إلى جوار مطعم «كنتاكي» في قلب ميدان التحرير، نصبت خيمة صغيرة وُضعت تحتها أكياس من القطن والشاش وعلب أدوية ومضادات حيوية. يحيط بالخيمة سياج من الحرس البشري لحمايتها. وخلف السياج يقف محمد إمام مرتدياً معطفه الأبيض، وقد وضع عليه ورقة كُتبت عليها كلمة «طبيب». محمد إمام يدرس في كلية الطب، وقد بلغ سنته الأخيرة. زملاؤه في الكلية يشاركونه هذا العمل الإنساني. صحيح أنه لم يُنه دراسته على نحو كامل، لكن الميدان يحتاج إليه. يقول «هنا عيادة أولية. نستقبل الجرحى والمصابين ونقدم إليهم الإسعافات الأوليه، لكن الحالات الخطيرة تُنقَل إلى الخطوط الخلفية حيث المستشفى الميداني، الذي يضم عدداً أكبر من الأطباء والاستعدادات الطبية».
معظم الإصابات التي يتابعها جروحُها بسيطة، ناتجة من الحجارة، لكنه أمس، شاهد حالة واحدة مصابة بطلق ناري نُقلت إلى المستشفى الميداني المقام في أحد مساجد وسط البلد.
يظهر فجأةً شاب يعاني ألماً شديداً في بطنه بسبب حجر ألقي عليه. يعتذر إمام عن الحديث ويغيب مع المصاب خلف الخيمة. إمام أيضاً هو أحد مستخدمي موقع تويتر وفايسبوك. هذا يعني أنه يقع في خانة ما يصفه محلّلون سياسيون، بشباب «الفايسبوك وتويتر». لكن بالنسبة إلى إمام وغيره من الشباب، فالإنترنت وسيلة للمعرفة ولتبادل الآراء والاطّلاع على كل ما هو جديد، الأمر الذي أسهم في تطوير وجهات نظره، ومكّنه من الاطّلاع على الكثير من الحقائق التي حاول الإعلام الرسمي لسنوات طويلة إخفاءها عن الشباب.
إمام ليس موجوداً في ميدان التحرير بحكم واجبه المهني لمعالجة الجرحى، يقول «أنا موجود هنا أولاً كإنسان مصري يأمل التغيير ومصر أخرى». نزل إمام في الأيام الأولى للتعبير عن رأيه مثل معظم المصريين، لكن حين تطوّر الموقف وظهر المصابون والجرحى، ارتدى المعطف الأبيض.