أعادت انتفاضة «ثورة النيل» تسليط الضوء على ثروة آل مبارك، بعدما أمعن الرئيس المصري، حسني مبارك، برفقة أفراد عائلته في استغلال المناصب الرفيعة التي تولاها منذ وجوده في المؤسسة العسكرية، لجمع ثروة تقدر بين 40 و70 مليار دولار، من خلال صفقات مشبوهة على حساب شعب كان يزداد فقراً طوال سنوات عهده. والثروة التي قدّرت صحيفة «الخبر» الجزائرية العام الماضي أنها تترواح بين 40 و70 مليار دولار، ذكرت صحيفة «غارديان» أنها موزعة ما بين أرصدة في مصارف سويسرية وبريطانية، وعقارات في بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية ومصر ودبي، وعلى امتداد مساحات غالية من ساحل البحر الأحمر.
ورجحت أن تكون الأموال مودعة بشكل رئيسي في مصرفي «يو بي أس»، و«كريديت سويس» السويسري، إلا أن المصرف المركزي السويسري أوضح في نهاية عام 2009 أن المبلغ الأعلى الذي يملكه أشخاص مصريّو الجنسية في مصارف سويسرية لا يتجاوز 3.8 مليارات دولار.
في غضون ذلك، نقلت الصحيفة البريطانية عن الخبير في جامعة دورهام، كريستوفر ديفدسون، أن مبارك وزوجته وابنيه تمكنوا من جمع ثروتهم عبر شراكات في مجال الأعمال مع مستثمرين أجانب وشركات، منذ وجود الرئيس المصري في المؤسسة العسكرية حيث استفاد من الفساد في الشركات، في وقت ذكرت فيه صحيفة «الخبر» أن من بين هذه المؤسسات «مارلبورو» و«مترو»، و«هيرميس» و«ماكدونالدز»، و«سكودا»، و«حديد العز»، و«دريم لاند»، و«إيه أر تى»، و«فرست»، و«موفينبيك».
وفي وقت أشارت فيه الصحيفة إلى أن غالبية الشركات الكبرى مفروض عليها أن تقدم 50 بالمئة من صافي أرباحها السنوية لأحد أفراد أسرة مبارك، رأى ديفدسون أن الرقم هو أقرب عادة إلى 20 في المئة.
وبعدما لفت ديفدسون إلى أن «كل مشروع في مصر يحتاج إلى ما يشبه الراعي الرسمي له، ومبارك كان يقوم بذلك»، أكد أن هذه النسبة تعطي السياسيين والحلفاء المقربين في الجيش مصدراً لأرباح ضخمة، لأنها بدون مصاريف كبيرة وفي ظل نسبة مخاطر أقل، في وقت رجحت فيه الصحيفة عدم القدرة على مصادرة هذه الثروة في حال سقوط مبارك، ما لم تتخذ الحكومة المصرية قراراً بملاحقة العائلة وتقديم إثباتات على أن مصدر الثروة صفقات مشبوهة.
وفي السياق، يشير الخبير المصري أحمد النجار، في حديث إلى موقع «دويتشه فيله»، أنه يمكن قياس ثروة آل مبارك من خلال حجم الصفقات والعمليات التي يشارك فيها مبارك وعائلته، مثل شراء ديون مصر والأمور المتعلقة بشراء الأراضي، وبعض الأمور الأخرى المتعلقة ببرنامج الخصخصة.
ويؤكد النجار أن ثروة جمال مبارك جُمعت من خلال شراء سندات من ديون مصر في ثمانينيات القرن الماضي. ووفقاً للنجار، اشترى جمال مبارك ديون مصر التي كانت تباع آنذاك في الأسواق الدولية بـ 35 في المئة من قيمتها الأصلية، لأنه كان متأكداً من الحصول على 100 في المئة من الحكومة.
من جهته، يوضح الباحث في العلوم السياسية في جامعة لايبزغ الألمانية، عمر كامل، أن من أسهل الطرق التي حصل من خلالها أبناء مبارك على الثروة شراء الأراضي التي كانت مخصصة للجيش بأثمان رخيصة للغاية، من بينها المنطقة القريبة من مدينة الإسماعيلية، «والتي كان يعرفها المصريون كصحراء قاحلة، تحولت الآن إلى منطقة اقتصادية مهمة، كما أن أسعار الأراضي في هذه المنطقة ارتفعت ارتفاعاً مهولاً للغاية».
من جهته، يبني مدير معهد بازل السويسري، عضو مجلس إدارة منظمة الشفافية الدولية، دانييل تيليسكلاف، تقديراته لحجم ثروة عائلة مبارك من خلال الاستدلال بحجم ثروة الرئيس النيجيري السابق ساني أباتشا، الذي استطاع خلال فترة حكمه القصيرة من 1993 إلى عام 1998 «من جمع ثروة بلغت ما بين خمسة إلى ستة مليارات دولار»، مشيراً إلى أنه لا يستبعد «أن يكون في مقدرة رئيس ما أن يجمع مليار دولار في السنة أو أكثر».
وكانت صحيفة «الخبر» الجزائرية قد قدرت ثروة مبارك الشخصية بـ«15 مليار دولار»، أغلبها من «عمولات في صفقات سلاح وصفقات عقارية مشبوهة في القاهرة ومناطق الاستثمار السياحي في الغردقة وشرم الشيخ»، بعدما كانت تبلغ في عام 2001 نحو عشرة مليارات دولار.
كذلك، أشارت «الخبر» إلى أن نجله جمال يملك بمفرده «ثروة تقدر بـ17 مليار دولار موزعة على عدة مؤسسات مصرفية في سويسرا وألمانيا والولايات المتحدة وبريطانيا»، فيما تقدر قيمة ممتلكات علاء مبارك وأمواله الشخصية داخل مصر وخارجها بنحو 8 مليارات دولار.
أما زوجة الرئيس، سوزان مبارك، فدخلت نادي المليارديرات منذ عام 2000، «وتتراوح ثروتها بين 3 و5 مليارات دولار»، جنت أغلبها من التدخلات الشخصية لها لمصلحة مستثمرين ورجال أعمال.
(الأخبار)