غزة | ليست حركة "فتح" بعيدة عن المقاومة. فهي وإن أعلن المستوى السياسي فيها أنه اختار "السلم" للحرب، لكن هناك أذرعاً عسكرية قرر عناصرها الفتحاويون الاستمرار في خيار "الطلقة الأولى".
"الأخبار" حاورت المتحدث الرسمي باسم كتائب شهداء الأقصى ـ جيش العاصفة، أبو جهاد الذي يرى أن الحرب الإسرائيلية الأخيرة كانت مختلفة في كل تفاصيلها عن بقية الحروب.

ويشرح أبو جهاد أن الاختلاف كان يكمن في "حجم الإجرام والقتل والدمار الذي مارسته حكومة القتلة في تل أبيب"، فضلاً عن "الغطاء الدولي الغريب والكبير لذبح الأطفال والنساء، والصمت العربي والإسلامي الذي منح صواريخ الموت الحقّ في أن تطال كل سكان غزة".
ورغم الصمود الكبير للمقاومة وتحقيقها نقاطاً متقدمة في المواجهة، فإنه لا يخفي أنهم واجهوا مشكلات كثيرة في الميدان، "فالعدوّ يمتلك قوّة جويّة ضخمة، الأمر الذي جعل حالة التنقل صعبة للغاية، وقد تكلف المقاتل حياته، لكن المقاومين واصلوا تأدية واجبهم تجاه شعبهم ببسالة"، كذلك لا يخفي أنه في كثير من العمليات اضطروا إلى إطلاق الصواريخ من فوق الأرض "فيما الطائرات تملأ السماء".
عن قضية الهدن التي انتقدت كثيراً بسبب عدد الاغتيالات التي نفذها الاحتلال بعد كل هدنة، فإنه يؤكد أنهم خلال الحرب أو التهدئة ظلوا يلتزمون أماكنهم، "وكان الإعداد وتجهيز الصواريخ مستمرين على طول المعركة، إن كان في أماكن صناعتها وتجهيزها، أو في أماكن تربيضها استعداداً للإطلاق". ولفت إلى أن المدى الذي وصلته صواريخهم كان 50 كلم، "فكانت كلّ هذه البقعة تحت نيران مقاتلينا في أيام الحرب، لكن التركيز كان على غلاف غزة لما نعلمه مسبقاً من هشاشة هذا الغلاف وضعفه".
وتقدر إحصاءات "جيش العاصفة" أنهم أطلقوا طوال أيام الحرب نحو 620 صاروخاً، إضافةً إلى سلسلة من الكمائن أثناء العملية البريّة، "وخاصة الاشتباك مع قوّات العدوّ التي حاولت أن تتقدّم في بعض المناطق".
يتابع أبو جهاد: "كان لدائرة التصنيع دور كبير في هذه الحرب، فهي لم تتوقف لتعويض الصواريخ التي تطلق، وقد ظهر هذا في عدة قنوات عرضت تصنيع صاروخ (عاصف 3) أثناء الحرب".
أما في موضوع شراكتهم مع باقي الفصائل، فيؤكد أنهم كانوا يركزون على هذا الجانب، "بل فاقت الأمور منطق غرفة العمليات المشتركة، لأن المقاتلين كانوا متّحدين في الميدان".
بشأن السجال الدائر بين حركتي "فتح" و"حماس" وتأثيره على العلاقة بالأخيرة وخاصة كتائب القسام، قال: "الحرب كانت اختباراً حقيقيّاً لفتح وحماس، وأثبت كلاهما فيها أنه ينتمي إلى هذا الشعب، وأنه جزء أصيل من التركيبة الفلسطينية، لذلك فإن أيّ سجال جانبي لن يؤثر في العلاقة، خاصة بين المقاومين".
أخيراً، تحدث عن علاقتهم بحزب الله، ولم يخف وجود علاقة مميّزة مع الحزب منذ بداية الانتفاضة الثانية، مضيفاً: "كان لهذه العلاقة دور كبير في نقل تجربة المقاومة من لبنان إلى غزة، على صعيد إعداد المقاتلين، أو تطوير الأدوات القتالية والانتقال من المقاومة العشوائية إلى المقاومة المنظمة العلمية".