القاهرة | منذ تشرين الأول الماضي، أُعلن على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي، في ختام المؤتمر الاقتصادي، إنشاء صندوق لتنمية موارد قناة السويس، كان لا يزال ينقصه الإطار القانوني للتفعيل، على رغم وجوده بالفعل منذ عامين تقريباً، ليضيف عبئاً جديداً إلى الموازنة العامة للدولة، والتي تعاني من اختلالات هيكلية جوهرية. ووافق مجلس النواب، في جلسته العامة أوّل من أمس، على مشروع قانون مقدَّم من الحكومة بشأن تعديل بعض أحكام قانون نظام هيئة قناة السويس الرقم 30 لسنة 1975، لكنه أرجأ التصويت النهائي عليه إلى جلسة لاحقة لعدم توافر النصاب اللازم لإمراره. وتعتمد فكرة الصندوق على احتفاظ هيئة قناة السويس، التي تشكّل المصدر الأول للدخل بالعملة الأجنبية، بعائداتها من أجل زيادة ملاءتها المالية وقدرتها على الربح، باعتبارها هيئة مستقلّة يمكنها استغلال أموالها بالطريقة التي تراها مناسبة.وسيتيح القانون المعدَّل للهيئة شراء الأصول الثابتة والمنقولة وبيعها وتأجيرها واستغلالها والانتفاع بها، بالإضافة إلى تأسيس الشركات واستثمار أموالها، وغيرها من الصلاحيات التي ستتيح لحساباتها الخروج من موازنة الدولة العامة، علماً أنها حقّقت خلال العام المالي الحالي إيرادات تقترب من 8 مليارات دولار. وتبدو هذه التعديلات متّسقة مع فلسفة السيسي الاقتصادية القائمة على استغلال الأصول المربحة وتحويل أموالها إلى خارج الموازنة، على غرار ما حدث من قَبل مع هيئة المجتمعات العمرانية، مع الأخذ في الحسبان أن مثل تلك الخطوات تزيد من عجز الموازنة في ظل استمرار الشحّ المالي، وتراجع عمليات التمويل للوزارات والهيئات الخدمية. وبينما تخضع الموازنة لترشيد حادّ في الإنفاق ومراقبة صارمة من «صندوق النقد الدولي» قبل تقديم مزيد من الدعم المالي للاقتصاد المصري، ستكون أوجه صرف عائدات القناة مرتبطة بشكل رئيس بالمشروعات التي يوجّه الرئيس بتنفيذها، في وقت تسرّع فيه الدولة مفاوضاتها مع دول الخليج في شأن عمليات الاستحواذ. وفي هذا الإطار، أعلن وزير النقل، كامل الوزير، أمس، عن مفاوضات مع الموانئ الإماراتية والقطرية للدخول فى الاستثمارات الخاصة بإدارة وتشغيل عدد من الموانئ المصرية، في ظلّ خطّة التطوير والاستثمار التى يجري تنفيذها حالياً في عدّة موانئ من مثل الدخيلة ودمياط وسفاجا وجرجوب وغيرها، مشيراً إلى أن جميع الموانئ سيتمّ إنشاء مناطق لوجستية بجوارها لربطها بالموانئ الجافة، وبالتالي بالنقل عبر السكك الحديد، والذي تعمل الوزارة حالياً على رفع معدّلاته، بما يزيد من حركة التداول والتصنيع.
سيتيح القانون المعدَّل للهيئة شراء الأصول الثابتة والمنقولة وبيعها وتأجيرها واستغلالها والانتفاع بها


وبالعودة إلى قرار مجلس النواب، والذي أثار غضباً جرى التعبير عنه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، سارع رئيس المجلس، المستشار حنفي الجبالي، إلى التأكيد أن التعديلات القانونية، ومن بينها حقّ الصندوق المزمع إنشاؤه فى بيع أصوله الثابتة أو المنقولة أو شرائها أو تأجيرها أو استغلالها، يتفق مع طبيعة الصناديق كوسيلة من وسائل التمويل والاستثمار، ولا يمسّ بشكل مباشر أو غير مباشر بقناة السويس. وأكد الجبالي الذي يُتوقع أن يوافق على التعديلات القانونية سريعاً، أن لفظ «الأصول» لا يمكن أن ينسحب، بأيّ حال من الأحوال، على القناة ذاتها؛ باعتبارها مالاً عاماً لا يمكن التفريط به، التزاماً بالمادة 43 من الدستور، والتي تحظر المساس بأموال الدولة أو التصرّف فيها أو بيعها. أمّا الحكومة، فبرّرت خطوتها بوجود تحدّيات تواجه قناة السويس ربطاً بالطرق والممرّات المنافسة، الأمر الذي يستلزم تطويرها باستمرار، مع عدم توضيح كيفية معالجة إخفاقات المشروعات التي ستقوم القناة بالاستثمار فيها.
يأتي ذلك في الوقت الذي يتوقّع فيه «صندوق النقد الدولي» مزيداً من الإجراءات خلال الأيام المقبلة، وتحديداً إنهاء العمل بالاعتمادات المستدامة نهاية الشهر الحالي، ورفْع الفائدة خلال اجتماع البنك المركزي المقرَّر يوم غد الخميس، بالإضافة إلى رفع شرط خطاب الاعتماد لعمليات الاستيراد، وما سيتبعه من تذبذب في سعر الصرف.