القاهرة | تواصل مصر دعمها المباشر للجيش السوداني في الأزمة الدائرة مع قوات «الدعم السريع»، وإنْ أصبحت منفتحةً على مسار المفاوضات بدلاً من الحسم العسكري، كما كان عليه الحال في بداية الأزمة؛ وذلك لعدّة أسباب، في مقدّمها عجز قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، عن تصفية منافسه، محمد حمدان دقلو «حميدتي»، في الأيام الأولى للصراع، والتدخُّل الخليجي (الإماراتي - السعودي) على خطّ الأزمة، والدعم المقابل الذي يصل إلى «الدعم». وفي إطار المساعي الدبلوماسية، عقد مبعوث البرهان الخاص إلى القاهرة، السفير دفع الله الحاج، لقاءات مع مسؤولين مصريين في المخابرات، كما التقى سرّاً مسؤولين عسكريين للتطرّق إلى الوضع على الأرض والصعوبات التي تواجه الجيش في فرْض سيطرته. وجرى، خلال الزيارة، الاتفاق على تأييد تدخّل «الجامعة العربية» و«الاتحاد الأفريقي» لإنهاء الصراع، والموافقة على إرسال قوات دولية إلى السودان من أجل مراقبة الهدنة وإدخال المساعدات الإنسانية، مع تقدير الوساطة التي تقوم بها السعودية بالتنسيق مع الولايات المتحدة.ولم يجرِ، حتى الآن، التطرّق إلى إرساء هدنة طويلة الأمد، لكن الجيش السوداني بات أكثر انفتاحاً على آلية دولية للتعامل مع وقف إطلاق النار، وخاصّة في ظلّ مراوحة الأوضاع على الأرض مكانها. وإذ لا تزال التصريحات المعلَنة تعارض التدخّل الدولي لإنهاء القتال، فإن تدخّلاً كهذا بات مقبولاً ضمناً، إلى جانب التسليم بإعادة النظر في مجمل المسار السياسي، وتنحية «الاتفاق الإطاري» جانباً. كذلك، يَجري الحديث عن إمكانية إرسال مصر قوات حفظ سلام عبر «الجامعة العربية» بمشاركة قوات عسكرية من دول عربية أخرى، وخاصّة مع بدء اتصالات أعمق بين القاهرة وقوات «الدعم السريع» واحتمال استقبال الأولى وفداً يمثّل الأخيرة في الأيام المقبلة. وبحسب المعلومات، فإن المداولات مع مبعوث البرهان تناولت ما جرى من اتصالات خلال الأيام الماضية، بين الجيش السوداني والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشكل خاص، فيما برز، بحسب مسؤولين مصريين حضروا اللقاءات، غياب رؤية موحّدة داخل الجيش السوداني للتعامل مع الوضع، وخاصة في الخرطوم.
وتأتي محاولات القاهرة لإحداث اختراق في الوضع الحالي - بالتنسيق مع الإمارات والسعودية -، في وقت تتكاثف فيه مساعي ترتيب لقاء مباشر بين البرهان و»حميدتي» في الرياض خلال الأيام المقبلة، أو على الأقلّ إرسال مبعوثين عنهما للتفاوض في شأن وقف حقيقي لإطلاق النار. وتعمل مصر أيضاً، بالتنسيق مع الأمم المتحدة، على تأمين دخول مساعدات إغاثية إلى الخرطوم مباشرة عبر ممرّات آمنة، وكذلك نقل مساعدات عن طريق البحر إلى ميناء بورتسودان.