الخرطوم | وافق الجيش السوداني على مبادرة منظّمة «إيغاد» المتمثّلة في تمديد الهدنة لأسبوع، وتسمية ممثّل عن كلّ طرف من أطراف النزاع للتباحث حول الهدنة مع آلية مكوّنة من رؤساء: جنوب السودان وكينيا وجيبوتي، على أن تجرى المباحثات في دولة يتمّ التوافق عليها مع «الآلية». وربط الجيش موافقته على ما تَقدّم «بمبدأ الحلول الأفريقية لقضايا القارة، ومراعاة الجانب الإنساني للسودانيين»، مستدركاً بأن «هذا لا يعني قفل الباب أمام المبادرة الأميركية - السعودية»، وآملاً أن تلتزم قوات «الدعم السريع» بمتطلّبات الهدنة المقترحة. إلّا أن تلك القوات، على رغم قرب انتهاء الهدنة السادسة، لم تعلّق بعد على مبادرة «إيغاد»، بالموافقة أو بالرفض، علماً أن دفع الله الحاج، المبعوث الخاص لقائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، أكد أنه لن يكون هناك تفاوض مباشر مع "الدعم". وأضاف الحاج، في أعقاب لقاءات عقدها في كلّ من السعودية ومصر، أن الحلّ النهائي للأزمة الحالية في السودان يكون من خلال الحسم العسكري.من جهته، طالب الناطق الرسمي باسم العملية السياسية في السودان، خالد عمر، بضرورة أن «يكفّ الجميع عن أيّ فعل أو قول يُدخل جهات خارجية كطرف في الحرب الدائرة في البلاد»، لافتاً إلى أن «هناك فرصة لوقف هذه الحرب، لكن ما يهدّدها إمكانية انزلاقها إلى حرب عابرة للحدود ودخول قوى إقليمية ودولية كطرف فيها».
ارتفعت، في الأيام الماضية، موجة الرفض الشعبي لممارسات قوات «الدعم السريع»


ميدانيّاً، تجدّدت الاشتباكات، صباح أمس، بصورة مكثّفة في محيط القصر الجمهوري والقيادة العامّة للجيش في العاصمة الخرطوم، ومناطق في مدينة الخرطوم بحري، حيث استهدفت القوات المسلّحة بالمدفعية الثقيلة أماكن وجود «الدعم السريع» في محيط السوق العربي وسط العاصمة والقصر الجمهوري. وردّاً على ضرْب قواتها في الخرطوم، شنّت «الدعم» هجوماً مباغتاً على رئاسة المنطقة العسكرية (سلاح الإشارة) في مدينة الخرطوم بحري صباح أمس، قال الجيش إنه تصدّى له. ودانت «الدعم السريع» الهجوم على عناصرها في عدد من مناطق تمركزها، واستنكرت ما سمّتها «التصرفات غير المسؤولة من قيادة الجيش بخرقها للهدنة»، معتبرةً أن «تعدّد مراكز القرارات داخل المجموعة الانقلابية، انعكس سلباً على تنفيذ الهدنة الإنسانية». وبدا أن هذه القوات، بعدما نفّذت مخطّط الاحتماء في منازل السكّان والاختباء داخل الأحياء السكنية، تعمل الآن على تنفيذ مخطّط آخر، وهو الاحتماء في المرافق الحيوية، سواء كانت صحية أو سيادية أو حتى عسكرية، على افتراض أن الجيش لن يضرب بالطائرات تلك المرافق، ومن بينها مصفاة البترول في منطقة الجيلي، ومصنع التصنيع الحربي، وعدد من المستشفيات والمعامل القومية. وكانت «الدعم السريع» قد منعت المواطنين، أخيراً، من الوصول إلى صيدلية الإمدادات الطبية المركزية - فرع منطقة السجانة جنوب غرب الخرطوم -، وهي مؤسّسة حكومية تتبع لوزارة الصحة ومسؤولة عن توفير الأدوية والمعدّات الطبية للمؤسّسات الحكومية، في ظلّ شحّ الإمكانات والدعم المالي الضعيف المخصّص من قِبَل الحكومة للإمدادات الطبية. وفي هذا الإطار، أصدرت «الهيئة النقابية لصيادلة المجتمع» بياناً وصفت فيه سلوك "الدعم" بـ«الإجرامي ضدّ المواطنين وحقّهم في الحياة والخدمة الطبية»، معتبرةً أن «إغلاق الصيدلية كارثة صحية لما تقدّمه من خدمات علاجية بتوفير الأدوية المنقذة لحياة مرضى السكري والضغط». وأشار البيان إلى أن «هذا التصعيد في ظلّ شحّ منافذ الخدمة الصيدلانية وضعف الإمدادات الدوائية وما يعانيه المواطن، يُعدّ جريمة مكتملة الأركان في حقّ المدنيين العزّل»، محذّرة من «الكوارث الصحية الناجمة عن ذلك». وارتفعت، في الأيام الماضية، موجة الرفض الشعبي لممارسات قوات «الدعم السريع»، في ظلّ تزايد أعمال السلب والنهب من قِبَل عناصرها، وخاصّة سرقة السيارات بالقوّة. وفي هذا السياق، اتّهمت وزارة الخارجية، «الدعم» بمهاجمة مقرّ السفارة الهولندية في الخرطوم ونهْب مقتنيات ثمينة من مكتب السفير.