باريس | لا يزال تصريح الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، لوكالة «رويترز» يوم السبت في ١٨ الجاري، يتفاعل ويؤجج ردود فعل دوائر القرار في فرنسا وفي أوروبا، وخصوصاً قوله «إن قرار مجلس الأمن يهدف فقط إلى حماية المدنيين» وطلبه من القوات المتحالفة «عدم التمادي» في ضرباتها. ورغم تصريحه الجديد، الذي جاء عقب «محادثة هاتفية» مع وزير خارجية فرنسا، ألان جوبيه، وأعاد خلاله تصويب موقفه بالقول «إنه يحترم قرار مجلس الأمن الذي فوض عملاً عسكرياً في ليبيا»، إلا أن هذا لم يمنع المراقبين من التشديد على «التباين بين موسى يوم السبت وموسى يوم الاثنين»، حسبما قال سفير دولة عربية فضل كتم هويته.
وفي الواقع، إن أكبر عقبة تواجه الحلفاء في الحملة على ليبيا القذافي اليوم هي «موقف الدول العربية الذي بدأ يأخذ أبعاداً معارضة للقصف».
وحسب مصدر أوروبي حضر قمة الإليزيه، «لم يخضع موسى لأي ضغط للقبول بما وضعه الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي على الطاولة». ويتساءل المصدر عما إذا كان «موسى يعلم بأبعاد ما وافق عليه». ويستطرد بأن الأمين العام للجامعة حمل معه طلب الجامعة العربية وتجاهل عدة أسئلة من الوفد الروسي عن «تفاصيل ما يريده العرب»، ولم يدخل في التفاصيل. ورغم أن عدداً من الوفود المشاركة وضعت على الطاولة مسألة «حدود العملية في الزمان والمكان»، إلا أنه تجاوز هذه الإشكاليات، وتلطى وراء مقولة «لا نريد احتلالاً للأرض الليبية»، وهو ما لم يعترض عليه أحد.
ويقول هذا المصدر إن موسى كان مهتماً بعدم «تصدر الحلف الأطلسي للتحالف»، وأنه أسرّ إلى البعض بأن «الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وعده بذلك». إلا أن التسريبات الأخيرة تقول إن «فرنسا ستتنازل خلال يومين وتقبل بتسليم الحلف الأطلسي قيادة الحملة». ورداً على سؤال لـ«الأخبار» عن هذه التطورات، نقلت المتحدثة الرسمية المساعدة لوزارة الخارجية، كريستين فاج، عن جوبيه قوله عقب اجتماع بروكسل، «بأنّ من الممكن الاستعانة بأي مقدرة لدى الأطلسي». وفي توضيح لسؤال ثان عما إذا كان «ذلك يشمل القيادة»، رددت إجابتها السابقة، وهو ما تؤكده مصادر نقلاً عن الرئاسة الإيطالية بأن روما «ستسحب حق استعمال قواعدها إذا لم يتسلم الأطلسي القيادة».
وفي هذا السياق، توسعت فاج بشرح «فوائد تسليم قيادة أطلسية للحملة» بأن ذلك يسمح لكل دولة عضو في الحلف بالمشاركة، وإن هي أعادت التأكيد أن المشاركة «تكون طوعية». إلا أن خبيراً عمل سابقاً في الحلف يؤكد أن تسلم القيادة يتطلب «توافقاً يشبه الإجماع»، ويستبعد أن تعارض بعض الدول المبدأ، وإن رفضت المشاركة، كما هي الحال مع تركيا التي أرسلت رسائل «شديدة اللهجة»، حسب مصدر مقرب من الحلف في بروكسل.
إلا أن مسألة قيادة التحالف ليست الوحيدة التي تسبب «صداعاً للأمين العام موسى» كما يقول الدبلوماسي العربي، إذ إن المشاركة العربية أيضاً لا تزال «معدومة»، وحتى دولة قطر التي أرسلت ٤ طائرات ميراج ٢٠٠٠، فقد كان من الصعب «التأكد مما إذا كانت قد أرسلت طيارين»، حسب مصادر متقاطعة، بينما جاءت التسريبات لتؤكد أن «الإمارات لن تُسهم إلا بالشق الإنساني والمساعدات»، بعدما كانت قد وعدت بإرسال ٢٤ طائرة مقاتلة.
ويضع المراقبون اللوم الأساسي في ظهور هذه الشروخ في «الجبهة العربية للحملة العسكرية» على عمرو موسى، الذي جاء «حاملاً رسالة متناقضة من الجامعة العربية عنوانها حظر الطيران»، فسرها كما أراد المجتمعون في قمة باريس.
وتضيق حلقة إحراج عمرو موسى «بظهور شعار التخلص من القذافي شخصياً ومن نظامه»، وهو ما كان قد صرح بأنه «غير مطلوب». إلا أن عدداً من المراقبين يرون في «الإرباك الذي أصاب عمرو موسى» أنه يمارس دبلوماسيته العربية، وهو يفكر بالانتخابات الرئاسية في مصر، ورغم أن الجميع يتفق على أن «القذافي لا يمكن الدفاع عنه»، إلا أن هؤلاء يرون أن سقوط الديكتاتور يجب ألا يقود إلى فكفكة الجامعة العربية.
وكان الأمين العام لجامعة الدول العرببة، قال إن على اجتماع باريس الخاص ببحث الأزمة الليبية أن يشدد على حماية الليبيين وعدم السماح بدخول قوات أجنبية الى الأراضي الليبية.
وأضاف موسى قبيل مغادرته القاهرة الى باريس «المهم الآن هو وقف إطلاق النار والتأكد من أنه لا يوجد أي حركة ضد الشعب الليبي من أي مكان».
ولم يشر موسى حينها الى تقارير تحدثت عن احتمال مشاركة بعض الدول العربية في فرض منطقة حظر جوي اقرها مجلس الأمن الدولي.