غزة | ينص اتفاق المصالحة الذي وقّعته الفصائل الفلسطينية في القاهرة على تأليف حكومة تكنوقراط تتولى إدارة الشؤون الداخلية، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، وانتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني، بعد عام. وبحسب الاتفاق، فإن هروباً إلى الأمام «توافقت» عليه حركتا «فتح» و«حماس» بإعفاء الحكومة الجديدة من الشأن السياسي، باعتباره من اختصاص منظمة التحرير الفلسطينية، والإطار القيادي المؤقت المتّفق عليه في إعلان القاهرة 2005 المُعطّل منذ تاريخه، والذي ضُمّن العمل به في اتفاق المصالحة. رجل الأعمال منيب المصري، يبرز كأحد المرشحين لتولّي رئاسة الحكومة. الثري الشهير البالغ من العمر 77 عاماً، دار في جولات مكوكية بين رام الله وغزة خلال الأشهر الماضية لرأب الصدع بين الحركتين المتخاصمتين. بذل جهداً كبيراً، وكان يؤكد عقب كل زيارة أنه حقق تقدماً. «كانت جولات عسيرة، لكنّها أصبحت في ذاكرتنا جميلة ولطيفة لأنها تكلّلت بالنجاح»، يقول المصري لـ«الأخبار» مبتهجاً، قبل أن ينفي نفياً قاطعاً أن تكون الحركتان قد رشّحتاه أو إحداهما لتولّي منصب رئيس الحكومة، رغم كل التقارير الصحافية التي نقلت ذلك. «هذه ثقة عظيمة لو مُنحت لي، لكن الأهم هو الدخول في طور المصالحة. لدينا المئات من المؤهلين لرئاسة الحكومة أفضل مني». ولا ينسى أن يسجل ملاحظة على ما قيل إن رئيس الحكومة سيكون من غزة حصراً. «من العيب هذا التصنيف المناطقي بتحديد رئيس الوزراء من غزة. أنا أكره كل ما يمتّ إلى المحاصصة بصلة. يجب أن نبحث عن الأصلح»، يقول.
زياد أبو عمرو، النائب المستقل في المجلس التشريعي، مرشح آخر. الرجل تنقّل برشاقة بين حركتي «فتح» و«حماس»، وأجاد اللعب على الحبال المتوازية. زكّته «حماس» في الانتخابات التشريعية عام 2006، وطلبت من جمهورها في دائرة مدينة غزة الانتخابية التصويت له، فنجح. ظلّت العلاقة وردية بين الطرفين، وكان أن تولّى منصب وزير الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية التي أعقبت اتفاق مكة. بعد ذلك حدث الطلاق بينه وبين الحركة الإسلامية، على خلفية طروحاته أثناء الأشهر الأربعة التي تولّى فيها الوزارة. اليوم يبرز كأحد المرشحين من جانب الرئيس محمود عباس ليكون رئيس وزرائه، لكنّ العقبة ستتمثل في موافقة حركة «حماس» عليه.
أبو عمرو (61 عاماً)، الحاصل على درجتي الماجيستر والدكتوراه في الشؤون الدولية والعلوم السياسية من جامعة «جورج تاون»، يدرك حساسية ترشيح اسمه، لذلك يعزف عن اللقاءات الصحافية. «أنا في إجازة، وليس لديّ ما أقوله»، يجيب أبو عمرو «الأخبار»، وينهي الحديث.
جمال الخضري، النائب المستقل في المجلس التشريعي، يبدو المرشح الأقرب والمفضّل لحركة «حماس». «المرشح يجب أن يكون مرشح التوافق الفلسطيني، لا مرشح فصيل بعينه. شعبنا فيه الكثير من الكفاءات التي يمكن أن تقوم بهذا الدور، وليست القضية مرتبطة بشخص. أتمنى النجاح لمن سيكون في هذا الموقع»، يقول الخضري لـ«الأخبار»، متجنّباً نفي أو تأكيد صحة ترشيحه. ثم يطلب صراحة أن يُعفى من الإجابة عن هذا السؤال.
الخضري أكاديمي معروف في غزة، يترأس مجلس أمناء الجامعة الإسلامية. كانت له إسهاماته الكبيرة في فضح الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة بترؤسه اللجنة الشعبية لكسر الحصار. لكنّ دوره تراجع منذ منتصف العام الماضي. أصبحت هناك لجنة «حكومية» لكسر الحصار، تستقبل الوفود وتتواصل مع وسائل الإعلام، يترأسها أحمد يوسف، القيادي في حركة «حماس».
ليس الخضري وحده مرشح حركة حماس المُتوقع. ثمة اسمان آخران يُرجّح أن يكونا من بين الخيارات المطروحة. كمالين شعث رئيس الجامعة الإسلامية الحالي، ومحمد شبير رئيسها الأسبق، الذي سبق أن جرى تداول اسمه ليكون رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية بعد اتفاق مكة. لكنّ اسم سلام فياض عاد للظهور من جديد. فقد علت بعض الأصوات التي ترى أن تُمنح الفرصة للرجل لإكمال مشروع «بناء مؤسسات الدولة» الذي بدأه قبل 21 شهراً، ويُفترض أن يُتمّه في آب المقبل.