صنعاء | بعد أيام من توجيه صنعاء أكثر من رسالة إلى واشنطن ولندن، أكدت فيها رفضها أيّ وجود عسكري في المحافظات الجنوبية، كثّفت الولايات المتحدة تحرّكاتها العسكرية شرق اليمن، متعمّدة استفزاز حكومة الإنقاذ التي كانت قد لوّحت باللجوء إلى القوّة لـ«تطهير البلاد» من أيّ قوّات أجنبية. ومن دون إذن مسبَق من الحكومة الموالية للتحالف السعودي ـ الإماراتي، زار وفد أميركي رفيع، ضمّ السفير الأميركي لدى اليمن ستيفن فاغن، وقائد القوات البحرية في الأسطول البحري الخامس براد كوبر، محافظة المهرة، تحت مبرّر مناقشة الجهود الأمنية التي يبذلها الأميركيون، بالشراكة مع السعوديين المتمركزين في مطار مدينة الغيضة، مركز المحافظة الواقعة على سواحل البحر العربي. إلّا أن الزيارة التي تُعدّ الثانية خلال عامَين لوفد عسكري أميركي رفيع، بدا واضحاً أنها تأتي في إطار العمل على تعزيز النفوذ الأميركي في سواحل البحر العربي، بما يُراد منه تمكين واشنطن من إعادة تصدير النفط اليمني من السواحل الشرقية لليمن.وظَهر الدور السعودي بارزاً في التنسيق للزيارة، وذلك من خلال استقبال قيادات عسكرية سعودية رفيعة للوفد الأميركي. إذ بحسب مصادر محلّية، اجتمع هذا الأخير مع قائد «قوات الواجب» السعودية (804)، العميد الركن عابد القحطاني، وقائد خفر السواحل في حكومة عدن، اللواء الركن خالد علي القملي، بهدف مناقشة «تنامي الدور العسكري لقوات صنعاء في الساحل الشرقي» وتحديداً بحر العرب. وأتى هذا في أعقاب تسريبات أميركية عن تنفيذ قوّات صنعاء عملية عسكرية ناجحة في الساحل المذكور، في إطار مساعيها لإحباط أيّ محاولات لاستئناف تصدير النفط. وفيما لم تعلن «أنصار الله» عن العملية المُشار إليها، ذكرت مواقع أميركية، أبرزها «Trade Winds News»، أن قوّات يُعتقد أنها تابعة للحركة طاردت قبل أيام، على متن ثلاثة زوارق في المياه الإقليمية الواقعة في نطاق محافظة المهرة، ناقلة غاز مسال وسفينة نقل نفط أثناء اقترابهما من موانئ التصدير في بحر العرب. ووفقاً لأكثر من مصدر، فإن هذه المطاردة جاءت بعدما اكتشفت صنعاء أن قوّات تابعة لـ«التحالف» تقوم بنقل النفط من شبوة عبر صهاريج إلى سواحل المهرة المطلّة على بحر العرب، حيث تستخدم موانئ تصدير بديلة لتلك الرئيسة في شبوة وحضرموت.
الدور السعودي كان بارزاً في التنسيق للزيارة من خلال استقبال قيادات عسكرية سعودية رفيعة للوفد الأميركي


من جهتها، أعلنت القيادة المركزية للقوّات البحرية الأميركية، في بيان، أن زيارة وفدها لمحافظة المهرة «كانت بغرض مناقشة جهود الأمن البحري الإقليمي، والفرص المستقبلية لتعميق التعاون البحري الثنائي، والمتعدّد الأطراف». ونقل موقعها عن الأدميرال براد كوبر قوله إنه التقى، خلال الزيارة، قيادة قوّات خفر السواحل اليمنية المشاركة في تدريبات مكافحة القرصنة المتعدّدة الأطراف، وقال إن «التعاون الثنائي بين الطرفَين ساعد في اعتراض ومصادرة الأسلحة والذخيرة غير القانونية في البلاد». وأشار إلى أن اللقاء ناقش «إطلاق دورة جديدة لعمليات القوارب الصغيرة، لأفراد خفر السواحل اليمني، لتعزيز قدرة الشركاء وقابلية التشغيل البَيني». في المقابل، دانت السلطة المحلّية في المهرة، الموالية لصنعاء، زيارة الوفد الأميركي، ووصفتها، على لسان المحافظ القعطبي علي الفرجي، بـ«الانتهاك السافر للأعراف الدبلوماسية الدولية، والعمل العدائي الذي سيدفع نحو تعكير أجواء السلام والعودة إلى الصراع»، محذّرةً من «إمعان أميركا في انتهاك السيادة الوطنية». كذلك، حذّرت «الجبهة الوطنية الجنوبية لمواجهة الغزو والاحتلال»، في بيان، من مخاطر الزيارات الأميركية المتكرّرة لمحافظتَي حضرموت والمهرة، معتبرةً الزيارة الأخيرة إلى مدينة الغيضة «تواصلاً للتحرّكات الاستعمارية لواشنطن في جنوب اليمن، والتي تؤكّد أن المشروع الأميركي في اليمن مشروع استعمار وليس مشروع سلام». وحمّل الناطق باسم «لجنة الاعتصام السلمي لأبناء المهرة»، علي مبارك محامد، بدوره، «مجلس القيادة الرئاسي» الموالي للسعودية والإمارات، «المسؤولية عن هذه الزيارة التي تُشرعن انتهاك السيادة الوطنية للبلاد»، ورأى أن تلك الخطوة «تنطوي على تأكيد لكلّ التحذيرات التي أطلقتها لجنة الاعتصام حول خطورة انتهاك السيادة وشرعنة الاحتلال»، مضيفاً إن «فشل السعودية في المهرة يدفعها إلى البحث عن غطاء دولي داعم لها متمثّل في القوّات الأميركية».