الحسكة | لم يَعُد التحالف بين حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» و«قوات سوريا الديموقراطية» خَفيّاً، في ظلّ حرص الطرفَين، أقلّه حديثاً، على تظهيره كعلاقة استراتيجية، تستند، شكلياً، إلى مبدأ «وحدة كردستان» في سوريا والعراق، فيما عملياً ترتكز على أهداف مصلحية مرتبطة بـ«الخصومة» المشتركة مع «الحزب الديموقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود برزاني. وانطلاقاً من ذلك، جاءت زيارة رئيس «الاتحاد الوطني»، بافل طالباني للحسكة، ولقاؤه قيادات «قسد» و«حزب الاتحاد الديموقراطي»، في 21 كانون الثاني الفائت، والتي حملت رسائل إلى برزاني باستعداد الأوّل للانفتاح على «حزب العمّال الكردستاني» من بوابة «قسد»، وللتساوق مع أهداف «التحالف الدولي» في العراق عبر قوات «مكافحة الإرهاب»، في مقابل وجود تيّار كردي يتّهم طالباني بأنه يقود مخطّطاً مدعوماً من تركيا للتغلغل في «قسد» وضربها من الداخل، خدمةً لأهداف أنقرة. وبدأت العلاقات بين الحزبَين بالتطوّر بعد زيارة بافل للحسكة، ووصلت إلى حدّ تسريب معلومات عن سعي «جهاز مكافحة الإرهاب» في «الاتحاد الوطني» إلى تدريب مقاتلي «قسد» على قيادة مروحيات، بالاستفادة من مروحيتَين اثنتَين حصل عليهما الحزب عبر صفقة مجهولة، ومن دون التنسيق مع قيادة إقليم كردستان، وفق بيانات صادرة عن قيادات الإقليم. ولعلّ ممّا أشّر إلى ذلك، حادثة تحطُّم مروحية كانت تقلّ جنوداً من «قسد» مع عناصر من الجهاز المذكور، أعادها «الاتحاد» إلى سوء الأحوال الجوّية أثناء انتقال المروحية بين دهوك والسليمانية، فيما وجّهت أطراف كردية أخرى أصابع الاتّهام بالمسؤولية عنها إلى تركيا. وبعد وقت قصير من تلك الحادثة، جاءت محاولة اغتيال القائد العام لـ«قسد»، مظلوم عبدي، في قصفٍ طاولَ مطار السليمانية، لتكشف مجدّداً عن إرادة الحزبيَن المُضيّ في تحالفهما وتعزيزه، من خلال استضافة «الاتحاد الوطني»، عبدي، على أراضي كردستان العراق، ومحاولة تعويمه إقليمياً. وعلى رغم أن «قسد» حرصت، حتى اللحظة الأخيرة، على تمويه علاقتها بـ«الاتحاد»، لإدراكها أن ذلك سيثير خلافات داخلية في الإقليم، ويسبّب إحراجاً لحكومته أمام تركيا، في ظلّ الحساسية التي تبديها الأخيرة ضدّ «العمّال الكردستاني»، وجناحه السوري المتمثّل في «وحدات الحماية الكردية»، إلّا أن هذا الموقف عاد وتبدَّل لاحقاً، إذ بعدما نفت «قسد» وجود قائدها في السليمانية أثناء القصف، جاء بيان القيادة المركزية الأميركية، والذي أكّد وقوع غارة على قافلة ضمّت أفراداً من الجيش الأميركي هناك، من دون أن يؤدّي إلى وقوع إصابات، ليضطرّها إلى الاعتراف بالحادثة، وتبرير نفيها إيّاها ابتداءً بأنه في إطار «الحرص على سلامة عبدي الشخصية». في المقابل، برز ما نشره موقع «المونيتور» الأميركي من اتّهام لـ«جهاز مكافحة الإرهاب» في «الاتحاد الوطني» بتقديم معلومات إلى تركيا حول مكان وجود عبدي، منقولٍ عن مسؤولين في الجهاز من غير الراضين عن أداء بافل طالباني، الذي يتزايد قلق أنقرة من كونه يقدّم نفسه على أنه صديق لـ«العمال الكردستاني» والجماعات الموالية له، بحسب الموقع. ولا يُعدّ الاتّهام المُشار إليه الأوّل من نوعه، بل سبقته تسريبات كردية وأميركية متقاطعة اتّهمت قيادة «الاتحاد» بالتسبّب بتحطّم المروحية التي كانت تقلّ نُخبة من قيادات «قسد».
عبدي: «موقف حزب الاتحاد الوطني الكردستاني القومي المساند لأشقّائه في سوريا، يزعج تركيا»


على أن الأخيرة لم تقرأ في كلّ تلك الاتّهامات إلّا محاولة لخلق فتنة بينها وبين قيادة «الاتحاد الوطني»، فاختارت الردّ على ذلك بتظهير العلاقة مع الحزب بشكل أكبر، وهو ما تجلّى في إصدارها بياناً أعلنت فيه أنها «نفّذت، للمرّة الأولى، عملية ضدّ خلايا داعش، بالشراكة مع جهاز مكافحة الإرهاب التابع لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وبدعم من التحالف، في بلدة مركدة في ريف الحسكة الجنوبي». وحمل هذا الإعلان رسالة واضحة بأن العلاقة بين الطرفَين انتقلت إلى مستوى استراتيجي، من خلال تنفيذ عمليات مشتركة بالتنسيق مع «التحالف»، وهو ما سيكون من شأنه إثارة حساسية كلّ من أربيل وأنقرة حتماً. وسبق ذلك تصريحٌ لمظلوم عبدي نفسه، إلى مواقع كردية، رأى فيه أن «موقف حزب الاتحاد الوطني الكردستاني القومي المساند لأشقّائه في سوريا، يزعج تركيا»، معتبراً «حادثة الاستهداف رسالة واضحة من تركيا بأنهم منزعجون من ذلك، ويعارضون علاقتنا الدولية ويريدون تخريبها». وتحدّث عبدي عن «وجود غرفة عمليات مشتركة مع أجهزة مكافحة الإرهاب في العراق وإقليم كردستان بعلم من التحالف الدولي، وهي دائماً تثمر نتائج جيّدة لصالح الاستقرار في كِلا الطرفَين العراقي والسوري».