على مدى الأشهر الماضية من المعارك الداخلية بين قوات الجيش و«اللجان الشعبية» من جهة، والقوات الموالية لـ«التحالف» في عدد من محافظات البلاد، من جهة أخرى، ظل ملف الأسرى مفتوحاً، وذلك بحكم استمرار المواجهات وتعدد أطراف النزاع.
تؤكد الإحصائيات الأولية التي حصلت عليها «الأخبار» حول الأسرى اليمنيين المفرج عنهم بين مختلف الأطراف، الإفراج عن 1066 أسير حرب بين الجيش و«اللجان الشعبية» وبعض التيارات؛ منهم «الحراك الجنوبي» المسلح في محافظات عدن ولحج والضالع وبعض التيارات الأخرى الموالية للسعودية. إلا أن الجماعات المتطرفة التي تقاتل بإسناد سعودي في عدد من المحافظات، كمحافظة البيضاء وأبين وبعض الأطراف المسنودة من «التحالف» في محافظتي مأرب وتعز لم تسجل أي تبادل للأسرى بينها وبين الجيش و«اللجان الشعبية» خلال الأشهر الماضية، رغم إعلان طرفي القتال أسر العشرات من مقاتلي الطرف الآخر.
في محافظة شبوة الجنوبية، أفرج عن 101 أسير؛ منهم 31 أسيراً من حملة الرتب العسكرية ومن المنتسبين إلى الوحدات العسكرية في المنطقتين الأولى والثانية، ومعظمهم من أبناء مديريتي الوضيع ولودر في محافظة أبين التي ينحدر منها هادي، بالإضافة إلى الإفراج عن 70 عنصراً من الميليشيات الموالية لهادي في بيحان الواقعة في نطاق محافظة شبوة. وجاء الإفراج عن الأسرى في أيلول الماضي بتوجيهات من زعيم «أنصار الله» السيد عبد الملك الحوثي شخصياً تكريماً لأبناء محافظتي شبوة وأبين. وقالت مصادر مقربة من حركة «أنصار الله» إن قرار الإفراج عن الأسرى جاء كبادرة حُسن نية تجاه المواطنين المغرر بهم والذين جعلتهم الظروف المعيشية يلجأون للانخراط في صفوف الميليشيات المسنودة من دول «التحالف» ليواجهوا رجال الجيش و«اللجان الشعبية».
وأفادت المصادر نفسها بأن الحوثي سبق أن وجّه أواخر آب الماضي بالإفراج عن 51 أسيراً من أسرى محافظة شبوة من مختلف مديرياتها من الذين اعتقلوا أثناء المواجهات الدائرة في محافظة شبوة، حيث تم نقلهم إلى أحد السجون في محافظة عمران.
وفي مطلع تشرين الأول، نجحت وساطة قبلية في محافظتي البيضاء والضالع في إتمام عملية تبادل للأسرى بين المسلحين الموالين لهادي وحركة «أنصار الله» وتم تسليم الأسرى الذين سقطوا في مواجهات منطقة ذي ناعم في محافظة البيضاء. وسلمت تلك الوساطات طرفي القتال سبعة أسرى من كل طرف.
إلا أن العملية كانت الثانية، حيث سبق أن نجحت عملية تبادل أسرى سابقة في 21 أيلول الماضي، حين تسلمت الميليشيات لموالية لهادي 150 أسيراً من أبناء محافظات الضالع ولحج وأبين وعدن وعدد قليل من بقية المحافظات الأخرى مقابل تسلّم حركة «أنصار الله» 69 أسيراً.
وعلى الرغم من اشتداد القتال بين الطرفين، لم تنقطع عملية التواصل بينهما، وخصوصاً في ما يتعلق بالأسرى والضحايا الذين يسقطون في المواجهات، وهو ما يمكن الطرفين من معرفة أسماء الأسرى والعمل على إبرام صفقات تبادل بينهما. وسجلت في 17 كانون الأول 2015 أكبر عملية تبادل للأسرى قام بها وسطاء محليون وممثلون عن أطراف القتال أثمرت عن تحرير المئات من الأسرى، وشملت عملية التبادل المنجزة 370 عنصراً من المنتمين إلى حركة «أنصار الله»، واعتقل كثر لانتمائهم إلى المحافظات الشمالية وتمت المساومة بهم كأسرى مقابل 285 عنصراً من الميليشيات الموالية لهادي والمحسوبة على «الحراك الجنوبي». وتمت عملية التبادل في مديرية يافع في محافظة لحج الجنوبية التي ترتبط بحدود برية مع محافظة بيضاء الواقعة في شمال اليمن.
إلى ذلك، لم يسلم أسرى الحرب من الانتهاكات خلال الفترة نفسها، فلا يزال العشرات من الأسرى يقبعون في معتقلات خاصة بميليشيات «حماة العقيدة» المتطرفة في مدينة تعز منذ أشهر ويعاملون معاملة سيئة، وفق مصادر مطلعة. كما أن مصير أسرى الحرب الذين سقطوا خلال مواجهات مأرب لا يزال غامضاً رغم اعتراف القوات الموالية لهادي والمسنودة بقوات سعودية وإماراتية بوجود العديد من أسرى الجيش.
وفي الوقت الذي يحث فيه القانون العالمي الإنساني واتفاقية جنيف على احترام أسرى الحرب ومعاملتهم معاملة إنسانية وحمايتهم وعدم تعريض حياتهم للخطر، ارتكب تنظيما «القاعدة» و«داعش» في الجنوب جرائم بشعة بحق الأسرى في محافظات تعز وعدن وأبين، حيث سجلت في تعز جريمة تعذيب وقتل وسحل بحق أحد أسرى المواجهات منتصف آب الماضي، ما أثار حالة استياء عارمة في الشارع اليمني، وأقدما أيضاً على قتل عدد من أسرى الجيش في محافظة عدن وأبين في كانون الأول الماضي، حين قتلا 21 أسيراً وصورت العلمية التي تمت بواسطة الذبح وتفجير قارب بالأسرى.




الصليب الأحمر الدولي «يسهّل» التبادل فقط

على مدى الأشهر الماضية من الاقتتال الداخلي، لم يتجاوز دور المنظمات الدولية والصليب الأحمر الدولي دور الميّسر والمنفذ لاتفاقات ومفاوضات قادها وسطاء محليون، وأثمرت الإفراج عن أسرى الأطراف المتصارعين. وأكد الصليب الأحمر الدولي في السادس من آب الماضي، تسهيله نقل سبعة معتقلين مُفرج عنهم من عدن إلى صنعاء. وحينها ذكر رئيس بعثة «اللجنة الدولية» في اليمن، أنطوان غراند، أن «ممثلي أنصار الله والمقاومة الجنوبية اتصلوا اتصالاً مباشراً باللجنة الدولية»، وطلبوا منها نقل المعتقلين المفرج عنهم، بمقتضى دورها كوسيط محايد. وأكد عدم مشاركة «اللجنة الدولية» في أي مفاوضات سبقت عملية الإفراج، غير أن «اللجنة» عرضت خدماتها ويسرت الترتيبات اللوجستية المحيطة بعملية الإفراج، بما في ذلك نقل المعتقلين السبعة بالطائرة من عدن إلى صنعاء. وأضاف غراند أن عملية الإفراج التي جرت، «تمت في إطار مناقشات ثنائية وسرية أوسع نطاقاً بيننا وبين أطراف النزاع بشأن الأشخاص المحتجزين والجرحى والموتى».