بغداد | لم تكد تمضي 24 ساعة على مصادقة مجلس النواب العراقي على حزمة الإصلاحات الأولى التي أعلنها رئيس الحكومة حيدر العبادي، وتعهده لاحقاً بمواصلة طريق الإصلاح، حتى أطل أمس بخطاب طالب فيه بمنحه تفويضاً لتعديل الدستور، في دعوة هي الأولى من نوعها لمسؤول عراقي منذ عام 2003، في وقت يستعد فيه لطرح الحزمة الثانية من «الإصلاحات» خلال الأسبوع المقبل.
وأكد العبادي، في كلمة ألقاها في احتفالية نظمتها الحكومة لمناسبة اليوم العالمي للشباب، أن «المسيرة لن تكون سهلة، وإنما مؤلمة، والفاسدون لن يسكتوا وأصحاب الامتيازات لن يسكتوا، ولكننا سنمضي لآخر المهمة في محاربة الفاسد وإصلاح الأوضاع»، مضيفاً أنه «لن يدافع عن فاسد أو باطل، وليس هناك مستهدف في عملية الإصلاح ومكافحة الفاسدين، وعملية الإصلاح سنسير بها بكل قوة وسنضرب بيد من حديد على الفاسدين».
كذلك حيّا العبادي المتظاهرين وأشاد بهم، داعياً إياهم في الوقت ذاته إلى «الحذر من بعض الجهات التي ستحاول أن تصطدم مع القوات الأمنية وجرها للتصادم»، وذلك قبل يومين من التظاهرة المزمع خروجها في ساحة التحرير وسط بغداد للمطالبة بإقالة رئيس السلطة القضائية مدحت المحمود.
وأعرب العبادي عن أمله بـ«الحصول على تفويض لتغيير الدستور»، كذلك عرّج خلال كلمته أيضاً على العمليات العسكرية، مؤكداً أن «الانتصار على داعش أصبح قريباً».

بدء «المرحلة الثانية»
من تحرير الرمادي والقوات المشتركة ستتقدم بحذر

مصدر حكومي مقرّب من العبادي بيّن في حديث إلى «الأخبار»، أن دعوة العبادي جاءت بناءً على تزايد مطالب الجماهير، والتي تتعارض في معظمها مع بعض فقرات الدستور. ويضيف: «العبادي يريد مزيداً من الحرية، ومساحة من التحرك للسير في عملية الإصلاح».
المصدر رجّح أيضاً إطلاق حزمة الإصلاحات الثانية والتي «قد تشمل ترشيق الوزارات وتقليص عددها»، خلال الأسبوع المقبل على الأكثر، مبيّناً أن تأجيل جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة أمس هو «أمر اعتيادي» بسبب مناقشة ورقة الإصلاحات السياسية من خلال لجنة تم تشكيلها من أمانة مجلس الوزراء لتطبيق فقراتها.
ويشير الخبير القانوني، طارق حرب، إلى أن البرلمان يجب أن يشكل لجنة تقترح تعديلات على بعض بنود الدستور، ومن ثم تصوّت عليها وترسلها للبرلمان. ويضيف حرب لـ«الأخبار» أن «البرلمان يجب أن يطلب بعد ذلك من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات إجراء استفتاء شعبي للتصويت على التعديلات، وفي حال نالت ثقة أكثر من نصف العراقيين فستكون نافذة».
في موازاة ذلك، علمت «الأخبار» أن مجلس القضاء الأعلى يستعد لإطلاق ورقة إصلاحية تكون مكملة للورقتين اللتين طرحتهما الحكومة ومجلس النواب مؤخراً وحظيا بثقة البرلمان بعد ذلك. القيادي البارز في «التحالف الوطني»، النائب إبراهيم بحر العلوم، أكد أن المعلومات تشير إلى أن مجلس القضاء سيطلق إصلاحاته الأسبوع المقبل. ورأى بحر العلوم في حديث إلى «الأخبار» ضرورة أن يتقدم مجلس القضاء الأعلى بحزمته الإصلاحية كي تتكامل مع حزمتي الإصلاح الحكومية والبرلمانية، مشيراً إلى أن «الشعب يشير دوماً إلى خلل في أجهزة القضاء، وما لم يكن القضاء قادراً على توفير الاقتناع بعدالته فستبقى أزمة الإصلاحات تراوح مكانها».
وكان القضاء العراقي قد أصدر خلال الساعات الماضية سلسلة قرارات وتوجيهات جديدة شملت مصادقة رئيس السلطة القضائية مدحت المحمود على استرداد وزير الكهرباء الأسبق المتهم بقضايا فساد والمدان من قبل القضاء أيهم السامرائي من الولايات المتحدة الأميركية. كذلك أعلنت محكمة التحقيق المتخصصة في دعاوى النزاهة في بغداد عن وجود 66 قضية فساد مفتوحة بحق مسؤولين رفيعي المستوى في الدولة، بينهم وزراء ونواب سابقون وضباط كبار.
المتحدث باسم السلطة القضائية، القاضي عبد الستار بيرقدار، أكد أن أبواب القضاء والادعاء العام مفتوحة لتلقّي الشكاوى، مشيراً إلى أن القضاء سيتعامل مع هذه الشكاوى مهما كان منصب المتهم فيها وعنوانه. بيرقدار شدد على أن القضاء على استعداد تام للتعاون مع الحكومة ومجلس النواب من أجل تفعيل ورقة الإصلاح السياسي والقضاء على حالات الفساد المستشرية في مفاصل الدولة.
على صعيد آخر، أصدر العبادي، أمس، أمراً ديوانياً بإعفاء أمين عام مجلس الوزراء ومعاونيه من مناصبهم.
ميدانياً، أعلن وزير الدفاع العراقي، خالد العبيدي، أمس، انطلاق المرحلة الثانية من عمليات تحرير مدينة الرمادي. وأوضح في تصريح، خلال زيارته كلية أركان الجيش في منطقة الرستمية في بغداد، أن «القوات الأمنية من الجيش والشرطة والحشد الشعبي استطاعوا تطويق الرمادي بالكامل»، مبيّناً أنه «بذلك تم الانتهاء من المرحلة الأولى من تطهير المدينة».
وأضاف أن المرحلة الثانية من العملية بدأت أمس، مشيراً إلى أن القوات المشتركة ستتقدم بحذر وتأن لكثرة العبوات الناسفة والقناصين.