«العيش من دون القدس ذلّ. جنوب لبنان رأس الحربة ضدّ إسرائيل. للقدس درب واحد هو البندقية»... ثلاثة وثلاثون عاماً وصاحب هذه الكلمات، السيّد موسى الصدر، مغيّب. أكثر من ثلاثة عقود واللغز قرين اسم «الإمام». الرجل الذي ذهب ذات صيف إلى ليبيا تلبيةً لدعوة رسمية من معمّر القذافي، لم يعد. شوهد آخر مرّة ظهر 31/8/1978 مع رفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين خارجِين من فندق الشاطئ في طرابلس الغرب. ومن يومها، أصبحت قضيّة الصدر ورفيقيه من أكثر قضايا لبنان والمنطقة غموضاً.
اليوم، يعود موسى الصدر إلى الضوء مع تقهقر نظام معمّر القذافي، وعاد البعض ليؤكد أن الصدر ما زال حيّاً. ففي تصريح إعلامي للناشط السياسي الليبي سامي المصراطي، أول من أمس، قال إن ثمّة معلومات عن «طائرة صغيرة أقلّت شخصاً يشبه إلى حدّ كبير الإمام موسى الصدر»، وذلك خلال الأحداث التي تجري حالياً في ليبيا، من دون الإشارة إلى الوجهة التي اتخذتها الطائرة. من جهة ثانية، قال صدر الدين الصدر، نجل السيّد موسى الصدر، إن لديه معلومات تؤكّد أن والده ورفيقيه «ما زالوا على قيد الحياة في السجون الليبية، ونحن نتابع ما يجري في ليبيا هذه الأيام وننتظر معلومات حول مكان سجنهم، ونتمنّى أن يُفرج عنهم ليعودوا إلى عائلاتهم».
مع نهاية العام الماضي، قبل أن تلوح في الأفق أي بوادر لثورة شعبية في ليبيا، أثار رئيس مجلس النواب نبيه بري مع وزير العدل ابراهيم نجّار قضية الإمام الصدر، متمنياً تحريك الملف العالق لدى القضاء. وبالفعل، طلب نجار من رئيس المجلس العدلي القاضي غالب غانم، الذي تقاعد لاحقاً، إعادة تفعيل القضية. هكذا، حدّد غانم موعداً لبدء المحاكمات في القضية بتاريخ 4 آذار من العام الجاري، حيث سيحاكم ٧ أشخاص «فارين من العدالة، هم الرئيس الليبي معمر القذافي و٦ من معاونيه في الحكم آنذاك». وكان القاضي سميح الحاج قد أصدر قبل نحو سنتين، بصفته محققاً عدلياً قراراً اتهامياً في القضية طلب فيه الإعدام للقذافي وستة من معاونيه بتهمة «التحريض على خطف الإمام الصدر ورفيقيه».
ثمّة مشكلة الآن، المجلس العدلي أصبح في نهاية العام الماضي بلا رئيس أصيل بعد تقاعد القاضي غانم، وبالتالي، لن يستطيع مباشرة المحاكمات نتيجة غياب النصاب، وليس متوقعاً أن يُعيّن رئيس للمجلس العدلي قبل موعد بدء المحاكمات، لكون التعيين منوطاً بالحكومة، فكيف والحال أن الحكومة العتيدة برئاسة نجيب ميقاتي لم تُؤلّف بعد، وليس معلوماً متى تُشكّل. هكذا، يبرز العامل السياسي مرّة جديدة أحد أهمّ العوامل التي تعوق عمل القضاء، وبالتالي تحقيق العدالة. في كل حال، بعد تعيين موعد بدء المحاكمات نهاية العام الماضي، طلبت وزارة العدل عبر وزارة الخارجية تبليغ قرارات مهلة للمتهمين السبعة، وفي مقدمهم معمر القذافي، الذي أُسندت إليه «تهمة التحريض على الخطف وحجز الحرية ومعه ٦ موظفين رسميين ليبيين». ومما جاء في الرسالة الموقعة من الوزير ابراهيم نجّار: «نطلب من المتهم العقيد معمر بن محمد أبو منيار القذافي وجوب تسليم نفسه إلى المجلس العدلي في مقرّه، في مهلة أقصاها ٢٤ ساعة قبل بدء المحاكمة وبعد تبلغه هذا القرار، وفي حال تمنُّع المتهم عن تسليم نفسه ضمن المهلة المقررة يصار إلى محاكمته غيابياً لكونه فاراً من وجه العدالة، وتقرير إنفاذ مذكرة القبض الصادرة بحقه». وفي هذا الإطار، علمت «الأخبار» أن الطلب قد وجد مساره إلى ليبيا، إلا أن المطلوب تبليغهم رفضوا التبلّغ عبر الدبلوماسية اللبنانية هناك. وبحسب القاضي سمير منصور، الذي يرأس المجلس العدلي موقتاً بصفته أعلى أعضائه في الدرجة القضائية، فإن المجلس «سيستمر في متابعة القضية في الموعد نفسه، وسوف يلتئم بأعضائه الحاليين قبل يوم من موعد بدء المحاكمات لتحديد ما يُمكن فعله، لكن في غالب الظن سيرجأ الموعد». أضاف منصور في حديث مع «الأخبار» أنه في حال الإرجاء الاضطراري، فإن موعد الجلسة لن يكون بعيداً، بل بعد شهر واحد على الأكثر، على أمل أن تكون الحكومة قد أُلّفت وعَيّنت رئيساً لمجلس القضاء الأعلى الذي يرأس حكماً المجلس العدلي.
أما المتهمون الليبيّون السبعة المطلوبون للعدالة في لبنان بقضية الصدر، فهم، فضلاً عن القذافي، المرغني مسعود التومي، أحمد محمد الحطاب، الهادي ابراهيم مصطفى السعداوي، عبد الرحمن محمد غويلة، محمد خليفة سحيون وعيسى مسعود عبد الله المنصوري. وإضافة إلى هذه الأسماء، كان قاضي التحقيق العدلي سميح الحاج قد سطّر مذكّرة تحرٍّ دائم توصلاً لمعرفة الهويات الكاملة لكل من المدعى عليهم: عبد السلام جلود، محمود محمد بن كورة، أحمد الأطرش، عيسى البعباع، عاشور الفرطاس، علي عبد السلام التريكي، أحمد شحاته، أحمد مسعود صالح ترهون، إبراهيم خليفة عمر، محمد بن علي الرحيبي ومحمد ولد دادا.
روايات عن المصير
منذ تغييب السيّد الصدر والروايات تنتشر بشأن مصيره، والشهادات تتوالى من أشخاص يقولون إنهم رأوه في هذا السجن أو ذاك. الرواية الأخيرة كانت للمعارض لنظام القذافي، رئيس «جبهة إنقاذ قبائل تبو»، عيسى عبد المجيد منصور، الذي جزم أن الإمام المغيَّب ما زال حياً، وأنه «معتقل في سجن بجنوب ليبيا». وأشار منصور في تصريح إعلامي أخيراً إلى أن الصدر شوهد عام 1992 في سجن بمدينة سبها جنوب ليبيا، مؤكداً عدم صدق ما كانت السلطات الليبية قد تناقلته عن مغادرة الصدر إلى إيطاليا طواعية. رواية أخرى ينقلها السيد فيروزان، صهر الصدر، مفادها أن بعض معتقلي سجن «أبو سليم» في مدينة طرابلس قد شاهدوا الصدر عام 1997 قبل أن يُنقل إلى مكان آخر مجهول.
أما في ما خص الرواية الرسمية الليبية، فبعد تجاهل القذافي لقضية إخفاء الصدر ورفيقيه، وتهرّبه من التكلم مع الرئيس اللبناني الأسبق الياس سركيس هاتفياً عام 1978، تفاعلت القضية إعلامياً ودولياً، وعلى أثر اجتماعه بالرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، صدر البيان الليبي الرسمي بتاريخ 17/9/1978 معلناً أن الصدر ورفيقيه غادروا ليبيا من دون إعلام السلطات الليبية مساء 31/8/1978 إلى ايطاليا. إثر ذلك، أوفدت الحكومة اللبنانية بعثة أمنيّة إلى ليبيا وإيطاليا، فرفض القذافي السماح لها بدخول ليبيا واقتصرت مهمتها على إيطاليا. أثبت التحقيق الأمني أن الصدر ورفيقيه لم يصلوا إلى روما، وأنهم لم يغادروا ليبيا. عندها، أصدرت الحكومة اللبنانية مرسوماً برقم 3794 تاريخ 4/2/1981 عدّت بموجبه إخفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه جريمة اعتداء على أمن الدولة الداخلي، وأحيلت القضية منذ ذلك الحين على القضاء.
الحقيقة لا التعويض
كشفت عائلة الإمام موسى الصدر العام الماضي النقاب رسمياً، للمرة الأولى، عن أن معمّر القذافي قد عرض عليها تعويضاً مالياً مقابل إغلاق ملفّ قضيته. وأكد صدر الدين موسى الصدر، أن العائلة رفضت التعويض الذي لم يحدد قيمته، لافتاً إلى أنه يسعى للوصول إلى الحقيقة قبل أي شيء والإفراج عن والده ورفيقيه، فضلاً عن محاكمة المسؤولين عن إخفائه، مشيراً إلى معلومات جديدة تُدين القذافي و17 شخصاً آخرين.
على الصعيد الدولي، احتاجت منظمة العفو الدولية إلى 23 عاماً لتذكر قضية الصدر في تقريرها عام 2001 حول «الاختفاءات القصرية». تضمّن التقرير فقرة حول الصدر ورفيقيه، إذ أشير إلى أن ادّعاء السلطات الليبية حول مغادرتهم الأراضي الليبية إلى العاصمة الإيطالية روما «يتناقض مع التحقيقات التي أجرتها الدولة الإيطالية، والتي أكّدها حكم محكمة إيطاليّة».
15 تعليق
التعليقات
-
الحقيقةأقسم ان هناك جهات أستعملت القذافي لتصفية الامام موسى الصدر لكن لا أعرف لماذا الكل يحاول دائما تجاهلها والتاريخ يثبت ذلك
-
الغائب الحاضررغم معرفتي بالامام موسى الصدر قليلة لكن تاثرت به وشغل فكري ،هل توجد مثل هذه الشخصية الفذة ؟؟؟؟ الله اعلم اين يضع رسالته كيف لا وهو من ذاك النسل الطاهر نسل محمد وعلي عليهم السلام كانت رسالة الصدر هو توحيد العالم العربي بمختلف طوائفه ليس الاسلام فقط وهذا يدل عن عمق وقوة الارادة التي يمتلكها وقليلون جدا من هم على شاكلته الكلام يعجر ان وصف هذا الامام المظلوم ، دعائي له بعودة الميمونة انشاء الله
-
الى عائلة الصدرحفظ الله السيد موسى االصدر ورده الينا سالما ورفيقيه.
-
رسالة الى السيد الامام موسى الصدر حفظه الله برعايتهسيدي القائد والامام الغائب عن الانظار والحاضر في الوجدان إن حرمت العيون من رؤياك وحرمنا الاوغاد من ان نستظل بعلمكم كل تلك العقود من الزمن, فقد زرعتكم محبتكم في قلوب الملايين جيلا بعد جيل مترقبه الأمل بفرجكم. سيدي, ليس الجاهل بكم من لم ير شخصكم الكريم ولكن الجاهل حقا من جهل قدركم وعلمكم وعملكم من أجل الجميع . ثق يا سيدى أن يدك الكريمة هي من غرست بذور التغيير وبعودتك سترى أن الثمار هاهي تقطف ثمرة بعد ثمرة. إن شعلة المقاوله لم تنطفىء أبدا بل ازدادت توهجا لتنير طريق الامة لنخرج يوما من ظلمة الفرقة والخوف الى نور الوحدة التي أردت لنا. سيدى القائد, إن كان للعملة وجهان كما يقولون فلقد حفرت وجهها الاول بقسمات وجهك التي نقشت في قلوب الملايين من المحبين والمنتظرين لك . واعتمد وجهها الثاني من اكمل مسيرتك وحقق بداية الحلم فكان وعده الصادق نصرالله ونصر للحق . سيدى يا صدر المحبين لن أقول كلي أمل بعودتك بل أنا واثقة ومتيقنة بإذنه تعالى بقرب رجوعك المحمود وقد يفصلنا عن ذلك أيام قليلة بل ربما ساعات فبعودتك انشاءالله ستكون الاشارة بقرب البشاره بالفرج والنصر الموعود. سلامنا وسلام المحبين اليك يا سيدى سلام الواثق بلقائك القريب وحفظك الله ومن معك وردكم سالمين كما رد يوسف الى أبيه إنه سميع مجيب . الواثقة بعودتكم قريبا انشاء الله
-
عن قضية الامام موسى الصدرلقد عرفت الامام موسى الصدر عن قرب في لبنان... و هو أعظم شخصية قابلتها في حياتي .. و تأثيره علي الى حد أني أتذكره كل يوم منذ تغييبه. ان الامام الصدر ذا شخصية كارزماتية غير عادية كما قال عنه غريمه المرحوم كمال جنبلاط قبل اغتياله بأشهر. فاذا كان من يخالفه في السياسة و المبدأ قال هذا فما بالك بالمحبين و الأتباع؟ من صفاته التي عرفتها مباشرة: أخلاقه الشبيهة بأخلاق الأنبياء و علمه الغزير في الدين الاسلامي و في كل المواشيع من علمية أو ثقافية لا حدود لها. و أخيرا بل أولا جهاده ضد اسرائيل...اذ كان أول من أنشأ مقاومة لبنانية ضد اسرائيل في جنوب لبنان الى جانب المقاومة الفلسطينية و بمساندتها خاصة من أبو عمار و كلمته التي هزت اسرائيل لا زالت تدوي في الآفاق:"اسرائيل شر مطلق". اخيرا, ان تغييب الامام موسى الصدر هو أكبر خدمة قدمت لاسرائيل و لكن و الحمد لله أن الله أتعم علينا بمن أدى الأمانة و عوض غياب سماحة الامام الصدر بالمجاهد الكبير سماحة السيد حسن نصر الله و المقاومة الاسلامية حفطهم الله.
-
الامام موسي هل هو الممهد المهدي؟اريد ان اطرح سؤالاً هاماً للغايه هل الامام حفظه الله برعاية هو الذي يذكر ب الصحابي المصري و يمهد للمهدي بعد غيبة طويله اود المشاركة في هذا المجال و جعلنا الله من اتباعه.
-
التقصير في قضية السيد موسى الصدر ورفيقيهان التقصير في معرفة مصير اختفاء السيد موسى الصدر ورفيقه واضح ولا يحتاج الى ما يدل عليه ان كل المسؤولين اللبنانيين سياسيين وحزبيين وأمنيين لهم الدور الكبير في بقاء مصير السيد ورفيقه مجهولاً لان لبنان بكل قياداته ومسؤوليه لم يبذلوا الجهد الكافي لاطلاق سراحه وبالتالي هم شركاء شاؤا أم أبوا في استمرار هذه الماساة الانسانية وأحمد الله سبحانه وتعالى على استيقاظ القضاء اللبناني بعد أكثر من 30 عاماً لملاحقة الموضوع. والله ولي التوفيق.
-
كل من تتلمذ على أيدي سماحةكل من تتلمذ على أيدي سماحة الامام لا ولم يكون فاسدا يوما.لذا رجاءعدم المس بهؤلاء الاشخاص.وشكرا
-
ابداع بعض الاخوانانا حقا جد اسف على من يبدعنابارائه حول عودة الامام هو عائد باذنه تعالى ونحن املنا ليس بنوع هذا المجرم فنحن نعرف انه اكبر مجرم عرفه التاريخ الاسود نتيجة افعاله واحب ان اؤكد ان من تتلمذ على يدي الامام الصدر لا يمكن ابدا ان يكون سارقا فهو من سلسلة الشرفاء ولا يتلمذ سوى شرفاء واعتقد انك لم ترى الجنوب سوى بعين الحقد المستشري في نفوس البعض ولن اعلق اكثر من ذلك سيعود ونرى من الذي عمل على القضاء على خط موسى الصدر والسلام
-
أنا استبعد كليا ان يكون هازاأنا استبعد كليا ان يكون هازا الطاغية قد تركه على قيد الحيات, كانت لدي شكوك في البداية ولكن عندما رأيت مازا فعل بشعبه وكيف قصفهم بالطاءرات والدبابات ,أصبحت أكيدا أنه صفاه من اول يوم وأتمنى ان اكون مخطئا
-
ندع الله عز وجلّ بتعجيل فرجهندع الله عز وجلّ بتعجيل فرجه وأن يَرجع لنا معافى وسالما،إذ نؤمن ببقائه حياً ولو حتى في قلوبنا،فإن كان ميتاً، أدخله الله فسيح جناته،وإن كان على قيد الحياة، حماه الله من كل ذي شرّ حتى يصل إلينا سالماً بإذنه تعالى.نحن في ترقب عاجل لكل خبر عنه، نرجو من جريدتكم الغراء إطلاعنا يوم بيوم عن كل جديد حول مصير الإمام المغيّب الصدر،
-
لا ادري ازا عاد الامام ورأىلا ادري ازا عاد الامام ورأى ما وصلت اليه حال البلاد من انحطاط اخلاقي وبالاخص من قبل اللزيب تتلمزوا على يديه والى اي مستوى من الفساد وصلوا وكيف نهبوا اموال الشعب المقهور في الجنوب,مازا يا ترى سسكون رد فعله
-
ربّما آن الأوان...رغم غموض قضيّة الإمام السّيّد موسى الصّدر، لكن: كلّ من يؤمن بالعدل الإلهي - وأنا من هؤلاء - يؤمن بأنّ الإمام لايزال حيّاً وأنّ نهاية مأساته ومأساتنا بغيابه باتت وشيكة.. لا يمكن لمن يعادي أولياء الله إلاّ أن يدفع ثمن عدائه ولو بعد حين.. وكلّ من يعرف الإمام موسى الصّدر يدرك ويوقن أنّه من أولياء الله وأنّ للعدل يوماً لايخيب.
-
الرجاء من الاخبار ان تلاحق كلالرجاء من الاخبار ان تلاحق كل المعلومات حول الصدر و تطلعنا عليها اول باول , لا تنسو ان الصحف الاستئقصائية في الغرب احيانا كثيرة تصل الى الحقيقة و المعلومات قبل اجهزة الامن .