الخرطوم | تنشط ثلاث وساطات إقليمية على خطّ الأزمة السودانية، وسط تضارب في بعض المصالح وتتافس في تحقيق اختراق حقيقي في الأزمة المندلعة ما بين قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات «الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو (حميدتي). وتتحرّك كلّ من مصر وجنوب السودان وتشاد بشكل متوازٍ، بالاعتماد على المعرفة الوثيقة بطرفَي النزاع، والخبرةِ في الشأن السوداني، فيما تسلك إثيوبيا وإريتريا مسارات أخرى، معتمدتَين على نفوذهما في العمق السوداني. أيضاً، ثمّة حَراك سعودي - أميركي نجح بالفعل في استضافة ممثّلين عن طرفَي النزاع في جدة، فيما يُعوَّل عليه لتحقيق وقف إطلاق النار لمدّة شهر على الأقلّ، إلى حين الاتفاق على صياغة محدّدة لمسار سياسي جديد قد يحظى بمشاركة دول الجوار ودعمها. وبينما تتحرّك الرياض بتنسيق مباشر مع أبو ظبي التي تدعم «الدعم السريع»، تحاول القاهرة، كما جوبا، من جهتهما، الحفاظ على الحياد وتنسيق المواقف المشتركة، وتوازياً إضفاء شرعية على «الدعم»، وهو ما عبّر عنه الاتّصال المعلَن الذي جرى بين وزير الخارجية المصري سامح شكري، و«حميدتي»، قبل أيام، وذلك بعدما وَصفت مصر، قوات الأخير، بالميليشيات في بداية الاشتباكات.
قد تتضمّن الصيغة النهائية اعترافاً من البرهان بشرعية «الدعم السريع»

ووفق معلومات «الأخبار»، فإن قمّة يجري ترتيبها لقادة دول الجوار السوداني سيتمّ عقْدها خلال الأيام المقبلة، وهي ستجمع مصر وجنوب السودان وتشاد وإثيوبيا وإريتريا، في محاولة لتوحيد الجهود، فيما يجري التنسيق من أجل دخول رئيسَي جيبوتي وكينيا على خطّ الوساطة. وفي حال تعثُّر القمّة الموسّعة، سيجتمع رؤساء مصر وتشاد وجنوب السودان فقط، على أن تجرى لقاءات واتّصالات رفيعة المستوى مع الأطراف الأخرى عبر وزارة الخارجية المصرية والمخابرات العامّة. وسعى شكري، خلال جولته في تشاد وجنوب السودان، إلى تنسيق بنود مبادرة تتضمّن وقفاً فوريّاً لإطلاق النار، وإطلاق حوار يشارك فيه العسكريون مع المكوّن المدني لحلّ الأزمة في أسرع وقت ممكن. وهي رؤية لا تصنّف «الدعم السريع» كميليشيا، لكنها ستتضمّن تصوّراً عن إمكانية دمجها في القوات المسلّحة السودانية بصورة تُرضي كلّاً من البرهان و«حميدتي»، مع تقديم كلّ منهما تنازلات، والإبقاء على الوضع العسكري على الأرض على حاله، إلى حين انتهاء المفاوضات. وإذ بدأ قائد الجيش السوداني يستشعر بأن أطرافاً عربية لم تدعمه كما كان يَتوقّع، فقد حثّته القاهرة، بالفعل، على التأقلم مع ما فرضته ظروف المعركة، وخاصّة مع تراجع قدرة الطيران على الحسم، وتحقيق «الدعم» تقدُّماً سريعاً في وقت زمني قصير، في نطاق العاصمة الخرطوم.
إزاء ذلك، يحاول الجيش، حالياً، ضمان وجوده في العاصمة، وعدم تعرّض آخر المواقع التي يسيطر عليها للخطر، فيما تفيد مصادر مطّلعة، «الأخبار»، بأن الصيغة الجاري العمل عليها حالياً تتضمّن اعترافاً من البرهان بشرعية «الدعم السريع»، ومن «حميدتي» بقيادة البرهان للجيش، وتوحيد مؤسسات الدولة، بهدف تجنيب البلاد ويلات الصراع الذي بدأ يتفاقم خارج حدود العاصمة، مع وقوع اشتباكات قبليّة، وظهور بوادر أزمات أخرى قد لا يستطيع طرفا النزاع التعامل معها.