غزة | على الرغم من خطورة العدوان الإسرائيلي غير المسبوق على مخيّم جنين، وإعلان جيش العدو تعزيز تواجُده في الضفة الغربية المحتلّة، إلّا أن عيون المستويَين السياسي والأمني في دولة الاحتلال كانت متركّزة على ردود الفعل التي يمكن أن تَصدر من قطاع غزة، وهو ما دفَع السلطات الإسرائيلية إلى إقرار مزيد من الاحتياطات في المنطقة الجنوبية، في وقت حذّر فيه الوسيط المصري من أن الأوضاع قد تَخرج عن السيطرة. ويقدّر جيش الاحتلال بأن عدد الشهداء الكبير الذي أسفرت عنه مجزرة جنين أمس، قد يستجلب ردّاً من الفصائل الفلسطينية في القطاع، وخاصة حركة «الجهاد الإسلامي»، التي زعم العدو أن عمليّته الأخيرة في المخيّم استهدفت ثلاثة من عناصرها، كانوا يخطّطون لتنفيذ هجوم كبير في دولة الاحتلال، فيما اعتبر أليؤور ليفي، مراسل قناة «كان» العبرية، أن «العملية تَخطّت الحدود، وهو ما قد يصل إلى تصعيد مع غزة».من جهتها، أفادت مصادر في «الجهاد»، «الأخبار»، بأن الحركة أجرت مباحثات مع الفصائل الفلسطينية كافّة، وخاصة حركة «حماس»، إضافة إلى مشاورات مع الوسطاء المصريين والأمميّين، مضيفةً أنها نقلت إلى المعنيّين رسائل عاجلة، بعد وقت قصير من بدء العدوان، مفادها «ضرورة إنهاء العملية العسكرية الإسرائيلية، لأن استمرارها سيؤدّي إلى تفجُّر الأوضاع والدخول في مواجهة عسكرية جديدة». وفي الإطار نفسه، حذّر القيادي في «الجهاد»، داوود شهاب، من أن «ما يجري في مخيّم جنين، في حال استمرّ، فلن يبقى محصوراً في المخيّم، بل سيطاول كلّ نقطة في فلسطين»، داعياً «جميع المعنيّين بحالة الهدوء، إلى التدخّل لمنع تفاقُم الأوضاع وكبْح جماح الحكومة الإسرائيلية، وإلّا فإنّنا سنقوم بواجباتنا ومهامّنا في الدفاع عن أنفسنا»، منبّهاً إلى أن «تواصُل العدوان على جنين، سيفتح الأوضاع على كلّ الاحتمالات، وسيأخذنا إلى مواجهة مبكرة مع الاحتلال». وفي الاتّجاه نفسه، حذّرت وزارة الخارجية المصرية من خطورة استمرار عمليات جيش العدو في المدن الفلسطينية، مؤكّدة أن «هذه الأفعال تهدّد بخروج الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية عن السيطرة»، منبّهةً أيضاً إلى «تداعياتها الخطيرة على الأمن والاستقرار في الأراضي الفلسطينية المحتلّة والمنطقة».
عزّز جيش الاحتلال من انتشار نظام «القبّة» في عدد من المناطق الجنوبية القريبة من القطاع


ميدانياً، عزّز جيش الاحتلال من انتشار نظام «القبّة الحديدية» في عدد من المناطق الجنوبية القريبة من قطاع غزة، بما فيها منطقة «نتيفوت» في النقب الغربي، خشية إطلاق صواريخ من القطاع تجاه مستوطنات «الغلاف»، ردّاً على مجرزة جنين، في حين ذكرت مصادر عبرية أن الحكومة الإسرائيلية نقلت إلى حركة «حماس»، رسائل تُحمّلها فيها مسؤولية أيّ عملية إطلاق، وهو ما نفت مصادر في الحركة، لـ«الأخبار»، صحّته. ونقلت «القناة الـ12» العبرية، بدورها، عن مصدر سياسي إسرائيلي تأكيده أن جيش الاحتلال مستعدّ لأيّ تصعيد من غزة، وقولَه «(إنّنا) مستعدّون دوماً للتصعيد من غزة وأيّ جبهة وحتى للحرب... هناك غطاء جوّي كثيف حالياً في أجواء القطاع، وحماس تتحمّل المسؤولية عن إطلاق أيّ صواريخ، ولن نقف مكتوفي الأيدي». بالتوازي مع ذلك، أجرى رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، ووزير خارجيّته، إيلي كوهين - الذي يقود وزارة الجيش مؤقّتاً نظراً إلى سَفر وزيرها يوآف غالنت -، مباحثات عدّة لتقدير الموقف وتطوّرات الأوضاع، أصدرا على إثرها تعليمات للجيش بـ«رفع مستوى التأهّب في مختلف الساحات»، و«العمل على ضبط المنطقة»، وفق تعبير كوهين. والجدير ذكره أنه شارك في تلك المباحثات، أيضاً، كلّ من غالانت عبر الهاتف، ووزير «الأمن القومي» إيتمار بن غفير، ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، ورئيس «مجلس الأمن القومي» تساحي هنغبي، ورئيس الأركان هرتسي هاليفي، وقائد الشرطة يعقوب شبتاي، ورئيس شعبة الاستخبارات أهارون حاليفا، ومسؤولون أمنيون آخرون.
في المقابل، أعلنت «لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية» في غزة الحِداد العام، ودعت إلى تظاهرات وحشود شعبية في محافظات القطاع كافّة تنديداً بمجزرة الاحتلال في جنين، فيما جابت مسيرات عفوية غاضبة شوارع غزة، ونُظّمت عدد من الوقفات التضامنية، غضباً للشهداء، واستنكاراً للعدوان.