صنعاء | بعد قرابة عام من تعهّدها لـ«المجلس الرئاسي» بتقديم مِنحة مالية له قدْرها مليارا دولار، أقرّت السعودية إسداء الحكومة الموالية لها مليار دولار كوديعة مالية، إلّا أنها جعلت حقّ التصرّف فيها محصوراً بــ«برنامج إعادة إعمار اليمن» المشكَّل من قِبَلها، على الرغم من أن الوديعة عبارة عن قرض مالي سيترتّب عليه سداد فوائد سنوية تصل إلى 3%. وتمّ التوقيع، أوّل من أمس في الرياض، على الاتّفاق الذي جاء في أعقاب مشاورات أجراها رئيس حكومة عدن، معين عبد الملك، مع «صندوق النقد العربي»، التزم خلالها الأوّل بتنفيذ «الإصلاحات الاقتصادية والمالية الشاملة»، التي طلبها الأخير منتصف العام الماضي. وفي حين سرى الحديث عن أن الوديعة أصبحت تحت تصرّف البنك المركزي في عدن بعدما جرى تحويلها إلى حساب خاص فيه، فإن المعلومات تفيد بأن السعودية قيّدت عملية السحب منها، ومنحتْها لـ«برنامج إعادة الإعمار» برئاسة سفيرها في اليمن، محمد آل جابر، الذي كان قد أعلن إنشاء الصندوق المستدام لتوفير المشتقّات النفطية، بقيمة 600 مليون دولار من ضمن مِنحة المليارَي دولار المُشار إليها أعلاه، بما يمنح البرنامج المذكور حقّ استيراد النفط من شركة «أرامكو» السعودية بالأسعار العالمية، وتسويقه في المحافظات الجنوبية، مقابل تهميش شركة النفط في عدن، وأيضاً السيطرة على سوق المشتقّات النفطية في تلك المحافظات، والذي سبق لشركة «أدنوك» الإماراتية أنْ حاولت احتكاره قبل عامَين.
حصرت السعودية عملية السحب من الوديعة بـ«برنامج إعادة الإعمار» الذي يرأسه سفيرها محمد آل جابر

وبعد تأخرّ دام أشهراً، أعلن آل جابر، في أعقاب توقيع اتّفاق الوديعة، دخول مشروع الصندوق المخصّص لإمداد السوق ومحطّات الكهرباء بالوقود، حيّز التنفيذ، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة في أوساط الموالين لـ«التحالف»، الذين اعتبروا ذلك انقلاباً على الاتفاق المبرَم بين حكومة عدن و«صندوق النقد العربي»، والذي يلزم السعودية بتمويل عشرات المشاريع من الوديعة الجديدة، لافتين إلى أن هذه الأخيرة تحوّلت إلى قرض عالي الفوائد، سيرفع من معدّل الدين العام الخارجي للبلاد من 6.7 مليار دولار أواخر عام 2016، إلى 9.7 مليار دولار العام الجاري. وفي صنعاء، حذّر خبراء اقتصاديون من مغبّة استغلال شركات الصرافة الإعلان عن الوديعة للمضاربة بسعر صرْف العملات المحلّية مقابل الأجنبية، مشيرين إلى أن تأثير الخطوة السعودية في استقرار الوضع الاقتصادي سيكون محدوداً.