تونس | عقد صباح أمس الرئيس التونسي المؤقت والمرشح إلى الانتخابات الرئاسية، المنصف المرزوقي، اجتماعا شعبيا في مدينة مساكن بمحافظة سوسة، بحضور زعيم السلفيين، البشير بن حسن، فيما كان قد عقد يوم السبت الماضي اجتماعا في مدينة القيروان بحضور "روابط حماية الثورة"، الذين شاركوا في الانتخابات البرلمانية بقوائم مستقلة بعنوان "الشعب يريد"، وقد تضمن خطاب المرزوقي دعوة لمحاربة "الطاغوت"، الذي حصره في أنصار النظام السابق، الأمر الذي عدّه عدد من الحقوقيين والسياسيين تحريضا على العنف ودعوة للقتل.
في السياق نفسه، استيقظ التونسيون، يوم الأحد الماضي، في أكثر من مدينة تونسية، منها صفاقس، ليجدوا جدران بعض الشوارع الرئيسية مكتوب عليها شعار موحد "انتخبوا المرزوقي"، وقد وقعت ذلك "روابط حماية الثورة" المحظورة والمتورطة في عدد من جرائم الاعتداء بالعنف على السياسيين والمثقفين والإعلاميين.
كذلك، اعتدت، يوم السبت الماضي، في مدينة قابس جنوبي البلاد، مجموعة من أنصار المرزوقي من "روابط حماية الثورة" على نشطاء من حزب "اللقاء الدستوري"، الداعم للباجي قائد السبسي. وقال محسن مرزوق، مدير حملة السبسي، ان المرزوقي يستهدف السبسي ويستنجد بالروابط الاجرامية والمنحرفين الذين أفرج المرزوقي عنهم طيلة ثلاث سنوات من حكمه.
ومن جهة أخرى، أُفرج أمس عن عماد دغيج، وهو أحد قادة "الروابط" الذي فتحت النيابة العامة تحقيقا بحقه على خلفية ما كتبه على صفحته على موقع "فايسبوك" بأن "حمام دم ينتظر التونسيين اذا انتُخب احد رموز النظام السابق، وخاصة الباجي قائد السبسي".
لقد بدا واضحاً أن المرزوقي، وخلافاً لكل المرشحين الآخرين، اختار مساندة "روابط حماية الثورة" والسلفيين وقواعد "حركة النهضة"، بعد تراجع شعبيته وتراجع موقعه في كل استطلاعات الرأي، ولم يجد حلاً الا الاستنجاد بالأطراف التي يُطرح حولها العديد من علامات الاستفهام.
المرزوقي اختار منذ البداية شعارا غريبا لحملته الرئاسية (ننتصر أو ننتصر)، يحيل الى قاموس ذكّر التونسيين برئيس ساحل العاج، لوران غباغبو، الذي خسر الانتخابات في عام 2010 ورفض مغادرة السلطة الا بعد تدخل دموي شاركت فيه القوات الفرنسية. كذلك يحيل الشعار إلى كتاب المرزوقي الذي قدّم له احد منظري "الربيع العربي".
وكانت "روابط حماية الثورة" الحاضر الابرز في افتتاح حملة المرزوقي الانتخابية، بحضور عماد دغيج وريكوبا. وأعلنت "الروابط" مساندتها المطلقة للمرزوقي بعدما طالب في افتتاح حملته "الثوريين" بالتظاهر في الشوارع في حال عودة رجال النظام السابق، في إشارة الى الباجي قائد السبسي، الذي فاز حزبه "نداء تونس" بالعدد الأكبر من المقاعد في البرلمان الجديد.
هذا الاستنفار لأنصار الرئيس المؤقت رافقته حملة تشويه وتهديد للصحافيين ولكل الذين يعبرون عن آراء مخالفة لحزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" أو لرئيسه الشرفي، المرزوقي، على خلفية شبهة تورطهما في استضافة "الصهيوني" برنارد ليفي من أجل مخطط لتفجير الأوضاع في الجنوب التونسي.
الخطاب العدواني للمرزوقي ولأنصاره من ميليشيات "حماية الثورة" دفع "الاتحاد العام التونسي للشغل"، أكبر المنظمات العمالية وأعرقها في البلاد، إلى مطالبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بمراقبة سير العملية الانتخابات، وإلى التحذير من مخاطر خطاب انصار المرزوقي، الذين يتهمهم عدد كبير من التونسيين بمحاولة احراق البلاد بعد فشلهم الكبير في الانتخابات البرلمانية، التي لم يجن منها حزب الرئيس المؤقت الا اربعة مقاعد، فقط، بعدما حاز المرتبة الثانية في انتخابات ٢٠١١.
وأمام الغضب الشعبي الذي استقبلت به حملة المرزوقي الانتخابية، اضطرت ادارة الحملة الى إصدار بيان دعت فيه الى تجنب العنف والخطابات المتوترة، وذلك بعدما دشن أنصارهم الحملة بدعوات "الموت" لـ"الدساترة"، الخصم الأساسي لهم، ودعوا الى اجتثاثهم وعزلهم وحرمانهم المشاركة في الانتخابات، لكن تخلي "حركة النهضة" عن دعم هذا المطلب اسقط مشروع الاقصاء في الماء، كما تخلت الحركة ايضا عن دعم المرزوقي وتركت حرية التصويت لقواعدها.
فأي حظوظ للرئيس المؤقت في منافسة شرسة مع شخصيات ذات إشعاع كبير وصدقية في الشارع التونسي، مثل زعيم "اليسار" التاريخي، حمة الهمامي، أو زعيم "الحركة الدستورية"، الباجي قائد السبسي، او زعيم المعارضة في عهدي بورقيبة وبن علي، نجيب الشابي، او إحدى زعامات "الحركة الديموقراطية، كلثوم كنو؟
يوم ٢٣ تشرين ثاني سيحدد مستقبل المرزوقي!