تسعى معظم الأنظمة العربية التي تخشى على مصيرها من ارتدادات انتفاضتي تونس ومصر إلى استرضاء شعوبها الغاضبة. وحدها الحكومة السودانية تبدو كأن الرسالة لم تصلها بعدتسارع الأنظمة العربية في هذه الأيام إلى اتخاذ الخطوات الإصلاحية، على أمل تجنّب سيناريو مشابه لما حصل في تونس ومصر، وسط تحذيرات من أن يؤدي نجاح النظام المصري في إجهاض «ثورة النيل» إلى ارتدادات عكسية.
وبعد 19 عاماً من فرض حالة الطوارئ على البلاد، نقلت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية عن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تأكيده، أمس، أن حالة الطوارئ سترفع «في أقرب الآجال». وكشفت الوكالة أن بوتفليقة «كلّف الحكومة بالشروع فوراً في صياغة النصوص القانونية التي ستتيح للدولة مواصلة مكافحة الإرهاب في إطار قانوني، ما سيؤدي إلى رفع حالة الطوارئ في أقرب الآجال».
خطوة إضافية أقدم عليها بوتفليقة من خلال التراجع عن حظر التظاهرات، بعدما أعلن السماح بتنظيم «المسيرات في جميع الولايات الأخرى، باستثناء ولاية الجزائر، شريطة تقديم الطلبات واستيفاء الشروط التي يفرضها القانون».
أما الحكومة البحرينية، فتراجعت عن خطط سابقة لرفع الدعم المقدّم للعائلات الفقيرة والدعم الحكومي للسلع الأساسية، وقررت عوضاً عن ذلك رفع الاعتمادات، مؤكدةً أن القرار يأتي «تنفيذاً لتوجيهات عاهل البحرين، وضمن احتفالات اليوم الوطني لميثاق العمل الوطني».
في غضون ذلك، خرج عشرات الآلاف من اليمنيين في احتجاجات سلمية أمس، وانقسموا بين موال للحكومة ومناهض لها.
ونظّمت المعارضة يوماً أطلقت عليه «يوم الغضب» تمكّنت خلاله من جمع أكثر من مئة ألف متظاهر في صنعاء، وفقاً لتقديرات المنظّمين، في أكبر حشد منذ موجة احتجاجات شهدها البلد قبل أسبوعين. وهتف مناهضون للحكومة أثناء تجمعهم قرب جامعة صنعاء، بعدما سيطر أنصار السلطة على ميدان التحرير الذي كان يفترض أن يكون نقطة تجمع المعارضة، وردّدت المعارضة شعارات «الشعب يريد تغيير النظام» و«لا للفساد ولا للديكتاتورية».
وفيما أكد عدد من ممثّلي المعارضة «مواصلة النضال السلمي حتى إسقاط هذا النظام الظالم، ورحيل نظام الرئيس علي عبد الله صالح»، أدى اندلاع اشتباكات بين القوات الأمنية والمحتجين في مدينة عدن حيث يزداد نشاط الحراك الجنوبي المطالب بفكّ الارتباط عن الشمال، إلى اعتقال 20 شخصاً على الأقل.
وعلى بعد أمتار من تجمّع أنصار المعارضة في صنعاء، تجمع عشرات الآلاف من المؤيدين للمؤتمر الشعبي العام، في ميدان التحرير، حاملين لافتات مؤيدة للرئيس علي عبد الله صالح وأخرى رفعت شعار «لا للتخريب لا لإثارة الفتن».
أما السلطات السودانية التي يبدو أنها اختارت سلوكاً مختلفاً، فوسّعت من قمعها للمعارضة، وألقت القبض على 10 صحافيين من صحيفة «الميدان» التابعة للحزب الشيوعي، استباقاً لاحتجاجات مناهضة للحكومة، في إطار حملة من الاعتقالات الواسعة تنفذها السلطات منذ أيام.
وقال القيادي في الحزب الشيوعي، صديق يوسف، إن الأمن كان ينتظر خارج مقر الحزب بعد اجتماع لتحالف للمعارضة أول من أمس، وألقى القبض على الصحافيين، إلى جانب عضو اللجنة المركزية في الحزب حسن قطان.
وفي السياق، دانت منظمة «هيومان رايتس ووتش»، أمس، استخدام الخرطوم «القوة المفرطة» في إسكات المحتجين المناهضين للحكومة، معتبرةً أنه «بدلاً من قمع الحريات الأساسية بالعنف، يجب أن تلتزم حكومة الخرطوم بالحقوق التي يكفلها دستورها وتسمح بحرية التعبير السياسي وتجعل الصحافيين يغطّون الأحداث بحرية».
إلى ذلك، اعترف الملك الأردني عبد الله الثاني أمس، خلال لقائه قياديي حزب جبهة العمل الإسلامي، بأن «مسيرة الإصلاح الشامل تعثّرت وتباطأت»، مؤكداً وجود «فرصة حقيقة لتحقيق الإصلاحات الشاملة».
لكن اعترافات الملك الأردني لا يبدو أنها أقنعت الحركة الإسلامية، بعدما رفضت عرض قدمه رئيس الوزراء المكلف معروف البخيت، للمشاركة في الحكومة، فيما أعلنت الحركة أنها ستستمر في مسيراتها الاحتجاجية المقررة اليوم، مستفيدة من إعلان النقابات المهنية مشاركتها في الحركة الاحتجاجية.
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)