قدّم الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عبد اللطيف الزياني، في صنعاء، رؤية الوساطة الخليجية لحل الأزمة في اليمن بعد المشاورات مع الحكم والمعارضة، وتتضمن تأليف حكومة وحدة وطنية، وتسليم الرئيس علي عبد الله صالح صلاحياته إلى نائبه، واستقالته بعد ثلاثين يوماً، بحسب مصدر حكومي يمني.
وقال المصدر إن «الرؤية الخليجية» التي حملها الزياني إلى صنعاء تتضمن «تأليف حكومة وحدة وطنية، على أساس 50 في المئة للحزب الحاكم، و40 في المئة للمعارضة، و10 في المئة للأطراف الأخرى». وأضاف «بعد تأليف الحكومة، ينقل الرئيس صلاحياته إلى نائبه، وبعدها تنتهي مظاهر الأزمة، أي انسحاب المتظاهرين وإنهاء التمرد العسكري. وخلال 30 يوماً، يقدم الرئيس استقالته إلى مجلس النواب، ثم يمهّد الرئيس المؤقت وحكومة الوحدة لإجراء انتخابات رئاسية خلال ستين يوماً».
ولدى وصول الزياني إلى صنعاء، اجتمع مباشرة مع وزير الخارجية أبو بكر القربي، قبل أن يلتقي الرئيس اليمني ثم أحزاب المعارضة البرلمانية. وذكرت وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» أن الزياني «نقل رؤية وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي لحل الأزمة على ضوء النقاشات التي أجروها مع كل من وفد المؤتمر الشعبي العام وحلفائه من أحزاب التحالف الوطني الديموقراطي في أبو ظبي، ووفد أحزاب اللقاء المشترك في الرياض». وقال مصدر سياسي يمني إن «دول الخليج سترسل أيضاً وزير خارجية الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان إلى صنعاء» غداً السبت.
ورحب الرئيس اليمني بمساعي دول مجلس التعاون الخليجي لحل الأزمة في بلاده. وقالت «سبأ» إن «صالح رحب خلال لقائه الزياني بالمساعي الخيّرة للدول الشقيقة بمجلس التعاون الخليجي، والتعامل الإيجابي معها، ولما يحقق مصلحة اليمن وأمنه واستقراره ووحدته ويخدم الأمن والاستقرار في المنطقة». وتابعت الوكالة إن صالح أكد للزياني «التعامل الإيجابي مع هذه الجهود والمساعي، لما يحقق مصلحة اليمن وأمنه واستقراره ووحدته ويخدم الأمن والاستقرار في المنطقة».
وتكمن المفارقة في إعلان صالح لحشود من مؤيديه أول من أمس أنه «سيظل صامداً ولن يقبل مؤامرات أو انقلابات» يدبرها خصومه. وأضاف «الذي يريد السلطة أو الوصول إلى كرسي السلطة، عليه أن يتجه إلى صناديق الاقتراع. فالتغيير والرحيل يكونان من خلال صناديق الاقتراع وفي إطار الشرعية الدستورية».
في المقابل، أعلن المسؤول في المعارضة اليمنية، حسن زيد، أن «خطة عرضت على الرئيس اليمني خلال المفاوضات الجارية حالياً لانتقال السلطة، ونصت على أن يستقيل في غضون ثلاثين يوماً ويحصل على ضمانات بعدم ملاحقته قضائياً». ولفت إلى أن الخطة التي طرحت خلال المفاوضات، والتي قال إن الطرف الأميركي شارك في وضعها، «متوقفة على موافقة الرئيس». وتنص الخطة، بحسب زيد، على أن يحظى صالح بضمانة لعدم ملاحقته قضائياً من خلال «إصدار قانون عفو».
وموقف المعارضة البرلمانية المنضوية تحت لواء اللقاء المشترك من هذه الخطة، قال زيد «قد نجازف ونقبل كلقاء مشترك إذا كانت الموافقة (من قبل الرئيس) في الساعات أو الأيام القليلة المقبلة».
وكان القيادي في المشترك، سلطان العتواني، قد رأى أن «كلام صالح هدف إلى رفع المعنويات، لكن هذا لم يعد منطقياً لأن الشعب قال ما عنده: الرحيل الفوري ضروري». وأضاف «على الحكومة أن تستعد للرحيل إما طوعاً أو بالقوة».
وتبدو الخطة التي طرحها الزياني شبيهة في بعض بنودها بمبادرة تقدم بها الوفد الحكومي أثناء اجتماعه بوزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي في أبو ظبي الثلاثاء الماضي. وقال مصدر مطلع لموقع «المصدر أون لاين» إن «الوفد الحكومي عرض خطة لتنحي الرئيس بعد خمسة أشهر يجري خلالها سنّ تشريع جديد يمنع الملاحقة القانونية على صالح وأبنائه وأركان النظام، إضافة إلى فض الاعتصامات وتأليف حكومة وطنية». وتعليقاً على ذلك، قال المحلل السياسي، رئيس تحرير صحيفة «الأهالي» الأسبوعية، علي الجرادي لقناة «الجزيرة» إن «صالح يحاول جر الخليجيين إلى مربع إفراغ الثورة السلمية من محتواها»، مضيفاً إن «صالح يرهن بقاءه بثلاثة أشياء هي: بقاؤه في القصر الجمهوري وحوله الدبابات والأسلحة، واستخدامه للاحتياطي النقدي للبنك المركزي والصناديق التنموية، إضافة إلى مبنى التلفزيون الذي يذيع صوراً لما بقي لدى الرئيس من شعبية».
ورأى الجرادي أن «صالح يراهن أيضاً على المراوغة والكذب مع الوسطاء، سواء كانوا عرباً أو أميركان»، مشيراً إلى طعنه (صالح) لاتفاق مع السفير الأميركي في صنعاء يتنحّى بموجبه لمصلحة نائبه».
إلى ذلك، خرج عشرات الآلاف في مسيرات حاشدة جابت شوارع مدينة البيضاء للتنديد بـ«مجازر» قوات الأمن التي ارتكبها بحق المتظاهرين، وللمطالبة بالرحيل الفوري للرئيس علي عبد الله صالح». ورفع المتظاهرون شعارات ترفض أي مبادرات لا تنص صراحة على التنحي الفوري لصالح. كذلك، دعي إلى تظاهرات ضخمة مناوئة للنظام اليوم، تحت عنوان «جمعة الفرصة الأخيرة»، فيما يعتزم الموالون للنظام التظاهر تحت عنوان «جمعة التصالح».
(أف ب، يو بي آي، الأخبار)