يلاحق شبح الطرد والاقتلاع والتهجير أهالي قرية خان الأحمر الفلسطينية، منذ ما يزيد عن 13 عاماً. لكنّ القرية التي تَبعد 15 كم عن مدينة القدس المحتلّة، وتربط بين شمال الضفة وجنوبها، ويَسكنها مئتا فلسطيني غالبيّتهم من الأطفال، عادت خلال اليومَين الماضيين إلى الواجهة، إثر إعلان وزير «الأمن القومي»، المتطرّف إيتمار بن غفير، عزمه تحريك خطّة ترحيل القرية فوراً، على رغم أن وسائل الإعلام العبرية توقّعت استجابة الحكومة لقرار «المحكمة العليا» هدْم «الخان» بوصْفه «غير قانوني»، بتأجيل التنفيذ، الذي يحقّ لها رفضه أو إرجاؤه أو قبوله. وليست معاناة هذه المنطقة بالجديدة؛ إذ عاش أهلها المتحدّرون أصلاً من قبيلة الجهالين البدوية الفلسطينية نكبة التهجير عام 1952، عندما طردتْهم العصابات الصهيونية من أرضهم في النقب، ليستقرّوا مع عشرات القبائل الفلسطينية الأخرى في محيط القدس. ومع احتلال شرق الأخيرة عام 1967، أنشأت سلطات الاحتلال، على أراضي «الخان»، مستوطَنة «معاليه أدوميم» - ثاني أكبر مستوطَنات الضفة - والتي بدأ مع قيامها مشروع تجريف القرية لصالح مخطّط «E1» الاستيطاني الهادف إلى وأد إمكانية الربط الجغرافي بين شمال الضفة وجنوبها. وفي خضمّ ذلك، سعت سلطات الاحتلال، خلال العقدَين الماضيَين، إلى ملء «سلّة» عوامل الطرد، من طريق فرض ما يُشبه الحُكم العسكري على سكّان «الخان» عبر تحديد تحرّكاتهم وتنقّلاتهم، فضلاً عن حرمانهم من حقّهم في ممارسة حياة البداوة ومظاهرها، إلى أن أصدرت «الإدارة المدنية»، في عام 2010، أمراً يقضي بهدم القرية والمنشآت والمساكن المتواضعة كافة فيها، الأمر الذي أدخل أهاليها منذ ذلك الحين في متاهة قضائية بلا أفق، أفضت فقط إلى تأجيل الهدم وتأخيره. وبالتوازي مع المعركة القضائية التي جاءت نتائجها دوماً لصالح سلطات الاحتلال، خاض أهالي «الخان» معركة وجود حيّة مُوازية، تَمثّلت مظاهرها في إصرارهم على البقاء في أرضهم وتمسّكهم بحقّهم في العيش فيها. وعلى رغم أن حكومة العدو قرّرت في عام 2018 تنفيذ عملية الطرد، إلّا أنها سرعان ما تراجعت عن قرارها بأثرٍ من حالة الصمود التي أبداها الأهالي من جهة، وصدور قرار من «المحكمة الجنائية الدولية» حذّرت فيه الأخيرة السلطات الإسرائيلية من الإقدام على تهجير القرية والتجمّعات المحيطة بها في «E1»، معتبرةً أيّ خطوة من هذا النوع «جريمة حرب».
نظّم أهالي قرية الخان الأحمر وعدد من الناشطين الفلسطينيين والمتضامنين الأجانب وِقفة احتجاجية عند مدخلها


مذّاك، يخوض سكّان الخان الأحمر مساراً نضالياً يومياً، رافضين حتى المساومة على أرضهم، بما يشمل القبول بنقلهم منها إلى منطقة أخرى كتعويض لهم عن جريمة التهجير منها. وعادت قضية هؤلاء إلى الواجهة أوّل من أمس، بعدما طالب بن غفير، رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، خلال الجلسة الحكومية الأسبوعية، بالشروع في تهجير «الخان»، مستعرِضاً «البناء غير القانوني» للفلسطينيين في 5 مناطق مصنَّفة «ج»، مشدّداً على ضرورة هدْمها «ردّاً» على إخلاء بؤرة استيطانية أنشأها مستوطِنون يوم الجمعة الماضي بالقرب من مدينة نابلس. كذلك، نظّم أعضاء من الائتلاف اليميني الحاكم، أمس، جولة على مشارف القرية، بهدف تصعيد الضغط على حكومتهم لتنفيذ أمر الهدم. وأتى هذا الاقتحام عشيّة تقديم الحكومة ردّها على «المحكمة العليا» بخصوص إخلاء الخان الأحمر من عدمه في الأوّل من الشهر المقبل، فيما كان عضو «الكنيست» عن حزب «الليكود»، داني دانون، قد قدّم، منذ أسبوع، طلباً بتفعيل قرار المحكمة التي كانت وافقت على طلب منظّمة «ريغافيم» الاستيطانية، التي يرأسها زعيم حزب «الصهيونية الدينية» وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، تدمير «الخان» وطرْد سكّانها.
في المقابل، نظّم أهالي القرية وعدد من الناشطين الفلسطينيين والمتضامنين الأجانب وِقفة احتجاجية عند مدخلها، رفعوا خلالها الأعلام الفلسطينية وشعارات تندّد بمخطّط التهجير، معلِنين أن وِقفتهم تهدف إلى الحؤول دون اقتحام أعضاء اليمين لـ«الخان»، ملوّحين بأنهم قد يتخذون خطوات تصعيدية إضافية تتمثّل في الاعتصام المفتوح فيما إذا صعّدت حكومة الاحتلال إجراءاتها ضدّ «الخان» في الفترة المقبلة.