«تصفية الحساب»، هو التعبير الذي يستخدمه جيش الاحتلال لدى نجاحه في تصفية أيّ مقاوم، كان استطاع البقاء حيّاً عقب تنفيذ عملية تسبّبت بمقتل أو إصابة جنود إسرائيليين. على أن هذا بالضبط هو ما فشل العدو في تحقيقه صباح أمس، حينما اقتحمت قوّة إسرائيلية خاصة من وحدات المستعربين و«ماجلان» والمظلّيين، بلدة برقين في محافظة جنين، في محاولة لإغلاق ملفّ المطارَد ماهر تركمان «غوادرة»، إذ انتهى الهجوم الكبير باعتقال 5، أحدهم نجل ماهر، أحمد، فيما زعمت سلطات الاحتلال لاحقاً أن الخمسة كانوا يخطّطون لتنفيذ هجمات وشيكة ضدّ الجيش الإسرائيلي، من أن تُظهر أيّ مضبوطات تدلّ على صدق روايتها، باستثناء ملابس وعُصب مطبوعةٍ عليها شعارات خلايا المقاومة. قصّة ماهر تركمان لم تبدأ في الثلث الأخير من أيلول 2022، حينما خطّط المطارَد الخمسيني ونفّذ، رِفقة نجله الشهيد محمد وابن أخيه محمد وليد، «عملية البقيعة» في الأغوار، والتي أدّت إلى أصابة 6 جنود بجروح متفاوتة، إنّما تعود إلى سنوات طويلة من ظلمٍ عايشته عائلته التي تسكن منزلاً متواضعاً في تلك المنطقة، آخذةً نصيباً كبيراً من الحيف اللاحق بالفلسطينيين جميعاً. هناك، كان يقطن والده الذي ناهز عمره الـ90 عاماً، ووالدته المريضة المقعَدة، لكنّ إسرائيل لم تسمح للعائلة الفقيرة بأن تحصل على الخدمات المعيشية الأساسية من كهرباء ومياه وشبكة صرف صحّي، فـ«تمرَّد ماهر عليهم ومدّد للمنزل كلّ الخدمات، لأن الرجل الحقيقي لا يقبل الظلم»، كما قالت والدته في مقابلة تلفزيونية. أمّا الطريق الطيني الوعر الذي يقود إلى البيت المرتفع على الأرض نحو 7 درجات، فقد أبقته سلطات الاحتلال قصداً من دون تعبيد، ورفضت السماح للعائلة برصفه حتى يَسهل نقل الأمّ المريضة إلى المستشفى منه وإعادتها إليه. وفي مطلع عام 2022، توفّي والد ماهر، وحصل الأخير على حقّه من الميراث، والمتمثّل في بندقية «M16» تجاوَز سعرها الـ90 ألف شيكل. وفي اليوم التالي مباشرة، بدأ يخطّط للانتقام.
وفقاً للتحقيقات التي نشرتها المواقع العبرية، فإن ماهر شرع في إعداد مخطّط العملية في نيسان 2022، أي قبل التنفيذ بنحو خمسة أشهر، حيث جهّز مركبة جيب «تندر»، وزوّدها بخزان وقود ومضخّة. وفي صباح يوم التنفيذ، قطع بها طريق حافلة غير مصفَّحة كانت تقلّ جنوداً من وحدة «كفير» لم يمضِ على التحاقهم بالجيش سوى أسبوعين، وأعطى إشارة إلى نجله وابن شقيقه بضخّ الوقود في اتّجاه الحافلة تمهيداً لحرقها، فيما بدأ هو بإطلاق النار على الجنود. غير أن القدر كان عنيداً، إذ لم تشتعل قاذفة اللهب، فيما حاول الرجال، بعدما أفرغوا ما لديهم من رصاص، التخلّص من الوقود والمضخة، لكنّ النيران اندلعت في السيارة، وأتت على الشابَّين اللذَين أصيبا بحروق بليغة، سهّلت عملية تتبّعهما ثمّ اعتقالهما، بينما تمكّن تركمان الأب من الانسحاب من الأغوار، قبل أن يَظهر لاحقاً في جنين.
ماهر شرع في إعداد مخطّط «عملية البقيعة» في نيسان 2022


في منتصف تشرين الأول 2022، أعلنت سلطات الاحتلال استشهاد الأسير محمد ماهر تركمان، ليَظهر آنذاك والد الشهيد، الأب المطارَد، لأوّل مرّة كاشفاً عن وجهه إلى جانب والد الشهيدَين رعد وعبد الرحمن خازم. تحوَّل الرجل إلى واحد من الأمثلة الحيّة على الفشل المستمرّ للمؤسّسة الأمنية الإسرائيلية. وفضلاً عن ذلك، بدا تركمان وكأنه مَن فتح الطريق، وأشار إلى بقيّة خلايا المقاومة شبه المنظَّمة بقدر الامتياز الذي يوفّره العمل في بيئة الأغوار، إذ شهدت المدينة الأمنية المركزية لدى السلطة والاحتلال، مذّاك، ثلاث عمليات تسبّبت آخرها بمقتل ثلاث مستوطِنات، فيما أعلِن في وقت سابق من العام الجاري، انطلاق كتيبة «عقبة جبر» في أريحا.



شهيدان في كمين إسرائيلي
نصبت قوّات العدو الإسرائيلي، أمس، كميناً لمجموعة من المقاومين الفلسطينيين، الذين يزعم العدوّ أنهم كانوا قد أطلقوا النار باتجاه مستوطنة ألون موريه قرب نابلس، من دون وقوع إصابات بين المستوطنين. وبينما كان المقاومون يتنقّلون في سيارة على طريق قرب قرية دير الحطب جنوبيّ نابلس، أطلق جنود العدو النار على السيارة، ما أدّى الى استشهاد مقاومَيْن؛ هما الأسيران المحرّران سعود الطيطي ومحمد أبو ذراع من مخيم بلاطة، وإصابة ثالث تمكّن من الانسحاب من المنطقة. كما زعمت قوات العدو العثور على 3 أسلحة من طراز «M-16» ومسدّسين، بحوزة المقاومين.