القاهرة | بعد سنوات من الإهمال لمنظومة النقل المصرية التي تحصد سنوياً حياة نحو 15 ألف شخص بسبب حوادث الطرق، التفتت الحكومة المصرية أخيراً إلى ضرورة تطوير شبكة الطرق وتوفير طرق خاصة بالشاحنات، إضافة إلى زيادة وسائل النقل داخل العاصمة التي يتردد عليها يومياً نحو 20 مليون شخص نصفهم على الأقل من المقيمين فيها، مع الأخذ في الاعتبار أن الخطة التي بدأت بإطلاق الرئيس، عبد الفتاح السيسي، خطة لرصف الطرق، تسعى الحكومة راهناً لتحويلها إلى مشروع قومي جديد يجري تنفيذه خلال سنوات قليلة.
ويسعى وزير النقل، سعد الجيوشي، وهو لواء سابق، إلى تحويل قطاعات الوزارات المختلفة من قطاعات خاسرة إلى قطاعات تحقق أرباحا، سواء عبر توظيف الموارد غير المستغلة من الأصول الثابتة، أو زيادة الأسعار بما يناسب إمكانات المواطنين مع تحسين الخدمة، وإطلاق مشروعات مشتركة مع القطاع الخاص عبر إنشاء مراكز خدمية في المحطات.
وطلب الجيوشي تسريع الانتهاء من خطة تطوير الخط الأول لمترو الأنفاق لإقناع المواطنين بزيادة سعر التذكرة بنسبة 50% على أن تبرر الزيادة بتوفير تكاليف القطارات الجديدة، بالإضافة إلى التوسع في تنفيذ أكثر من خط جديد في الوقت نفسه.
وبخلاف استكمال خط المطار الذي افتتحت المرحلة الأولى منه قبل عامين، سيبدأ في تنفيذ خط جديد اعتباراً من كانون الثاني المقبل، فيما سيجري العمل بالتوازي على إنشاء قطار سريع يربط بين العاصمة الإدارية الجديدة بخطوط مترو الانفاق وخط آخر لقطار سريع معلق يربط وسط القاهرة ومدينة 6 أكتوبر، وهو ما يجعل غالبية مناطق القاهرة الكبرى مغطاة بشبكة مواصلات نفقية يمكنها تخفيف الاختناق المروري، وخاصة في شوارع العاصمة التي تشهد اختناقات حادة يومياً.
المشروعات المتعددة لمترو الأنفاق، الذي ينقل نحو مليوني راكب يومياً، يجري تنفيذها بقروض يابانية وفرنسية ميسرة، فيما ترغب الحكومة في الانتهاء من تنفيذ كل التوسعات بغضون ست سنوات، إضافة إلى زيادة عدد المحاور التي تحيط بالقاهرة الكبرى، لتخفيف الزحام في الداخل.
ويجري تنفيذ توسعات بالطريق الدائرية المحيط بالعاصمة، إضافة إلى إنشاء محاور مرورية جديدة بتكلفة تتجاوز 50 مليار جنيه في غضون عامين، مع وضع آلية للحفاظ على الطرق وصيانتها باستمرار، وبما يضمن ألا تتعرض للتهالك بعد مدة وجيزة من إنشائها.
لكن، تواجه تنفيذ القطار المعلق ومشروع الحافلات السريعة، الذي يسعى إلى إطلاق شبكة نقل عام موازية للشبكة الحالية، مشكلات مالية خاصة في ظل العجز الذي أصاب موازنة الدولة، وكذلك جاهزية المسارات الخاصة بالمشروعات للتنفيذ في انتظار توافر السيولة المالية، علماً بأن صعوبة الاشتراك في تنفيذها مع القطاع الخاص باعتبارها مشروعات خدمية، لا يتوقع أن يحقق أرباحا في المرحلة الأولى من تشغيلها، وهو ما يجعل تنفيذها رهن توافر المنح والقروض.
وبرغم توسع القوات المسلحة في تنفيذ الطرق السريعة بين المحافظات، فإن وزارة النقل تباشر في إنشاء وتوسعة طرق سريعة تحيط بمحور تنمية قناة السويس الجديد المقرر تنفيذ مشروعات متنوعة فيه خلال المدة المقبلة، فيما تدرس إنشاء طرق وحارات خاصة بالنقل الثقيل في مدن القناة الثلاثة.
أيضا يفتتح خلال الأشهر المقبلة ميناء سفاجا الذي أنفقت الدولة على إعادة تأهيله أربعة مليارات جنيه ليكون مركزاً للتجارة في منطقة الصعيد، التي ستطلق الحكومة فيها مشروعات تنموية، علماً بأن دراسات تجري لإعادة خط السكة الحديد الرابط بين الميناء وشبكة الخطوط، الذي كان قد تعرض للسرقة خلال ثورة 25 يناير.
وتدرس الحكومة في مشروعات النقل تنفيذ خطوط سكة حديد لنقل البضائع مع إعادة هيكلة هيئة النقل النهري بما يتيح استغلالها في تخفيف الضغط على شبكة الطرق والتوسع في تنفيذ عمليات النقل النهري باستخدام وسائل أكثر أماناً، وخاصة مع جاهزية المجري الملاحي بشكل كبير وسهولة تأهيل المناطق غير الجاهزة للملاحة النهرية بالتعاون مع وزارة الري. فهل تنجح خطط الحكومة للحد من الحوادث والكوارث التي تشهدها الطرق، أم تتوقف المشروعات لعثرات مالية وتأخر دفعات القروض؟