على وقع التظاهرات التي بلغت أوجها أمس، قرّر ملك البحرين إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ومن ضمنهم المتهمون بالشبكة التنظيمية الـ25. هذا القرار مهد لعودة الأمين العام لحركة «حق»، حسن مشيمع، أحد المتهمين بالشبكة، إلى بلاده آتياً من لندن. وذكرت وكالة الأنباء البحرينية أن الملك «أمر بإطلاق سراح عدد من المحكومين وإيقاف السير في الدعاوى الجنائية المقامة بحق الأشخاص المشار إليهم في خطاب تجمع الوحدة الوطنية»، وذلك «تقديراً لتجمع الوحدة الوطنية المنقطع النظير مساء هذا اليوم في مركز الفاتح الذي دعا إلى الوحدة الوطنية، وعرفاناً لمشاعرهم الوطنية تجاه وطنهم وقيادتهم، واستجابة لما طرحوه من مطالب وطنية صادقة، لها كل التقدير»، في إشارة إلى المسيرة التي نظمتها المعارضة ليلة أول من أمس في فاتح، وطالب الخطباء خلالها بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
ولم تحدد وكالة الأنباء عدد المعتقلين أو أسماءهم، بل اكتفت بالقول: «ستُعلن أسماؤهم غداً». لكن أكدت مصادر أن القرار يشمل المعتقلين الـ25 في خلية الشبكة التنظيمية، التي تضم قيادات للمعارضة؛ إذ ذكر «وقف الدعاوى الجنائية».
ورأى النائب في جمعية «الوفاق» المعارضة عبد الجليل خليل إبراهيم، أن الإفراج عن الناشطين يستجيب لواحد من المطالب التي قدمت إلى ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة للقيام بمبادرات تثبت جديته في بدء حوار مع المعارضة، فيما رأى زميله الوفاقي، مطر مطر، أن قرار الإفراج عن المحكومين ووقف الدعوى الجنائية تجاه الناشطين الشيعة خطوة إلى الأمام.
في هذه الأثناء، كان من المفترض أن يحط الزعيم المعارض حسن مشيمع في المنامة، آتياً من لندن، لكن بيروت استوقفته، ولم يُتأكد إن كان سيبقى فيها بضعة أيام قبل العودة إلى البحرين. ومشيمع هو أحد المتهمين بخلية الشبكة التنظيمية، لم تتمكن السلطات من اعتقاله مع المعارض سعيد الشهابي، وهما يقيمان في لندن. وقد أكّد الشهابي في اتصال مع «الأخبار» أنه لن يرجع بدوره إلى البحرين رغم قرار الملك؛ لأن الوضع متوتر في الوقت الحالي، لكن «إذا تطلب الوضع العودة، فسأعود».
وشدّد على أن مشيمع لم يعد إلى البحرين كي يشارك في المشاورات المفتوحة، التي تجريها قيادات المعارضات من للردّ على مبادرة ولي العهد بشأن إجراء حوار وطني. وقال إن المعارضة لم توافق من الأصل على هذا الحوار، وهي متمسكة بمطلب إسقاط الملكية.
وعن الاجتماعات المفتوحة التي تجريها قيادات من المعارضة لبحث مبادرة ولي العهد، أوضح أن هناك خطين للمعارضة في البحرين: الخط الذي شارك في الانتخابات ويسمى التيار المساير للنظام، والخط الذي رفض المشاركة في الانتخابات السابقة»، الذي يتمثل في حركات الأحرار و«حق» و«الوفا». وهذه الحركات برأيه تتناغم مع حركة الشارع الذي يريد إسقاط النظام. ولفت إلى «أننا في السابق كنا نطالب بملكية دستورية (المطلب الذي تطرحه المعارضة الوسطية)، لكننا اليوم لن نقبل بأقل من إسقاط النظام».
وقال الشهابي: «نحن حسمنا موقفنا وأعلنا مطلبنا بوضوح ومن دون خجل أو تخفٍّ. طرح واضح من دون لف أو دوران»، لكن الذين يتحدثون عن الحوار يفضلون مسايرة السلطة ولم يحسموا خيارهم بعد. وأعرب عن ثقته بأن مشيمع لن يشارك في الحوار أو في اجتماعات المعارضة.
ميدانياً، خرج البحرينيون بعشرات الآلاف في العاصمة لتشييع قتلى الانتفاضة، قبل أن ينطلقوا في المسيرة التي دعت إليها المعارضة على وقع هتافات «لا سنية ولا شيعية، فقط بحرينية» و«الشعب يريد إسقاط النظام». وتجاوز عدد المتظاهرين 30 ألفاً، وهذا العدد هو الأكبر منذ بداية الانتفاضة، تقدّمتهم سيارات الإسعاف التي شاركت في نقل المصابين وإسعافهم خلال الأيام الماضية عند الهجوم على المتظاهرين.
وأعلنت السلطات البحرينية أن إجمالي عدد قتلى الاحتجاجات التي شهدتها المملكة بلغ سبعة قتلى. لكن المحتجين أكدوا أن العدد يراوح بين 10 إلى 11 قتيلاً. وأشارت إلى أن 25 مصاباً لا يزالون يتلقون العلاج جراء المواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين.
في السياق، ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، أمس، أن الجيش الأميركي (الأسطول الخامس) قوّض الجهود لتحسين العلاقات مع الغالبية الشيعية في البحرين، متجاهلاً الانتهاكات التي ارتكبتها العائلة الحاكمة بحقهم.
ونقلت عن مسؤول أميركي حالي ومستشارة سابقة في الجيش الأميركي وناشط حقوقي بحريني أن الجيش الأميركي ظنّ أن الملك حمد بن عيسى آل خليفة وحاشيته هم زعماء ذوي عقول إصلاحية يمكنهم تعزيز الديموقراطية وتحقيق الاستقرار، وذلك في إشارة واضحة إلى أن الجانب الأميركي لم يأخذ في الاعتبار تجربة الشيعة في البحرين التي وثقتها مجموعات الدفاع عن حقوق الإنسان وبعض المستشارين العسكريين.
وقال رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، نبيل رجب، للصحيفة إنه خلال سنوات تردّد الجيش الأميركي في إدراك مستوى التمييز الذي تمارسه العائلة الحاكمة ضد الشيعة في السياسة والتوظيف والسكن وحقوق الإنسان. وأضاف أن الولايات المتحدة لم تبن علاقات جيدة مع المعارضة وعدّتها أصولية ومتطرفة لتبرير موقفها السياسي المؤيد للحكومة.