القاهرة| في الثامنة والنصف من صباح أمس، ظهر رقم غريب على هاتف الدكتور عصام شرف. تردد الرجل لثوان قبل الرد على المكالمة، لكنه حسم أمره وأجاب: «نعم». كان صوت المتصل ودوداً للغاية: «يا دكتور المجلس العسكري بقيادة المشير طنطاوي اختارك لرئاسة مجلس وزراء مصر خلفاً للفريق أحمد شفيق المستقيل». لم تستغرق المكالمة أكثر من ثلاث دقائق، راح الرجل بعدها يلملم شتات عقله حتى شاع الخبر في ربوع مصر في الحادية عشرة صباحاً: «المجلس العسكري يقبل استقالة شفيق ويكلف شرف رئاسة الوزراء».
مع شيوع الخبر، بدأ وزير النقل في حكومة أحمد نظيف يتساءل عن كيفيّة إرضاء طموح الثوار الذي يرتفع يوماً بعد يوم، وما هي خطواته حتى تعود مصر متماسكة، وهو القائل في أحد حواراته النادرة: «مصر تفتتت إلى أوطان صغيرة. وكل وطن له جيشه ومريدوه ومقاتلوه».
يعرف الرجل أن المهمة صعبة، وأن البلد الذي فُتِّت في ثلاثين عاماً على أيدي الرئيس المخلوع حسني مبارك وحاشيته، لا يمكن إعادة بنائه في أشهر قليلة. فهو مطالب أولاً، وقبل أي شيء بالنظر في أمر بقاء أحمد أبو الغيط وزيراً للخارجية وممدوح مرعي وزيراً للعدل، في ظل الغضب الشعبي المتصاعد تجاه الرجلين اللذين يمثلان بقايا نظام مبارك، بالإضافة إلى المطلب الرئيسي للثوار ومعظم القوى السياسية المصرية، وهو ضرورة تفكيك جهاز مباحث أمن الدولة، ومحاسبة المتورطين من رجال الشرطة في قتل المتظاهرين أثناء الثورة، والإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين.
الثابت والمعروف أن عصام شرف، المولود في عام 1952 في محافظة الجيزة، يمتلك شجاعة الرفض، وهي الفضيلة التي كانت سبباً، تضاف إليه أسباب أخرى، في خروجه المبكر من وزارة النقل التي تولاها في تموز 2004 وغادرها غير آسف في كانون الأول 2005، عندما اعترض صراحة على المخصصات المالية المقدمة من الدولة إلى وزارة النقل، وهو الخبير الحائز جائزة الدولة التشجيعية ثلاث مرات وصاحب أكثر من 140 بحثاً ودراسة علمية في تطوير الطرق بما يتماشى مع احتياجات المدن. لم يهتم نظيف بتاريخ الرجل وعلمه، وفضّل الاستغناء عن خدماته، متجاهلاً أداءه الذي لاقى استحسان خبراء النقل والعامة إبان توليه مسؤولية وزارة النقل.
وفي عام 2005 وقعت حادثة عجلت برحيل الرجل، وذلك عندما اصطدمت عبّارة «السلام 95»، المملوكة لرجل الأعمال الهارب في لندن ممدوح إسماعيل صاحب «عبّارة الموت»، بسفينة بترول قبرصية في كانون الأول 2005.
سعى رجل الأعمال المقرب من دوائر السلطة إلى طمس حقيقة ما جرى حتى يتهرب من دفع تعويضات لأهالي ضحايا الحادث. هنا ظهر شرف كوزير النقل الذي رفض الانصياع لأوامر رئيس ديوان الرئيس السابق حسنى مبارك، زكريا عزمي، وأمر رئيس هيئة السلامة البحرية وقتها بالاستمرار في التحقيقات وعدم الالتفات إلى أوامر عزمي.
وقيل وقتها إن رجل الأعمال، الذي كان عضواً معيّناً في مجلس الشورى بقرار، أقسم أمام أعضاء المجلس الموقر إنه لن يُبقي شرف في الوزارة، وهو ما تحقق بعد هذا التاريخ بشهرين تقريباً.
لم يغادر شرف، الحاصل على ماجستير ودكتوراه في هندسة النقل من جامعة بيردو بالولايات المتحدة 1980، مصر عقب الرحيل عن الوزارة، وفضل البقاء، وانخرط في حركة «مهندسون ضد الحراسة». وأسهم وجوده داخل الحركة في انتزاع حكم تاريخي بعدم قانونية فرض الحراسة على نقابة المهندسين، التي جُمِّد نشاطها لأكثر من عشرين عاماً، وعدم إجراء انتخابات داخلها طوال هذه المدة.
ثم اختاره المهندسون لتسيير أعمال النقابة حتى يُحدَّد موعد من اللجنة القضائية المشرفة على النقابات لإجراء انتخابات.
لذلك يبدو شرف في نظر الكثيرين «رجل إنقاذ»، ومن هنا جاء التفاؤل الواسع والترحيب من جانب الثوار والشباب المعتصمين في ميدان التحرير بخبر تكليفه برئاسة الوزراء، حتى إنه فور إعلان الخبر، دعا عدد من النشطاء عبر صفحة أنشئت على موقع «فايسبوك» صباح اليوم، رئيس الوزراء الجديد إلى أداء اليمين الدستورية اليوم الجمعة في ميدان التحرير، وتواترت أنباء لم تتأكد صحتها عن قبول شرف لهذا الاقتراح.
لكن المؤكد أن الدعوة المليونية اليوم من أجل التظاهر في ميدان التحرير أُجِّلت واستُبدلت بمليونية أخرى تدعم وتساند شرف، باعتباره أول الأسماء المقترحة من «ائتلاف شباب ثورة الغضب» لتولي رئاسة الوزراء بدلاً من أحمد شفيق.
عصام شرف رجل عنيد وصاحب منطق. هذا هو المعروف عنه، لكنه نادر الظهور في وسائل الإعلام؛ لأنه على حد قوله: «مبحبش الظهور إلا لما يكون عندي حاجة جديدة».
ورغم هذا، فالمتداول والشائع عنه أنه متفائل زيادة عن اللزوم، وربما كان هذا التفاؤل سبباً في خروج الرجل ومشاركته المتظاهرين هتافاتهم بسقوط مبارك ونظامه يوم الثلاثاء 8 شباط عند مجلس الشعب. السؤال الآن: ماذا يفعل رئيس الوزراء حيال التركة الثقيلة التي خلفها نظام مبارك؟
الإجابة تحددها خطوات شرف في الأيام المقبلة.
5 تعليق
التعليقات
-
اعلان الدستورمن رايى اجتماع اساتذة القانون بالجامعات المصرية لانتخاب مجموعة منهم والتصويت عليهم منهم للقيام بعمل دستور واعلان انتخابات رئاسة الجمهورية بعد ذللك ولن يتواجد متظاهر بعد اعلان ذللك
-
النصب الفكرييا اخي البلد دي غريبة لما يكونو مزاجهم في حد يطلعوه السما ويفهم وكانه جاي منها ولمل يحبو يدمرو حد يفضلو وراه لاي غلطة حتي لو كانت عطسة في الكلام المهم زي ما يكون عاوز يوصل رسالة للسياسين انه كاعلامي اقوي منه وده حال الاعلام المصري الغريب مش هي الدستور اللي من سنه واحد تقريبا او اقل اشتريت عدد لها وانا من متابيعها وكان في صفحة كاملة بمناداة لحسني مبارك انه يعين عمر سليمان نائب وذلك لاغلاق قضية التوريث وتعيين شفيق كرئيس وزراءجيد وحل الوزارة القديم مش هي الجرايد اللي كتبت عن كده مين عصام شرف وزير نقل لسنة واحدة يا سلام ونعم الانجازات اللي قدمها للبد وشفيق اللي خد وزارة الطيران زبالة وجدده وفوقها من الكبسة اللي فيها اوعي حد يكلم عليه الاعلاميين والصحفيين بحس ان اكل عيشهم وجود الفساد عشان ما يبطلوش كلام او نفاق او ركوب الموجه مع اللي مصلحته معاه لما يكون يعوز بقنعك بحاجة يفضل يضغط ليل ونهار لحد ما ياثر عليك ولو هو برضه عاوز يرجع تاني يخليك تشك في نفس الحاجة اللي اقنعك بيها قبل كده برده يفضل وراك لحد يطيرك مخك حاجة غريبة لا وايه كل الناس صعبن عليها عصام شرف والظروف اللي هوه فيها ومعاتش حد بيساله هيعمل ايه او حتي خططه ايه لا يا جماعة سيبوه عشان يعرف يشتغل لكن شفيق اللي حظه السياسي السئ جدا ويمكن الجيد الله اعلم كله واقف فوق دماغه حتعمل ايه في المشكلة دي طب ودي طب ودي وكل يوم لقاء بالساعات في كل القنوات والراجل في ظروف مهببه والوطني والشرطة في ازمة وبيخططو لما حصلت شكلة المتظاهرين تاني يوم الصبح انت كنت فين وكانه اللي عملها لكن لما الحاج عصام شرف جه الوزارة وحصلت مشكلة الكنيسة وحرق مباني امن الدولة تلتمسله العذر ونقول ثورة مضادة مش بقولك لما نحب نرفع حد نرفعه فوق كل شئ وبدل لما السيد عصام يطلع هوه ووزير الداخلية اللي طالع ع المعاش بقاله 14 سنه يفسر الامور وحتي يقولو هيعملوا ايه طلع رئيس الوزار عصام شرف يعيط ع البلد اللي صعبانه عليه اه لوكان شفيق كان اتعلقلوا مشانق التحرير وولعوا فيه زي الزنوج واخيرااي حد شرب الشاي وكل بسكوت او سلم او عدي من ادام حسني مبارك يلحق يهرب اصل هيقتلوه
-
شرفمتى نحظى بشرف كهذا الشرف ؟ متى ...
-
انتبهوانا لاحظت ان كل مؤيدي مبارك بعد سقوطه انتقلو هبة رجل واحد لتاييد احمد شفيق و التطبيل و التزمير له و لاخلاقه و عفته و انه يجب ان نعطيه فرصة ,, و بعد سفوط شفيق بدات الاوركسترا سيمفونيتها الجديدة بترشيح عمر سليمان لرئاسة الجمهورية على الفايسبوك و بداو يطبلون و يزمرون لكفائته و قوته و عبقريته و تاريخه العسكري !! واضح يا شباب مصر ان نظام مبارك ما زال يملك مؤيدين و مراكز قوى يحركها للاحنيال على مكتسبات الثورة و الانقلاب عليها ... الاحتراس واجب
-
الله ياخد بابدوالله ياخد بابدو