في خطوة أخيرة نحو دمشق، قُبيل استضافتها القمّة العربية، وجّهت السعودية دعوة رسمية إلى الرئيس السوري، بشار الأسد، للمشاركة في القمّة، حملها السفير السعودي في الأردن، نايف السديري، الذي زار دمشق، أمس الأربعاء، والتقى الأسد. وفي خلال اللقاء، رأى الأسد أن «انعقاد القمّة العربية المقبلة في السعودية سيعزّز العمل العربي المشترك لتحقيق تطلّعات الشعوب العربية»، محمّلاً السفير تحيّاته وشكره للملك السعودي على الدعوة. وتأتي هذه الخطوة بعد يوم واحد من إعلان دمشق والرياض عودة كامل العلاقات الديبلوماسية بينهما، حيث ستتمّ رسمياً إعادة فتح سفارتَي البلدين بعد الانتهاء من أعمال الصيانة والترميم، وهو ما يجيء تتويجاً للإعلان عن عودة العمل القنصلي، والتي تبعتها زيارات ديبلوماسية متبادلة لوزيرَي خارجية الدولتَين.وتفتح عودة العلاقات بين دمشق والرياض الباب على مصراعيه أمام طيّ صفحة السنوات الـ 12 الماضية، والتي حاولت خلالها دول خليجية وعربية تغيير نظام الحكم في سوريا، وقامت بدعم المعارضة وفصائل مقاتلة على الأرض، قبل أن تنتهي هذه المحاولات إلى الفشل، الأمر الذي جعل التطبيع مع دمشق أمراً لا بدّ منه. وتولّت دول عربية عدّة، من بينها العراق والأردن وسلطنة عُمان والجزائر والإمارات، عملية التوسّط على هذا الطريق، لتثمر جهودها، في نهاية المطاف، اجتماعاً خماسياً، ضمّ إلى جانب الأردن كلّاً من السعودية والعراق ولبنان وسوريا، وخلص إلى خريطة طريق سورية - عربية لمواجهة التحدّيات التي فرضتها الحرب، وهي خريطة اعتمدتها «جامعة الدول العربية» التي عقدت اجتماعاً غير عادي على عجالة، أعلنت من خلاله إنهاء تجميد عضوية سوريا.
وفي وقت لم تعلن دمشق، صراحة، مشاركة الأسد في القمة التي تستضيفها جدة، في التاسع عشر من الشهر الحالي، تبدو مشاركة الرئيس السوري منطقية ومتوافقة مع التطوّرات الإقليمية والدولية. إذ عادت العلاقات بين دمشق ومعظم العواصم العربية إلى شكلها الطبيعي، باستثناء قطر التي ما زالت تعلن عداءها الصريح للحكومة السورية، ودول أخرى متردّدة، من بينها مصر، التي يبدو أنها ما زالت تدرس خطواتها في ظلّ التلويح الأميركي المستمرّ بفرض عقوبات على الدول المنفتحة على سوريا. ولعلّ هذا ما يفسّر تصريحات وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أخيراً، إذ رأى أن «عودة سوريا إلى الجامعة لا تمهّد إلى التطبيع الكامل مع حكومتها» بالنسبة إلى بلاده، مضيفاً إن إنهاء تجميد عضوية سوريا يمثّل «خطوة أولى لخلق رؤية وتفاهم وإجراءات تزيد من الثقة وإنّنا على الطريق السليم»، متابعاً أنه «سوف يتمّ تقييم تلك الخطوات (مع سوريا) وإعلان مدى التقدّم». لكن، في المقابل، علمت «الأخبار» أن اتصالات تجري لعقد لقاء قمّة بين الرئيس السوري، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، قبل انعقاد القمة السنوية للجامعة العربية في الرياض. كما تجري اتصالات لعقد لقاء مشابه بين الأسد والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وخلال تصريحات سابقة، عبّرت دمشق، مراراً، عن تفهّمها الموقف الحذر الذي تتّخذه بعض الدول العربية إزاء عودة العلاقات بشكل رسمي معها، بسبب مخاوف من الضغوط الأميركية والغربية، وذلك على الرغم من التواصل المستمرّ بينها وبين عواصم تلك الدول بشكل غير معلَن.