشروعاً لحل المشكلة، قد يكون «فرصة أخيرة»، لحسم مستقبل كرسي الرئاسة مع اقتراب موعد انتهاء ولاية البرزاني في العشرين من الشهر الحالي، وسط محدودية سيناريوات ما بعد فشل المشروع التي قد تكون «كارثية».
وفي محاولة لفك شيفرة عدم توافق أحزاب الإقليم (الاتحاد الوطني الكردستاني، والتغيير، والجماعة الإسلامية، والاتحاد الإسلامي الكردستاني) مع الحزب «الديموقراطي الكردستاني» على حل مشكلة الرئاسة قبيل الوصول إلى موعد انتهاء ولاية الرئيس الحالي ودخول البلاد في فراغ رئاسي، قدم النائب الثاني لأمين عام «الاتحاد الوطني الكردستاني»، برهم صالح، مشروع حزبه «لحل وطني» لأزمة الحكم في الإقليم يتضمن ست نقاط، أبرزها تشكيل مجلس لإدارة الحكم خلال مرحلة انتقالية يتولى تقرير المسائل المصيرية، كالأمن القومي، وحق تقرير المصير، وإعادة تنظيم «البشمركة» والأجهزة الأمنية، وتطبيق النظام البرلماني، وتأسيس صندوق للواردات النفطية، وإصلاح السلطة القضائية.
وشدد صالح على أنه «يجب الاتفاق من الآن لمراجعة قانون رئاسة الإقليم والدستور وتثبيت النظام البرلماني الديموقراطي فيهما وتعديل الصلاحيات وانتخاب رئيس الإقليم من داخل البرلمان وإقرار ذلك بقانون قبل 20/8 من قبل البرلمان»، محذراً من أثر الأزمة السياسية في قدوم أزمة اقتصادية خطيرة بالتوازي مع الأزمة السياسية الحالية.
المشروع المقدم جاء بعد البيان الناري لرئيس الإقليم مسعود البرزاني، بداية الأسبوع الحالي، الذي هاجم فيه برلمان الإقليم بسبب طرح قوانين تعديل قانون الرئاسة، واصفاً بعض الأطراف بالمتآمرين والانقلابيين من غير أن يسميهم، وداعياً إلى إعطاء الشعب حق الاختيار في كيفية انتخاب الرئيس، واقترح إجراء انتخابات مبكرة إذا لم تتفق الأحزاب على المنصب في الوقت المتبقي.
وبحسب معلومات حصلت عليها «الأخبار» من مصادر داخل «الاتحاد الوطني»، فقد سبّب المشروع المقدم خلافات داخلية في الحزب بسبب رفض بعض من قياداته فكرة التمديد للبرزاني لعامين.
ولمّح عضو البرلمان في إقليم كردستان عن كتلة «الاتحاد الوطني»، زانا عبدالكريم، إلى ضرورة حسم مشكلة الرئاسة قانونياً داخل البرلمان، معتبراً مشروع الحزب حول كرسي الرئاسة فرصة أخيرة بين الأحزاب للاتفاق قبل انتهاء موعد ولاية الرئيس.
وكشف عبدالكريم في حديث إلى «الأخبار» أن «موقف الحزب الديموقراطي من المشروع كان إيجابياً، فيما لم تقبل به حركة التغيير».
وبدأ «الاتحاد» بالترويج لمشروعه مع أحزاب الإقليم بسرعة، نظراً إلى ضيق الوقت والمهلة التي أعطاها البرلمان للأحزاب للتوافق حول كرسي الرئاسة قبل العشرين من الشهر الحالي، فيما تباينت مواقف الأحزاب حول المشروع بين مؤيد ومتحفّظ ورافض.
عضو برلمان الإقليم عن قائمة «الديموقراطي»، بيار دوسكي، كشف أن رئاسة الحزب قبلت بمشروع «الاتحاد الوطني» كأساس للتوافق حول مشكلة كرسي الرئاسة.

قدّم «الاتحاد الوطني» مشروعاً لـ«حلّ وطني» لأزمة الحكم في الإقليم

ولفت دوسكي في حديث إلى «الأخبار» إلى أنه «يجب مناقشة كل النقاط الواردة في المشروع وكيفية تنفيذها».
مشروع «الاتحاد» لم يلقَ تأييداً من قبل حركة «التغيير» التي تصرّ على حسم مسألة رئاسة الإقليم في البرلمان حسب مشروع القانون التي تقدمت به لتعديدل قانون رئاسة الإقليم، لا عبر الانتخابات العامة ونقل بعض صلاحيات الرئيس حالياً إلى رئيس البرلمان ورئيس الحكومة.
وعبّر رئيس المجلس العام للحركة، رؤوف عثمان، عن إصرار الحركة على أن يكون نظام الحكم في الإقليم برلمانياً وأن ينتخب الرئيس من داخل البرلمان، موضحاً أن الحركة متمسكة بمشروعها المقدم في البرلمان وغير معنية بأي مشروع آخر للحل.
ويأتي مشروع «الاتحاد» المقدم بعد فشل مبادرة حزب «الاتحاد الإسلامي» لحل المشكلة بعد جولات من المحادثات بين الأفرقاء. ويشير عضو برلمان الإقليم عن كتلة «الاتحاد الإسلامي»، عمر كوجي، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن سبعين في المئة من مشروع «الاتحاد الوطني» قريبة من تصورات حزبه السياسية لحل مشكلة الرئاسة عن طريق التوافق الوطني، في حين اتخذت «الجماعة الإسلامية»، ثاني الأحزاب الإسلامية في الإقليم شعبية، موقفاً متحفظاً من مشروع «الاتحاد». وكشف المتحدث الرسمي باسم «الجماعة»، ربيوار حمد، لـ«الأخبار»، أن «الجماعة ستناقش المشروع المقدم، إلا أنها ملتزمة بمشروعها القانوني المقدم في البرلمان حول تعديل قانون الرئاسة».
وفيما لم يتبقّ أمام الأحزاب سوى أسبوع لحسم مشكلة كرسي الرئاسة، يأمل المراقبون أن يستطيع مشروع «الاتحاد» فتح الباب أمام تسوية تضمن حلاً يوافق عليه جميع الأطراف، في ظل محدودية السيناريوات القانونية والسياسية المطروحة الأخرى لحل الأزمة.
ويرى أستاذ العلوم السياسية، ربيوار كريم، أن مشروع «الاتحاد» ينقصه ضمان إلزام «الديموقراطي» بتنفيذ شروط التمديد المتعلقة بالتوافق على صلاحيات الرئيس والنظام الانتخابي.
وحول السيناريو المتوقع في حال رفض مشروع الحل، أوضح كريم لـ«الأخبار» أنه «إذا لم تتفق الأحزاب على كرسي الرئاسة حسب القانون، فسيتولى رئيس البرلمان منصب رئاسة الإقليم إلى حين اتخاذ البرلمان إجراءات بخصوص تعديل قانون الرئاسة»، لافتاً إلى أن هذا الخيار لن يقبل به الحزب «الديموقراطي»، الأمر الذي سينتج منه «تشنجات سياسية وأمنية».