الخليل | تتعرض بلدة اذنا الواقعة غرب مدينة الخليل، جنوبي الضفة المحتلة، لحملة إخطارات جديدة تصدرها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، فيها أوامر لأهالي البلدة بوقف البناء، فضلاً عن هدم عشرات المنازل، وآخرها إخطار ثلاثة منازل بالهدم في حي خلة ابراهيم بحجة «عدم الترخيص»، رغم أنها مأهولة بالسكان. وفي الحملة الإسرائيلية ممارسات عنصرية أخرى، كإغلاق الطرق الزراعية ومداخل البلدة بجانب المداهمات والاعتقالات، وهدمت أيضاً منازل وبركسات زراعية وآبار ارتوازية.
حتى شبكات الكهرباء التي تغذي اذنا قُطعت، والهدف الواضح من كل هذه الإجراءات إرهاب أهلها حتى يغادروا البلدة التي تلامس حدودها «الخط الأخضر»، وأكل الجدار الفاصل من مساحتها آلاف الدونمات، إضافة إلى مجاورتها عدة مستوطنات إسرائيلية، علماً بأنها تشكل أكبر تجمع سكاني على امتداد الخط الغربي للخليل من بين أكثر من 20 تجمعاً، فيما لا تقدم السلطة الفلسطينية أي دفاع حقيقي عن البلدة.
بلدية اذنا حاولت من جهتها تعزيز صمود السكان بتقديم مساعدات مادية طارئة إلى من هدمت منازلهم، وبنت مدارس في المناطق الملاصقه للأراضي المصنفة تحت إطار مناطق «ج» إلى جانب مد بعض الخدمات الأساسية كالكهرباء وشبكات المياه.
ورغم أن أهالي البلدة يعلمون أن البناء فيها مخاطرة ومجازفة لأنها تستهلك جل جهدهم ومدخراتهم وفي لحظات يقضي الاحتلال عليها، لكنهم يصرون على محاولة البقاء في مكانهم. وكانت مساحة اذنا تبلغ 38 ألف دونم صادر الاحتلال منها 20 ألفاً عام 48، فيما صادر لمصلحة الجدار العنصري في أيلول 2005، 4000 دونم أخرى، والآن صارت البلدة محاصرة من جميع الجهات الغربية والجنوبية والشرقية عبر الجدار والمستوطنات والشارع الالتفافي، الأمر الذي يمنع تطور البلدة وامتدادها.
أحد الذين تسلموا إخطاراً من الاحتلال بهدم منازلهم هو أمجد سليميه، ويوضح أن سلطات الاحتلال أخطرت معه شقيقه عوض وجاره عارف أبو زلطه، مؤكداً أن المنازل الثلاثة مأهولة بالسكان منذ عشر سنوات. وذكر سليميه أن «الإدارة المدنية» التابعة للاحتلال منحتهم فرصة لتقديم اعتراض على أوامر الهدم عبر التماس لدى محاكم الاحتلال بعد طلب من المحامين، مناشداً الجهات المتخصصة فلسطينياً بدعمهم وأخذ دورها في مواجهة الأوامر الكارثية، التي في حال تنفيذها ستكون نتائجها كارثية عليهم.
رئيس بلدية اذنا، هاشم الطميزي، أوضح أن وضع البلدة في خطر حقيقي، إذ إن المناطق الغربية والجنوبية يمنع البناء فيها بحجة أنها «مناطق إطلاق نار» وقريبة من جدار الفصل. وفي تلك المناطق، وفق الطميزي، هُدمت ونُسفَت عشرات آبار المياه ومزارع الدواجن التي تُعَدّ مصدر رزق أساسياً للسكان، إلى جانب حرق محاصيل زراعية، لافتاً إلى أن آخر منزل هدم هناك يعود إلى عائلة فرج الله، «ثم فجر الاحتلال منزلاً آخر، واقتلع شبكة كهرباء بطول كيلومتر تخدم حياً سكنياً في كاملاً».
ويكمل رئيس البلدية: «عمد الاحتلال إلى حرمان مواطني اذنا استخدام المياه الجوفية للأغراض الزراعية، بل منعهم من الحفر لأكثر من 17 متراً في العمق، ثم جاءت الجرافات لتغلق الطرق الزراعية بالتزامن مع دخول موسم قطاف ثمار الزيتون». وما تستطيع فعله البلدية الآن هو «تقديم الخدمات القضائية من طريق مؤسسة سانت أيف في بيت لحم لكل الذين تسلموا إخطارات بالهدم»، ويجري عبر هذه المؤسسة «تكليف محامين إسرائيليين الدفاع عن مئات المنازل التي وزع الاحتلال إخطارات هدم بحقها، ولا تزال منظورة لدى محاكم الاحتلال في بيت أيل إلى جانب قضايا أخرى رفعتها البلدية».
ومع أن غالبية أوامر الهدم أُقفت، فإن المواطنين يخافون من تنفيذها بين ليلة وضحاها، لذلك يرون الإعلام مقصراً في التسليط على قضيتهم، فضلاً عن «تقصير السلطة وغياب مخطط واضح يمكن أن تقدمه لدعم البلدة وسكانها».
على الناحية القانونية، أوضح مستشار الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، المحامي غاندي أمين، أنه يمكن المواطن المتضرر أن يحصل على قرارات بوقف الهدم أو تعديل قرارات المصادرة، «في حين أن من واجب السلطة التوجه إلى الإجراءات الدولية لمتابعة قرارات الاحتلال خصوصاً في مناطق ج، باعتبارها أرضاً محتلة، فالمواطن لا يستطيع وحده مواجهة سياسات الاحتلال إلا بالتماس لدى محاكم الاحتلال نفسه»، مشيراً إلى أن تعليق الهدم لا يبطل الدعوى.
ويؤكد أمين أن المحاكم الإسرائيلية غير صالحة من وجهة نظر القانون الدولي الإنساني، «لأنها محاكم لا ترى في اتفاقات جنيف مرجعية لأحكامها، فتبقى تحت وصف محاكم احتلالية».
وتقف البلدة وسكانها الآن أمام أكثر من 150 قراراً وإخطاراً بالهدم، فيما تقول حكومة الوفاق إنها طالبت بالتوازي مع إعمار قطاع غزة مخصصات مالية لتطوير مناطق «ج» التي تصنف اذنا من ضمنها. وكذلك تقول بلدية اذنا إنها بالتنسيق مع مركز «السلام والديموقراطية» في القدس المحتلة، وبإشراف أوروبي، تنوي توسيع المخططات الهيكلية في تلك المناطق. وتبلغ مساحة المخطط الجديد المقترح 1400 دونم، وجرت الموافقة على 5500 دونم أخرى، «لكن الاحتلال يماطل في السماح بالتنفيذ منذ 3 سنوات، وأخيراً بنى المواطنون وعمّروا في هذه المناطق، ما أعاد إرباك الاحتلال الذي صار غير قادر على هدم مئات المنازل، لذلك يشنّ هذه الحرب النفسية».